سيف الجامعة: بعت شقة زواجي لإنتاج (شريط مريم ومي)
قلة من الفنانين هم من يشبهون “سيف الجامعة” فإلى جانب طموحه اللا محدود وموهبته الغنائية والتطريبية الفذة، فإنه مثقف ومؤهل أكاديمياً، وضع كثيرون “سيف” كامتداد لجيل الفنانين أصحاب المدارس المختلفة، مثل “مصطفى سيد أحمد”، والعملاق “محمد وردي”، حيثُ شق “سيف” طريقه وسط الكبار، وقدم نفسه في تجربة تُعد الأصعب، والأقوى في مسيرته عندما قدم أحد أشهر (ألبوماته) في وقت كان فيه الاستقطاب السياسي حاداً جداً، ونفذت أغاني ذاك الألبوم إلى وجدان الناس فرددوا طويلاً أغنياته مثل (وحشتني، واعذريني).
وخلال مسيرته الطويلة تعامل “سيف” مع عدد من الشعراء الأفذاذ أمثال “الكتيابي، محجوب شريف، أبو قطاطي، محمد طه القدال، ومدني النخلي”، واستفاد من تجربة الراحل “مصطفى سيد أحمد”، و”عثمان حسين” فغنى للوطن والحب والحياة.
ولأن غناء “سيف” يفتح الروح ضلفتين، التقيناه في هذه المساحة.. فبماذا خرجنا منه؟
الموت خارج الفن
{ صف لنا في كلمات قليلة العلاقة بينك وبين الفن؟
ـ العلاقة كانت قدرية، فمنذ أن وعيت الدنيا، وجدت نفسي داخل بحار الفن، وعلاقتي به مثل علاقة السمك مع الماء، إذا خرج سيف عن الفن سوف يموت.
{ كيف وضعت أولى خطواتك على عتبات الفن؟
ـ على مستوى الهواية منذ الطفولة، إلى أن وصلت الجامعة وكانت البداية الحقيقية بالنسبة لي في مطلع الثمانينيات خلال النشاط الثقافي بجامعة الخرطوم، وكان يبث ذلك النشاط بالتلفزيون القومي عبر برنامج (فرسان في الميدان) الذي كان يقدمه الإذاعي المخضرم “حمدي بدر الدين”، وهو أول برنامج قدمني للجمهور، وكنت وقتها أغني لـ “عثمان حسين والكاشف) وتغنيت حينها بـ(خاطرك الغالي واحرموني)، وبعد ذلك شاركت في ليلة “خليل فرح” بالمسرح القومي كأول حفل جماهيري لي سنة 1982م.
رسائل قصيرة
{ أشخاص تود أن تبعث لهم برسائل؟
ـ أولهم الأستاذ “أبو قرون” الذي قدمني للإذاعة، و”معتصم فضل”، والراحل “حمزة مصطفى الشفيع”، والموسيقار “محمد آدم المنصوري”، وغيرهم من الشعراء، أمثال، الكتيابي، عزمي أحمد خليل، والنخلي.
{ المستوى الأكاديمي هل هو معيار أساسي لنجاح الفنان؟
ـ الموهبة هي الأساس، وأيضاً العلم ضروري، وموهبة بلا خطة إعلان مبكر للفشل.
{ الفنانون الشباب.. رأيك شنو؟
ـ بينهم كثير من الأصوات الجميلة، لكن لا توجد رعاية حقيقية وواعية لهذه الأصوات، ما يجعل استمرارها صدفة فقط.
{ شنو المعيار في تصنيف الأغنية بأنها هابطة أو غير ذلك؟
ـ من حيث الإنتاج (التلحيني) لا يوجد تدهور، لكن هنالك ظواهر سالبة في تدني الذوق عند بعض الملحنين، أدى لوصول الجمهور لمرحلة لم يعد ينظر فيها للمعيار الفني، والكلمات، والجمل اللحنية، وفي النهاية كل ما هو جيّد سيستمر، أما الزبد فيذهب جفاء.
المشاركات الخارجية (هرجلة شديدة)
{ لمن يسمع “سيف”؟
ـ لعدد كبير من الفنانين، على رأسهم “محمد الأمين، أبوعركي البخيت، مصطفى سيد أحمد، محمد وردي، عثمان حسين، والكاشف”.
{ (وصتني وصيتها) محطة “سيف” الأخيرة؟ ما رأيك؟
ـ هذا غير صحيح، والدليل أنني واصلت إلى (اعذريني، زولة تفتح الروح ضلفتين، ويا جارة) وأغنيات أخرى، لاقت نجاحاً كبيراً.
{ مشاركات الفنانين في المهرجانات الخارجية.. مطلوب تفسير لكيفية الاختيار؟
ـ المسألة برمتها غير منظمة، هي اجتهاد شخصي، ونحن نسهم فيها بجهد المقل، وعلى المرء أن يسمع أكثر لمن بيدهم الأمر.
{ الأغاني الرمزية.. هل هي أغاني صفوة؟
ـ هنالك مستويان من الإبداع عادة، هنالك أغنية لها أهداف، تناقش قضايا بعينها، وهنالك أغنية تشتغل على قضايا سطحية، والغناء الحقيقي في مستواه العالي ثقافي وغير مطروح للصفوة فقط، بل لكل الناس، قد يصادف أهواء الصفوة فينسب إليهم.
{ ماذا أضاف الملحن “علي أحمد” أو “صلاح إدريس” إلى رصيدك؟
ـ جمعتني به أكثر من عشرة أعمال من كلمات الشعراء “الحلنقي وأبو قطاطي” وآخرين. وكانت من أجمل وأعذب الألحان، وأغنية (اعذريني) هي الدليل القاطع على أن صلاح إدريس ملحن فذ،، وأنا شخصياً اعتبر الصوت موهبة من عند الله، ولا بد أن يُسمح له بالتعامل مع كل الملحنين القادرين على الإبداع.
بيع الشقة من أجل (الشقشقة)!!
{ حدثنا عن تجربة شريط مريم ومي؟
ـ هذا الشريط خرج للناس عام 1994م، حين كان الاستقطاب السياسي حاداً جداً، ووجد قبولاً كبيراً لدى الجمهور، ووزع مجاناً، حينها لم أجد شركة تتصدى لإنتاجه، فقمت ببيع شقة زواجي وأنتجته على نفقتي الخاصة، وبعدها وزعته مجاناً نسبة لقيمته الفنية العالية.
{ وعن علاقة الفنان بالسياسة؟
ـ في رأيي الشخصي، أن الفنان هو لسان حال الشعب، هذا إذا كان فناناً حقيقياً، و جب أن يقف على خط الناس في مواجهة بعض الأنظمة، لكنني لست مع أن يسجن الفنان نفسه داخل أية منظومة سياسية أو حزبية.
{ ألحانك أصبحت مكررة.. ما هو السبب؟
ـ أتحدى من يقول ذلك، فأنا حريص جداً أن تكون أعمالي جديدة نصاً ولحناً، وهذا ما يشهد به كل الوسط الفني.
{ كلمة أخيرة..
الشكر لصحيفة (المجهر)، وللجهود التي تبذلها ومهنيتها العالية.