الديوان

وجوه سودانية : حميد.. أحمل معك أغنيتك.. فحملها ليس بالثقيل!!

وحين كان “الكتيابي/ عبد القادر” يرقص مُهتاجاً، قال: (مسافرون ريثما يكف عن دواره المكان)، ولأن المكان لن يكف عن الدوار، فإن الأسفار لن تنتهي. وفي سفره الطويل منذ ميلاده عام 1956م بريفي نوري، ودراسته الأولية والوسطى بها، والتحاقه بثانوية عطبرة الشعبية، وعمله في هيئة الموانئ البحرية وتنقله بين الخرطوم وبورتسودان، واغترابه وعودته، ثم مغادرته الفاجعة، ظل “محمد الحسن حسن سالم حميد” يدور كما يدور المكان.
(1)
والصورة التي هنا، تحيلك إلى ما لا نهاية لها من خيالات وأسماء وأمكنة وأشعار، وكأني بـ(عصام) وهو يدفع بها من ذاكرة (كاميرته) إلينا، يقول: هل قرأتم “رسول حمزاتوف”
يخرج المسافر في سفر.. فماذا يحمل معه؟
هل يحمل شراباً؟
هل يحمل خبزًا؟
لكن يا ضيفي العزيز لن نتأخر في إكرامك
ولن تحتاج إلى ما تحمل
فالمرأة الجبلية سوف تخبز لك خبزاً
والرجل الجبلي سوف يقدم إليك الشراب
يخرج المسافر في سفر.. فماذا يحمل معه؟
أغنية يحمل؟
لكن يا ضيفي العزيز، الأغاني المدهشة عندنا
ولا حصر لها في الجبال
لكن لا بأس.
أحمل معك أغنيتك فحملها ليس بالثقيل  
وحميد حين خرج (مسافراً) ورحل، لم يجد زاداً يكفيه عنت الطريق غير أغنيته فحملها وسافر.
(2)
وعدسات نظارتك يا “حميد” تبدو كظل باذخ يرتاح عليه من حملت لهم أغنيتك من الغلابة والمسحوقين من كلاة الموانئ، حشاشة القصوب، لقاطة القطن، والشغلانتو نار، وتبدو كمحراب (للقائمين ثلاثة أرباع ليل الغريب وكامل ليل البلاد)، كما قال “محمد مدني”.
وخصلات الشعر المتمردة من بين تلافيف العمامة الضاغطة، والعينان خلف (النظارة) تضجان شعراً وإنسانية وربما (ذهولاً)، أليس كل شيء مذهل في هذه البلاد.
(3)
ثم سيرتك لا تنتهي، ولست بصددها، لكنها كاميرا “عصام” رمت إلينا بفلذات (صورها)، فقهرتنا على الغناء في زمن الشدة كلها، وزمن مطففي الشعر ومصففي القوافي، و ….
يا وطن عز الشدايد..
يا هدى الناس الحيارى
ثم، شعرك وصورتك لن يكفا عن الدوار فينا، طالما تدور الأرض، وسنظل نحمل أغنيتك لأن حملها ليس بالثقيل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية