حوارات

(المجهر) في حوار مختلف مع القيادي الجنوبي "عبد الله دينق نيال" (2-2)

* هنالك (مليشيات) قاتلت مع الحكومة ولكنها (بيعت)، فاضطر جنوبيو الداخل للإنضمام للحركة
* عند الاستفتاء ، صوت للانفصال ، لانو كان  رغبة أهلي
* هذه قصة صفعي النائب البرلماني واحتدادي مع الرئيس، انتهاء باعفائي من الوزارة
حوار ـ هبة محمود
* تفاجأت باختياري ، مرشحاً للحزب،  في الانتخابات  الرئاسية
حوار – هبة محمود
{ عقب خمسة أعوام من المفاصلة أتت نيفاشا بـ(سلبياتها) و(ايجابيتها).. في كلمات، كيف قرأت بنود هذه الاتفاقية؟
–    نيفاشا كانت تفصيلاً لمذكرة تفاهم وقعناها مع الحركة، والتي بسببها تم الزج بنا في السجون، حيث تضمنت تسع نقاط، ولكن نيفاشا دخلت فيها كونفدرالية قرنق دون أن يذكر، بحيث إن الجنوب أصبح خارج سلطة الدولة، والرئيس السوداني ما كان عندو سلطة على الجنوب بعد نيفاشا، يعني الجنوب كان يدير نفسه عبر حكومة الجنوب.
{ من خلال نظرتك للاتفاقية وبنودها.. هل كنت تعتقد أن العمل على خيار الوحدة الجاذبة يمكن أن يجدي نفعاً؟
–    أبداً ، لأن نيفاشا فصلت الجنوب، والذي عُمل كان مجرد إخراج، أنا قلت ليك الجنوب خرج من سلطة الدولة في الشمال!.
{ يعني كنتم تعلمون النتيجة مقدماً؟
–    يعني رئيس جمهورية لا يستطيع أن يزور الجنوب إلا بإذن حكومة الجنوب دا معناهو شنو؟ إن الجنوب ماشي في طريقه للانفصال، ودا كان واضح  في الأيام الأخيرة، لذلك حاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه بما يسمى بالوحدة الجاذبة.
 { أين دوركم أنتم (جنوبيي الداخل) من العمل على ضرورة الوحدة؟
–    نحن تم إقصاؤنا من الجنوب، ولم يتم إشراكنا في الفترة الانتقالية (ست سنوات)، و(70%) من الجنوب تم إعطاؤه للحركة الشعبية (سلطة ومال)، أضف إلى ذلك أنهم كانوا يمتلكون جيشاً غير الجيش المشترك مع الحكومة، يعني (جنوبيو الداخل) لو اشتركوا مناصفة أو قريباً من المناصفة لاختلفت النتائج، هنالك (مليشيات) قاتلت مع الحكومة ولكنها (بيعت)، ولذلك اضطر جنوبيو الداخل أن ينضموا للحركة، وكان ممكن يقيفوا مع الحكومة لو أنهم أشركوهم في الحكم، عشان كدا كان واضحاً أن الاتفاقية فصلت الجنوب، والحكومة حاولت تصلح ما يمكن إصلاحه عبر الوحدة الجاذبة، لكن سبق السيف العذل.
{ عقب الاتفاقية والانتخابات كانت المفاجأة أن يتم ترشيحك أنت من قبل حزب (المؤتمر الشعبي).. هل توقعت هذا الترشيح؟
–    الحزب عمل شوري.  نحن كنا أربعة مرشحين، لكن مجلس الشورى اختارني بنسبة (76%) . وكان دا قرار الحزب، وأنا ذاتي فوجئت.
{ ما هي فلسفة شيخ “الترابي” عليه رحمة الله في ترشيحك لرئاسة الجمهورية؟
–    ضاحكاً والله ما عارف، لكن أنا البعرفو انو الحزب بمبادرة من الأمين العام،  وافق على ترشيحي، جائز يكونوا عايزين يعملوا وحدة جاذبة.
{ يقال إن “الترابي” دفع بك رامياً إلى الوحدة؟
–    جائز.
{ توقعت الفوز؟
–    لا.. لأننا كنا نعلم أن الحكومة ستعمل على تزوير الانتخابات، لكننا كنا عاوزين نرسخ تجربة.
{ في الاستفتاء لمن صوت؟
–    أنا صوت للانفصال،  وجابتو قناة (الجزيرة) في برنامج ضيف المنتصف، دي رغبة أهلي لان التيار بقي واضح.
{ عقب الانفصال ، وأنت تحزم أمتعتك في طريقك إلى الجنوب.. ما هو شعورك وأنت تفارق وطنك الشمال الذي ترعرعت فيه،  والشماليين الذين تربيت معهم؟
–    أنا إلى الآن شمالي، ولكني كنت أشعر بقلق وحزن وأنا في طريقي مغادراً نحو بلدي الجنوب، إحساسي كان زي وكأنني فقدت أحد أطرافي، ولكن كان هذا واقعاً وقدراً لازم الزول يمشيهو.
{ كيف استطعت التأقلم مع الحكومة هناك.. وكيف كان شكلها؟
–    طبعاً أنا في البداية كنت رئيس حزب (المؤتمر الشعبي) وعضواً في مفوضية المراجعة الدستورية في الجنوب، وأستاذ في جامعة جوبا، وأتيت الحكومة بعد سنتين، حيث تم تعييني وزيراً للكهرباء والسدود والمياه لمدة ثلاثة أيام، ثم تم إلغاء القرار لأن الكتلة البرلمانية اعترضت عليه، واجتمع ما يفوق  الثلاثمائة عضو، وقالوا للرئيس (كيف تجيب الإسلامي هذا وتعينه وزيراً لأهم وزارة خدمية)، وتعللوا للرئيس بأنني من الممكن أن أنجح في الإتيان لمدينة “جوبا” بالماء والكهرباء، لأن العمل فيها بالمولدات، فهم كانوا خائفين من نجاحي، واستطرد: غريبة أنهم يعترضوا على شخص ممكن أن يحقق خدمات ضرورية للمنطقة.
{هل  تعتقد أنهم  سعوا وراء  سوء الأوضاع المعاش بالجنوب الآن؟
ما عارف.. يسألوا هم عن هذا الأمر، ولكن منطقهم كان غريب، حتى أن الرئيس رد عليهم ،واتهمهم بالفشل، وقال لهم أنتم من 2005 وحتى 2013 فشلتم في أن تأتوا للعاصمة بالكهرباء أو المياه، ولك أن تصدقي أن موية مفلترة ونظيفة في المواسير غير موجودة، المستطيعون في الجنوب يشربون مياهاً معدنية، أما باقي الشعب فيشرب مياهاً ملوثة، وبعد رد الرئيس عليهم ما كان منهم إلا أثاروا موضوعاً آخر، فقالوا إنني من مدينة “بور” وهناك وزيران آخران من نفس المنطقة أيضاً، كيف له أن يأتي من “بور” فقط بثلاثة وزراء اتحاديين، فقد كان هناك وزير دفاع ووزير الإعلام وأنا من نفس المنطقة.
{ بماذا أجابهم الرئيس؟
–    رد عليهم قائلاً: ( نحن جبناه من حزبه ما جبناه لانو هو من بور لكن صادف أن يكون من بور)، وبعد ثلاثة أيام قام الرئيس بإعفائي من منصب “وزارة الكهرباء والسدود” ونقلني إلى وزارة البيئة، ومكثت بها حوالي أربعة أشهر تقريباً.
{ صفعك للنائب البرلماني هو الذي عجل برحيلك من وزارة البيئة؟
–    أيوة، فالرجل كان على قرابة مع الرئيس.
{ لماذا أقدمت على مثل هذا التصرف وأنت قبل كل كنت وزيراً للإرشاد؟
–    لأنه كان يجلس بالقرب مني و(يشتمني)، يعني ما كان في طريقة، غير أن أضربه، يمكن لو كانت المسافة بيني وبينه بعيدة كان من الممكن أن تمتص غضبي، أنا كنت في قمة الغضب لأنه سب (أمي وأبوي)، وتصرفت هذا التصرف وكان تصرفاً لا إرادي، والإنسان لما يكون في قمة الغضب يكون غير مدرك لما يفعل.
{ هذا التصرف انقص منك واهتمت به الوكالات العالمية حتى صحافتنا هنا؟
–    والله للآخرين أن يقولوا ما يقولوا، أنا كنت مثاراً لأقصى درجة والقانون الجنائي يحميني، ولو كنت قتلته القانون سوف يحميني.   
{ على ماذا كان خلافكما؟
–    دا كان قدر عارض، نحن كنا في البرلمان في مكتب رئيس لجنة التشريع والعدل، وأنا عادة قبل بدء الجلسة أميل إلى الجلوس في مكتبه عندما يكون المجلس منعقداً، وهناك ألتقي بأعضاء برلمانيين ووزراء، نجلس لتناول فنجان قهوة ونتحدث في السياسة العامة، وهذا الشخص عندما دخل علينا وجدنا نتحدث في موضوع (أبيي)، سلم علينا وجلس إلى يميني، وبدأ يشترك معنا في الحديث، وقال إن ناس أبيي مش فاضين للحكومة ولا “الأمم المتحدة” ولأي شخص، وعملوا استفتاءهم وقرروا مصيرهم أن يتبعوا للجنوب، في هذا الأثناء رد عليه وزير العدل السابق “جون لوك”، وقال له إن هناك برتوكولاً لأبيي، ومن ضمن البرتوكول أن يقوم بالاستفتاء ثلاث جهات، وهي حكومة السودان وحكومة “جنوب السودان” و”الأمم المتحدة”، وما فعله سكان “أبيي” لا قيمة سياسية وقانونية له، وأنا هنا قلت له إن “أبيي” نفسها واقعة في مملكة قديمة تسمى (مملكة تقلي) وهي مملكة نوبية، وما أن فرغت من حديثي حتى وجدته يسيئني بفاحش القول ويتهمني بالخيانة وبيع الجنوب، وحتى هذه اللحظة لم أزعل لانو دي كانت شتائم سياسية، فسألت الناس وقلت لهم من هذا؟، وقبل أن يجيبوني وجدته يسب (أمي وأبي)، ولذلك قمت بصفعه لأنني شعرت بأن هذا الرجل بحاجة إلى تأديب.
{ على الفور قام الرئيس بإعفائك؟
–    الرئيس كان في “الكويت” لحضور مؤتمر قمة عربي وأفريقي، اتصلوا به وحكوا له الواقعة، وقالوا إنني اعترف بشمالية “أبيي”، وطبعاً الرئيس جاء مشحوناً من هناك، وفي اجتماع يوم (الجمعة) في مجلس الوزراء اجتمعنا، ولما بقت الساعة واحدة ونص ظهراً استأذنت لأداء صلاة (الجمعة)، عندها الرئيس تذكر الموضوع، وقال لي: (إنت ضربت زول يا السيد الرئيس)، فقلت: له نعم، لكن ناديني في المكتب لان هذا مجلس وزراء ولا ينفع لمناقشة هذه الأمور، فقال لي لا هذا الأمر يجب أن يناقش هنا، وعندها جلست وسردت له تفاصيل ما حدث، فدخل معي في نقاش وعندها احتدينا و…
{مقاطعة.. هل تدخل أحد الحاضرين؟
–    أبداً مافي حد تدخل، أنا والرئيس حوالي نص ساعة نتحدث واحتدينا، لان كلامه بالنسبة لي لم يكن منطقياً، فقد كان يقول لي ما كان تضربو، كان تشتمه زي ما شتمك وإنت وزير ليس من المفترض أن تضرب الناس، وما تعرف (إيش) وانتو ناس المؤتمر الوطني من زمان بتشتمونا وووو، وأنا صراحة احتديت معه، وبعدها قمت لصلاة (الجمعة) واستأذنت منهم، وعندها قال لي: أنا بناديك، فقلت له: أنا موجود، لكن بعد كم يوم أصدر قراراً بإعفائي من منصب وزير البيئة، وبعد أسبوع من القرار مشيت مصر.
{ لماذا؟
–    أسرتي قاعدة هناك، مشيت ارتاح، ما زول مرفود.  أخذت راحة شهر ونص، تلفزيون الجنوب ما بفتحو عشان ما أعرف الحاصل شنو وتأسفت للوضع الحاصل.
{ عدت للجنوب مرة أخرى؟
–    أيوة عدت مرة أخرى ،ووجدت نفس الحكومة موجودة ،عدا أنا الشالوني بقرار طبعاً.
{ كيف كان شكل الحكومة هناك؟
–    الحكومة معظمها حركة شعبية، أنا بس من قدمت  من حزب المؤتمر الشعبي، وهناك ثلاثة أو أربعة وزراء من أحزاب أخرى فقط، لكن الغالب حركة شعبية.
{ هل كانوا جميعهم على وفاق؟
–    أيوة ما كان عندهم مشكلة، لكن كانوا مختلفين في رئاسة الحزب ومتصارعين على قيادته (نائب الرئيس) و(الرئيس)، وكان خلافهم ظاهراً للعيان.
{ توقعت أن يحدث ما حدث بينهم؟
–    كنت متوقعاً أن يشتبكوا لأنهم وصلوا إلى سقف الخلافات إلى درجة أنهم في اجتماع مجلس التحرير، وكان منقولاً على الهواء، رفض نائب الرئيس أن يسلم على الرئيس وكذلك الرئيس.
{ دوركم في إيقاف الحرب؟
–    دعانا نائب الرئيس كرؤساء أحزاب ووزراء في القصر، لحضور اجتماع شورى حول قرار عدم ذهاب وفد الحكومة للمفاوضات في “أديس أبابا”، بسبب بيان قادة الإيقاد المشترك الذي اشتمل في الفقرة (10 و11) على مجموعة العشرة ناس “باقان أموم” وديل وهو ـ أي الرئيس ـ لا يريدهم أن يظهروا في البيان المشترك، وأن يشاركوا في مفاوضات السلام، فقام بدعوتنا والجميع أجمعوا على قرار الرئيس بمقاطعة المفاوضات، عدا أنا عارضت وقلت لهم من غير الممكن أن تكون هناك حكومة راشدة تقول ما ماشة المفاوضات والبلاد تشتعل، وقلت لهم إن القرار غير حكيم، وفي النهاية الرئيس قرر ذهاب الوفد للمفاوضات، ومن حديثه شعرت أنه متأسف على رفدي لان أهله ضغطوا عليه.
{ شعرت أنه من الممكن أن تعود قريباً وزيراً لأي وزارة؟
–    ممكن، هو ناس قتلوا أبرياء رجعوهم أنا عملت شنو يعني؟.
{ أنت الآن في الخرطوم منذ حوالي عام.. ماذا تعمل هنا؟
–    شغال بحث.
{ في إحدى الندوات الأخيرة ذكرت أنه لا مانع من التطبيع مع “إسرائيل”؟
–    أنا ما قلت كدا، أنا سألت الوزير “غندور” وهو كان يتحدث عن علاقات السودانية الأمريكية، ويتحدث عن مآخذ الأمريكان على السودان، وذكر مآخذ منها الإرهاب وإيواء الإرهابيين وهكذا ، أنا في مداخلتي قلت للسيد الوزير، أنا صدفة بقيت وزير خارجية بالإنابة لمدة ثلاث سنوات، وأعلم أن الأمريكان من وراء الباب لديهم مآخذ غير التي ذكرتها واحدة من هذه المآخذ هي البترول، باعتبار أننا أعطيناه للشعب (الأصفر) وهم الصينيون والماليزيون ودي واحدة من المآخذ، لأن شركة (شيفرون) هي التي اكتشفت بترول السودان  والأمريكان يفتكروا انو السودان يجب أن يقوم بطرد الصينيين ويعودوا بدلاً عنهم، والشيء الثاني هو (التطبيع)، حيث إنكم تقفون عقبة أمام التطبيع مع “إسرائيل”، وسألت الوزير، دي مآخذ ما قاعدين يقولوها ليكم؟ فرد عليّ قائلاً: يا عبد الله تطبيع مع إسرائيل! ثم قال سندرس الأمر، فهو ما قال تطبيع ولا أنا قلت تطبيع، ووسائل الإعلام أخذته بهذه الطريقة، وقالوا “عبد الله” هو القال، ومرة يقولوا الوزير هو القال، أنا وريتو انو هنالك مآخذ يقولونها في الخفاء وليس العلن.
{ من وجهة نظرك.. إلى أي مدى طرد الشركات الصينية مهم في علاقاتنا مع “أمريكا”؟
–    مهم طبعاً، لان تكنولوجيا البترول الحقيقية لدى الأمريكان، لكن مشكلة الأمريكان أنهم سيسوا الأمر منذ عهد “نميري” لما طبق الشريعة الإسلامية، وقاموا بقفل الآبار وخرجوا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية