الآن فقط .. بدأت المفاوضات!
{ اجتماع الرئيسين “البشير” و”سلفاكير” في ” أديس أبابا”، بترتيب (سوداني) كامل، اختراق مهم ومطلوب في ملف العلاقات بين السودان ودولة الجنوب.
{ ويستحق رئيسا الوفدين المفاوضين الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” و”باقان أموم أكيج” تحية خاصة وتقديراً على هذه المبادرة الطيبة، والمجهود المقدر في الجمع بين الرئيسين، لحسم بعض القضايا العالقة، للمساعدة في انطلاق المفاوضات على الطريق الصحيح.
{ أظن أن المفاوضات (الحقيقية) قد بدأت (قبيل) و(خلال) هذا اللقاء، وما سبقه من (جولات) كانت لـ (طق الحنك) والسياحة وتضييع زمن الشعب السوداني في الشمال والجنوب.
{ لقد ظللنا نوجه انتقادات مستمرة للوساطة (الأفريقية) التي يقودها “ثابو امبيكي” رئيس جنوب أفريقيا السابق، ومنهجها التسويفي العقيم، وأشرنا إلى شبهات الارتباط بالأجندة (الغربية) في طريقة عملها، ومخرجاتها (الصفرية)، ووصفنا أكثر من مرة مفاوضات “أديس أبابا” بأنها (عبثية)، ولن تؤدي إلى نتائج إيجابية لصالح البلدين إذا استمرت بذات الوجوه، وذات المنهج، وقد صدقنا، وفشلت (كل) الجولات السابقة، ولم يظهر تقدم محسوس إلا عندما انفرد الفريق “عبد الرحيم” بالسيد “باقان” بعيداً عن “أمبيكي” ووساطته المريبة، وتقاريره العجيبة لمجلس الأمن، رغم ما يبديه الرئيس “البشير” من ثقة في هذه الوساطة، وهي ليست في محلها للأسف!!
{ وقبل أكثر من شهرين طالبنا في هذه المساحة وزير الخارجية الأستاذ “علي كرتي” بالقيام بزيارة إلى “جوبا” لإحداث الاختراق المطلوب بعيداً عن (الوساطات) والخبراء (الأجانب) من أمريكا وأوروبا ودول أفريقية أخرى ليس من مصلحتها تطبيع وتطوير العلاقات بين شطري السودان..
{ إننا ندعو إلى المضي قدماً في المقترح (العملي) للرئيس “سلفاكير” بإعادة ضخ نفط (الجنوب) عبر أراضي وأنابيب ومحطات وموانئ (الشمال)، والاتفاق عاجلاً على (سعر) مناسب للبرميل لا (مغالاة) فيه، ولا (تبخيس)، فخزينة الجنوب (خاوية) تماماً الآن، وخزينة السودان (شبه خاوية) من النقد الأجنبي.
{ ضخ النفط فوراً ينعش الحياة (الاقتصادية) في البلدين، أما الاتفاق على مناطق (حدودية) لا قيمة لها متنازع عليها، فإنه يحتاج إلى سنوات، فلتبدأ الحكومتان بالتطبيع الاقتصادي، وتبادل المنافع، وبناء جسور الثقة بينهما، ومن بعد ذلك فإن (تواصل المصالح) سيساعد كثيراً في الوصول إلى اتفاقيات في بقية الملفات العالقة.
{ معالجة الأزمة الاقتصادية (الطاحنة) في البلدين، هي الأهم وهي الأولوية على مناطق النزاع الحدودية، وقد قلت هذا الرأي على الهواء مباشرة أمام السيد وزير الدفاع الفريق “عبد الرحيم” في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب عودته من الجولة قبل الأخيرة، ولكنه كان يرى – كبقية قيادات الدولة – رأياً آخر، مفاده أن ضخ البترول يعني توفر موارد مالية للجنوب يمكنه استغلالها في شراء السلاح لضرب السودان!!
{ وكتبنا، رداً على هذا الرأي، أن الجنوب ليس في حاجة إلى عوائد البترول لتوفير السلاح، فمن أين كان يأتيهم السلاح عندما كانوا يقاتلون الحكومات المركزية منذ العام 1983م، باسم (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، وقبلها باسم (الأنانيا) منذ العام 1955؟!
السلاح لا يحتاج إلى عائدات البترول ما دامت هناك جهات (دولية) يمكنها التكفل بهذه (الفاتورة) مقابل تنفيذ مخططات كبرى في المنطقة الأفريقية.
{ المزيد من اللقاءات (المباشرة) بين “البشير” و”سلفا” و”عبد الرحيم” و”باقان” يعني المزيد من التفاهمات، والسلام والاستقرار.