عائلة "الترابي".. لماذا تلوذ بالصمت؟
بقلم – عادل عبده
عائلة الدكتور الراحل “حسن الترابي” ظلت جزءاً من التوليفة السياسية في المؤتمر الشعبي من وراء الكواليس لا تظهر على السطح إلا لماماً، وكان لهم دور مقدر في إبداء الملاحظات والتصورات على صعيد الأحداث السياسية في الساحة السودانية وأحوال الحزب من خلال سيناريو معد يقوم على فلسفة الوالد “الترابي” القائمة على عدم إعطائهم التمييز الواضح وقوة اللمعان على حساب منسوبي الشعبي.
الأستاذة “وصال المهدي” والأستاذ “صديق الترابي” والأستاذ “عصام الترابي” والأستاذة “أمامة الترابي”، ربما كانوا أكثر أفراد أسرة الراحل الكبير مشاركة في الحراك السياسي بدرجة متفاوتة تتصاعد في مرات كثيرة وتخبو أحياناً إلى حد مرسوم غير أنهم لم يكونوا في طليعة الحزب حتى لا يصبحوا هدفاً لشائعات التوريث والمفاضلة على أعضاء الحزب الشعبي.
الآن في ظل الملاسنات الواضحة والمنازلة الصاخبة بين الوطني والشعبي التي ظهرت في الندوة السياسية للدكتور “علي الحاج” خلال الأيام الفائتة ينفتح الباب على مصراعيه حول مستقبل العلاقة بين الحزبين وإمكانية الوحدة بينهما على أسس متينة ورباط قوي لا يعرف التدليس والأماني المخملية، حيث يتأطر موقف عائلة “الترابي” من المشروع، فالواضح أن قضية التلاحم بين الوطني والشعبي يجب النظر إلى أبعادها بتمعن شديد ورؤية مستفيضة دون النظر إلى الملامة التي أطلقها بعض منسوبي الشعبي حول موقف الرئيس “البشير” من عزاء “الترابي”، حيث توجد “الفاولات” التي تعيق الصيغة الوحدوية والضغائن الساكنة في القلوب، فضلاً عن الحواجز النفسية. وبذات القدر قد لا تكون عبارات الملاطفة التي أطلقها “كمال عمر” على موقف الوطني من حزبه قد أعجبت الشباب الساخطين في ندوة “علي الحاج”.
هنالك تسريبات واقعية عن وجود طعم المرارة في عائلة “الترابي”، تؤكد غضبهم وامتعاضهم من بعض التطورات الدرامية التي صاحبت مرحلة رحيل عميد أسرتهم وما بعدها، فالشاهد أن أصحاب الوجعة الذين يمثلون صلة الدم لهم حسابات مختلفة ورؤية استثنائية بمقاييس لا تخطر على غيرهم، فالروح البيولوجية لها مزايا وخصائص لا توجد إطلاقاً في الزاوية السياسية، ومن هذا المنطلق هنالك من يعتقد أن عائلة “الترابي” قررت أن تلوذ بالصمت عن ما يجيش بداخلها من آهات وملاحظات ولا تريد الانكباب على الهواء الطلق، تمشياً مع التقاليد والأعراف وتقديراً لروح فقيدهم الكبير، فالصمت منهج ذكي وعصري لتوصيل الرسائل والأهداف، يخترق الجبال والصعاب بكل سهولة ويسر وهو سلاح أكثر نجاحاً من الضجيج والزعيق.
الدكتور “الترابي” كان يملك المفاتيح التي تقوده إلى الدخول في المسارات المغلقة وإذ بغيابه المفاجئ ينفتح الطريق إلى مرحلة التأويلات الغامضة، فقد كانت عائلته على علم بخطواته ومشاريعه السياسية وإنتاجه الفكري الزاخر.
الصمت الذي يلوح من عائلة “الترابي” يثير فضول السياسيين ووجهاء المجتمع، فهؤلاء يريدون إشارات ساطعة على الفضاءات الواسعة وتعابير تشق جدران السكوت المرسوم.. ويبقى أن كل ما قيل عن موقفهم مجرد تأويلات واستنتاجات ولا أحد يعرف الإجابة القاطعة حول لماذا تلوذ عائلة “الترابي” بالصمت؟!