المشهد السياسي
وسواس السياسة مهلك فنسأله النجاة يا “ناجي”..!
موسى يعقوب
ندوة الشباب الوطني بـ(الشهيد الزبير)، (الأحد)، التي كان المتحدث الأول فيها الدكتور “علي الحاج” كانت مبادرة طيبة، طيّبها وزيّنها أكثر ما قال الدكتور “علي الحاج” الذي ترك كل شيء خلفه إلا وحدة الوطن والسلام، ثم وحدة الإسلاميين.. وكان عشمه الكبير بعد رحيل الشيخ “الترابي” في الحوار الوطني ومخرجاته المرتقبة.. وذلك رغم ما ألقي عليه من حجارة وهو الذي غاب عن البلاد زمناً، غير أنه تقبل ذلك برحابة صدر وقال إنه جاهز لمواجهة الاتهامات حول (طريق الغرب) وغيره بما تستحق.
مبادرة الندوة– كما ذكرنا آنفاً– كانت طيبة غير أن (وسواس السياسة) دخل فيها بما لا يصدقه عاقل أو من راقب رحيل الدكتور “الترابي” عليه الرحمة، وهو يعزى فيه ويشيع إلى مثواه الأخير، ثم وهو يؤبن وتذكر سيرته ومسيرته في الأجهزة الإعلامية الرسمية المسموعة والمرئية طوال أسبوع رحيله، وهو ما يستحقه الشيخ الراحل وليس هدية من أحد– حكومة ورفقاء طريق.. أو غيرهم من أبناء الشعب ومكوناته.
وسواس السياسة- والعياذ بالله- حمل أحد رموز المؤتمر الشعبي لتوسيع الهوة بين المؤتمرين (الوطني والشعبي) على أن يقول أمام الحضور:
{ المؤتمر الوطني عقد اجتماعاً مصغراً عشية رحيل الشيخ “الترابي” وأمر فيه بأن يسافر السيد الرئيس إلى جاكرتا لحضور المؤتمر الإسلامي هناك، ومن ثم الغياب عن موكب التشييع للشيخ الراحل في صباح اليوم التالي..!
وذلك ما تصدى له شاهد الندوة والمشارك فيها ورئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني بالنفي التام.. ودخل مع من جاء بالخبر في (مباهلة) بوضوء كامل يقسم فيها من يرى صحة الخبر بصحته ومن يرى نفيه بنفيه..!
إلا أنه وقد نقلت الصحف ذلك في اليوم التالي (الاثنين)، نقول إن هناك الكثير مما يدحض مقولة السيد “ناجي عبد الله” ومن ذلك:
{ أولاً- أن السيد الرئيس وقبل سفره المذكور كان قد زار الراحل في مستشفى “رويال كير” وأمر بتجهيز طائرة رئاسية لنقله للعلاج في الخارج، وبعد وفاته كان قد قام بواجب العزاء فيه في داره.. فالذي بين الطرفين عامر لا سيما بعد طرح مبادرة الحوار الوطني والمجتمعي.
{ ثانياً- الرجم القاطع لتلك (الوسوسة السياسية) كان قد جاء في إفادة الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي لقناة (الشروق) الدكتور “كمال عمر” التي جماعها أن حزبه يرفض جره إلى مربع ما قبل الحوار الوطني فهي بتقديره أصوات نشاز..!
} كما نقلت ذلك صحيفة (أخبار اليوم)..
ولم يقف “ناجي” عند ذلك الحد- أي زعمه غياب الرئيس عن التشييع بأمر من شورى الحزب- وإنما ذهب إلى القول إن الدكتور “عبد الرحيم علي” الفكر الإسلامي الوسطي المعروف الذي له عطاؤه في الحركة الإسلامية والمجتمع الدعوي والأكاديمي، إنه– ونضع ذلك بين مزدوجين (سبب انهيار الحركة الإسلامية..!).
أنها نفثة من نفثات (وسواس السياسة).. فالدكتور “عبد الرحيم علي” وقد كان لرحيل الشيخ “الترابي”– رحمه الله– وقعه الكبير عليه، كان قد أمّ المصلين يوم (الجمعة) الماضي في مسجد جامعة الخرطوم وأبّن في الخطبة الدكتور “الترابي” وذكره بالخير الكثير فالذي بين الرجلين كان كبيراً وعامراً.. إذ عمل الدكتور “عبد الرحيم علي” مع الشيخ “الترابي” لعقود طويلة.
أن إحياء الفتن وجر الأطراف إلى مربع ما قبل الحوار الوطني– كما قال “كمال عمر”– ليس بأدب المرحلة، لا سيما بعد رحيل الدكتور “الترابي”، الذي كان هدفه في خواتيم عمره أن يجمع لا يفرق.. وعلى كل الصعد والجماعات والاتجاهات في البلاد.
الشعبي والوطني– كلاهما- الآن بحاجة إلى إعادة النظر في الملفات ورؤى المستقبل وترك كل ما عدا ذلك خلفهما. وربما كان المؤتمر الشعبي في وضعه الراهن بعد رحيل الشيخ الأب والمفكر بحاجة أكثر إلى إعادة ترتيب أوضاعه وهيكلته.. فهو في حضور الشيخ “الترابي” ليس في غيابه والبقاء لله.
ونقول للأخ “ناجي عبد الله” كما جعلنا ذلك عنواناً للمشهد السياسي اليوم (وسواس الساسة مهلك ونسأله تعالى النجاة يا “ناجي”..!) فنرجو أن يكون لتجربة الدكتور “علي الحاج” التي عبر عنها في ندوة (الأحد) بـ(الشهيد الزبير) مردودها الإيجابي على الجميع شعبيين ووطنيين.