عز الكلام
حقك علينا وعليهم!!
أم وضاح
الجيل الذي سبقنا في مجال الإعلام وربما الأجيال التي سبقتنا في مجالات عديدة ظل عطاؤها وأداؤها لعملها يتخذ المنحى والشكل الرسالي أكثر من التفكير في العائد المادي، وكثيرون من هؤلاء حتى وصولهم سن المعاش خرجوا بلا شيء، وظلت الرحلة الطويلة تتعرض لكثير من التجارب الصعبة وربما القاسية التي أكسبت عودهم قوة وشخصياتهم تفرداً وتميزاً لتصبح رحلة ثرة بالحساب الأدبي والمعنوي لكنها بلا رصيد بالحساب المادي، حتى أن كثيراً منهم كان منغمساً لدرجة أنسته أن الشباب لا يدوم وأن المجد وحده لا يطعم الخبز، وقصص عديدة لشخوص رفضوا الخروج بره الوطن رغم العروض التي قدمت لهم وظلوا متمسكين بالوطن بحسابات لا أدري إن كانت خطأ أو صواباً إن حاولوا جرد حساب تجربتهم في الحياة الآن.. لكن حديث بعضهم بعد هذه السنوات والمرارة التي يشعرون بها تجعلني أحس كم الألم والحسرة التي تظلل دواخلهم، ولأنني لم أحظ بمشاهدة الحلقة التي قدمتها قناة أم درمان مع الأستاذ “حمدي بدر الدين” أرسل لي بعض الأصدقاء مقاطع منها وكأنهم (طالبني غبينة) فلم يتخيروا من الحلقة إلا أكثرها تراجيديا وألماً والأستاذ يذرف الدموع بشكل مؤثر على التجاهل الذي وجده من بني جلدته، وأنه لا أحد اهتم بحالته الصحية والسؤال عنه.. أكثر ما ألمني بكاء الرجل على الاهتمام الذي وجده من الأمريكان الذين جعلوا له معاشاً شهرياً ربما قيمته كانت كفيلة بمنحه الابتسامة لكنها للأسف فعلت العكس، والرجل الشفيف يسأل كيف تهتم به أمريكا التي هو بعيد عنها بالمكان والوجدان وتتجاهله بلاده الموجودة داخله والموجود داخلها؟! لكن كدي المعاش الشهري خلوه والرجل يقول إنه بعد الشائعة التي سرت بأنه قد توفي إلى رحمة الله لم يتكرم أحد من المسؤولين وما أكثرهم من الذين يملأون الصحف حديثاً عن الثقافة وحقوق المبدعين وما أكثرهم من الذين يلبسون جلاليبهم الناصعة وكرفتاتهم الأنيقة ويحجزون الكراسي والصفوف الأمامية في المناسبات والفعاليات بدعوى أنهم المنشغلون بالشأن الثقافي، لم يتكرم أحدهم حتى برفع سماعة الهاتف ليتأكد من الرجل إن كان حياً أو ذهب للرفيق الأعلى.. وأكثر ما ألمني أنه قال كده وبالنص: (يا أخي إن شاء الله يرسلوا بتاع الموتر يعرف أنا حي ولّا ميت).
يا استأذنا أنت أقيم وأرفع وأنبل وأكرم من أن يرسل لك بتاع الموتر، وأنت لست ورقة ترمى في سلة المهملات، أنت رسالة وعلامة أضاءت صحائف الإعلام السوداني.. لن ينسى أحد “حمدي بدر الدين” الذي كان يطل عبر الشاشة بكامل الوسامة وكامل الأناقة وكامل الحضور وبسلامة النطق وسلاسة السرد وسعة الثقافة والأفق، أنت نجم لم يأفل ولن يأفل ولن تغطيه سحب الادعاء والزيف وعدم تقدير المقامات والقامات.. نعم أمثال “حمدي بدر الدين” كُثر من الذين لفهم النسيان والتجاهل لأنهم كانوا بأخلاق النبلاء والفرسان، لم يستثمروا نجوميتهم لجمع ثروة أو مطاردة ظروف لتدور الأيام وتصبح الظروف مشهداً غارقاً في التراجيديا والميلودراما!! فلك العتبى حتى ترضى عنا وعنهم!!
{ كلمة عزيزة
يبدو أن هذه الزاوية ستكون اليوم زاوية الجراح التي تدمي في دواخل رموز يستحقون التكريم والتعظيم.. أمس حدثني الأستاذ “عدلان يوسف” وهو رمز من رموز الصحافة الرياضية كيف أنه يعاني من أجل إكمال المبلغ المطلوب منه سداده لبيوت الصحفيين حيث دفع مبلغ (20) مليوناً ولا زالت البقية على ضهره، وكان من الواجب إكرام الرجل بمنحه البيت هدية كنهاية خدمة لتاريخ طويل أسس فيه للصحافة الرياضية ليصبح واحداً من روادها.. طلب مني الأستاذ “عدلان” أن أوجه حديثي وبالاسم لنائب الرئيس الأستاذ “حسبو عبد الرحمن” أو كما سماه رجل المهام الصعبة، وأمثال أستاذ “عدلان” تكرم وفادتهم وهم جلوس في منازلهم لا يتكبدون مشقة أو عناء التجوال.
{ كلمة أعز
أمس شطبت المحكمة الدستورية طعناً لمصنع يقوم بإنتاج السجائر ومعسل التبغ ضد وزارة الصحة بولاية الخرطوم، ليصبح بذلك التحذير على منتجات التبغ أمراً واجب النفاذ كما يحدث في كل بلاد الدنيا. وأعتقد أن إنفاذ هذا القانون سيقود بلا شك إلى التقليل من التدخين ومخاطره المتعددة مما يعد إنجازاً لبروف “حميدة” ووزارته.