مسألة مستعجلة
عندما نتجاهل وظيفة ضباط الصحة
نجل الدين ادم
لفت نظري أمس خبر تحت عنوان المملكة العربية السعودية تبدأ في إجراء معاينات لألف من ضباط الصحة، لاستيعاب (400) منهم للعمل براتب مغري يتراوح ما بين (8) آلاف إلى (8.5) آلاف ريال سعودي خلاف الميزات الأخرى.
مكسب كبير أن تكون وجهة السعودية لملء هذه الوظائف هو السودان وهم يعرفون جيداً قدر السودان، الأمر الآخر أن هذه الفرص أيضاً تعتبر مكسباً لضباط الصحة الذين سيقع عليهم الاختيار ولأسرهم، فحالتهم ليس كحالة الأطباء الذين تنعكس هجرتهم الكثيفة سالباً على البلد باعتبارهم خبرات وطنية صرفت الدولة على تأهيلها وترقية أدائهم. بالتأكيد هذا لا يعني أن ضباط الصحة ليس بالقدر الذي بلغه الأطباء من الأهمية، ولكن المشكلة تكمن في أنهم لا يجدون تقييماً بالمرة ولا تستوعب المحليات والولايات ماهي وظيفة ضابط صحة، فضابط الصحة هذا يمكن أن يقوم أي مسؤول في محلية صغيرة بنقله إلى وظيفة لا علاقة لها بالصحة!، هناك قصور كبير في فهم مثل هذه الوظائف وما يلقى من مهام على عاتق العاملين فيها.
العالم يشهد تطوراً كبيراً في التخصصات العملية وكل تخصص تنشأ له كلية جامعية بذاتها، هؤلاء الذين يعملون في وظائف ضابط صحة الآن هم خريجو جامعات وأصحاب خبرات وحتى عندما لم يكن ضابط الصحة خريجاً في السابق، كان ذا كفاءة عالية ودراية بعمله من واقع التأهيل العالي الذي يتلقاه وما يجده من جرعات في هذا التخصص. فقد كان هنالك اهتمام كبير بهؤلاء الضباط، الآن حدث تراجع كبير في تقييم الوظيفة رغم التطور في التأهيل.
السعودية وغيرها من الدول لم تكن في سنين سابقة تعي بأهمية هذه الشريحة أو هذا التخصص لكن بتقدم التطور وانفتاح هذه الدول، عرفت أن ضباط الصحة منظومة مهمة في بناء الدول المتقدمة، لذلك تجدهم يسارعون في البحث عن الخبرات في هذا المجال وعلى العكس عندنا في السودان حيث يحدث تراجع متعمد لهذه الشريحة المهمة. ليس ضباط الصحة وحدهم فهناك وظائف أخرى لا تجد حظها من الدراية والفهم من قبل المؤسسات والشركات وما تقوم به من عمل، موظف العلاقات العامة عندنا عملياً مجرد منسق رغم أن دوره تخطيطي لأي مؤسسة لينعكس ذلك في تطورها وتقدمها إلى الأمام، الآن لا خطط ولا يحزنون، موظفو العلاقات العامة متراصون في المكاتب بلا أعباء رغم أن العلاقات العامة علم كبير إذا تنبه له أصحاب المؤسسات والشركات والدولة لاستفادوا منهم كما تضع دولة ماليزيا الناهضة لهذه الوظيفة دورها الأكبر في النهضة. وليس بعيداً عن موظف العلاقات العامة تجد السكرتيرة أو السكرتير هو مجرد موظف استقبال للمدير، والسكرتارية علم أنشئت له الكليات الدراسية ولكننا لا نقوى على أن نضع عمل السكرتارية في وضعه الطبيعي فنجعله موظف استقبال فقط وقس على ذلك.
إنني على يقين أن البلد ستخسر بتجاهل دور بعض الوظائف المهمة كضابط الصحة وغيرهم بمحاولة إجبارهم على وظائف بديلة، مبروك مقدماً لكل من يقع عليه حظ الاختيار فإنكم الكاسبون.