رأي

مسألة مستعجلة

وحدة الإسلاميين لا تأتي بالدفع الزائد!
نجل الدين ادم
أول أمس (الجمعة) جسد الإسلاميون من المؤتمرين الوطني والشعبي بمسجد جامعة الخرطوم بعد غيبة طويلة، حالة من الأشواق إلى الوحدة بين الحزبين حيث علت التكبيرات والتهليل.
 لكن برغم هذه الأشواق الدافقة فإن الخيار لا يجد الدعم من كل أعضاء المؤتمر الوطني أو (الشعبي)، فبمثلما  أن هناك شباباً متشددين بالشعبي لا يرغبون في أي وحدة مع المؤتمر الوطني بعد المفاصلة الشهيرة، فإن هناك أيضاً عضوية متشددة بالمؤتمر الوطني لا ترغب هي الأخرى في الوحدة، فما بين أشواق الحالمين بالوحدة والرافضين تقف التفاصيل.
صحيح أن حالة الجفوة بين الحزبين قد تلاشت الآن إلى حد كبير ولم يعد هناك ما يعكر الصفو خصوصاً بعد تقدم الأمين العام للمؤتمر الشعبي الراحل د. “حسن الترابي” صفوف الحوار الوطني ملبياً لدعوة الرئيس “البشير”، وأن هناك أوجه تقارب بدأت تلوح في الأفق قد لا يعرفها كل قيادات الحزبين بالضرورة ولكنها تبدو معروفة لدى قيادة الحزبين على الأقل، وفي ذلك تسربت العديد من المعلومات والتصريحات من بعض قيادات الحزبين بأن هناك اتفاقاً مبدئياً على التوحد وأن “الترابي” طرح ذلك على الرئيس “البشير”. وفي تصريح آخر أن لقاءً جمع الراحل د. “الترابي” بالقيادي بالمؤتمر الوطني د. “نافع علي نافع” ناقش تفاصيل عودة الحزبين لبعضهما، وأتوقع أن تترى مثل هذه التصريحات. وفي منحى آخر تجد ردود أفعال وتعليقات مغايرة على هذه الأشواق من البعض من قيادات الحزبي، في محاولة لنفي أي اتجاه لتوحد المؤتمرين وأيضاً أتوقع أن تستمر هذه الانعكاسات المضادة للوحدة.
رحيل الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. “حسن الترابي” هو ما حرك هذه الأشواق وهذا التدافع رغم ما يقابله من تحفظ من البعض كما أسلفت، فواقع الحال يشير إلى أن رحيل “الترابي” خلق فرصة أكبر للوحدة والكثيرين من القيادات الإسلاميين يعولون على ذلك.
مع احترامنا لهذه الأشواق والمجريات والظروف التي ينبغي أن نستفيد منها، إلا أن هناك نقطة جوهرية ينبغي أن ينظر إليها قيادات الإسلاميين وهي أن حالة الدفع الزائد للأشواق يجعل من الصعوبة بمكان في أن تكون أحلام الأشواق هذه واقعاً، ونحن نعلم أن هناك آراء متشددة، الإسلاميون يحتاجون لحالة هدوء وجلوس مع النفس وعدم استعجال لتحقيق هذا الهدف، فالوحدة بين الحزبين لا تأتي بالدفع الزائد لأن ذلك يمكن أن يكون مردوده عكسياً وربما يخلق شرخاً جديداً.
تحتاج كل الأطراف لتعيد وتقرأ في حساباتها من أجل استثمار هذا الظرف المواتي للوحدة ولكن دونما دفع زائد، على الإسلاميين أن يجعلوا الأشواق هي من تشكل الواقع القادم، لا تستعجلوا النتائج وفي نفس الوقت لا تحولوا بين أماني الراحل “الترابي” التي كان يحلم بها وأعد لها العدة أعانكم الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية