مسألة مستعجلة
النجاح يبدأ بإرضاء المزارع !
نجل الدين ادم
واحدة من تعقيدات مشروع الجزيرة والمشروعات الزراعية الأخرى والتي أدت إلى تراجع الزراعة فيها، هو فقدان الثقة ما بين المزارع والحكومة، وهذا الخلاف دائماً ما تكون نتائجه سلبية على الإنتاج والإنتاجية.
مسؤولية الحكومة تكمن في أن تدعم هذا المزارع وتعينه على الزراعة وتمنحه محفزات جيدة وتمضي في ذلك حتى حصاد المحصول، حيث تضمن له أسعاراً مجزية لمحصوله عند البيع.
في الآونة الأخيرة حدثت حالة من الاختلال، وكما أسلفت كان لها تأثير سالب على واقع الزراعة.
في عدد صحيفتنا ليوم (أمس) أوردت مراسلتنا بولاية الجزيرة ” زهر حسين” أمس الأول (الخميس)، عن مدير مشروع الجزيرة المهندس “عثمان سمساعة” رصد مبلغ (800) مليار جنيه لشراء فائض القمح من المزارعين عبر البنك الزراعي والدفع الفوري للمزارعين من استحقاقهم من القمح، بهدف الحد من ظاهرة السماسرة وضعاف النفوس في السوق. أحسب أن هذه خطوة جيدة شأنها أن تحفز المزارعين على المزيد من الإنتاج، وتزيل عنهم مخاوف كساد المحصول أو عدم الحصول على سعر مجزٍ وهو يضمن أن الحكومة هي من سيشتري منه عبر البنك الزراعي وبسعر مشجع.
إدارات المشاريع الزراعية ومشروع الجزيرة على وجه الخصوص، وهم يمثلون الحكومة، بحاجة لخلق حالة تفاعل أكبر مع المزارعين والتنسيق معهم في شأن المحاصيل وزراعتها وتسويقها.
الآن كما نلاحظ بدأت إرادة سياسية قوية من الحكومة لإعادة مشروع الجزيرة سيرته الأولى، والإرادة السياسية التي أطلقها الرئيس “البشير” يفترض لها أن تكون هي المحرك الحقيقي لهذا الحلم.
مطلوب من إدارة مشروع الجزيرة أن تستفيد من هذه الإرادة السياسية وأن تعمل على خلق أرضية جيدة لبداية مشروع (الإنقاذ) لهذا المشروع الضخم، سيما وأنه كان الأول في العالم والإنجليز يعرفون ذلك لوقوفهم على التأسيس والميلاد وجني ثماره التي تعدت السودان، حيث حمل الإنجليز محصول القطن إلى بلدهم ليصنعوا الملبوسات هناك لتعود مرة أخرى إلينا جاهزة، هذا المشروع حتى وبعد مغادرة الإنجليز استطاع أن يصمد لمحافظة إداراته على الإرث الإنجليزي وإحكام العلاقات بين أقسامه والمتابعة الدورية وتجاوز المشكلات أولاً بأول، لكن لم تستطع الإدارات المتعاقبة الاستمرار بذات الوتيرة، وبدأت عملية التراجع للمشروع إلى أن أعلن عن انهيار المشروع، وحسناً التفتت قيادة البلد لهذا المشروع القارة، والذي كان يمكن أن يجنبنا الاعتماد على البترول لو استمرينا في إدارته بالصورة المطلوبة، وقررت إعادته سيرته الأولى مشروعاً كبيراً يحمل البلد على أكتافه ويخرجها من سيناريوهات المقاطعة الاقتصادية وتداعيات انفصال الجنوب ووو…
أيضاً من الإيجابيات المبشرة بتطور المشروع هو التطور التشريعي الذي تم في القانون الذي يحكم المشروع، وهذا أيضاً يمهد الطريق لإنجاح الخطة الإسعافية للمشروع لكننا أيضاً بحاجة إلى مزيد من التطور التشريعي في القانون بما يمكن من تجاوز أي مشكلات تطرأ ويعزز من علاقة المزارع والحكومة، وهذه هي النقطة الجوهرية التي تتطلب مزيداً من بناء الثقة لتبدأ الوثبة.. والله المستعان.