رأي

حصل الأسبوع الفات!!

التجانى حاج موسى
{ الأسبوع المنصرم كان حافلاً بالنشاط.. لبيت دعوة كريمة من وزارة الثقافة والإعلام بولاية الجزيرة بمناسبة مهرجانها الذي تجري فعالياته هناك.. قدت عربتي بالطريق الشرقي يصاحبني أخي الأصغر الفنان “عوض كسلا”.. قلت أشرككم معي تلك الرحلة.. الطريق لا بأس به فقط ضيق.. بالمناسبة معظم الطرق (الهاي واي) بالسودان ضيقة وهذا يؤدي لحوادث المرور، والدليل حطام العربات وآثار الحوادث الفظيعة على جانبي الطريق.. وينطبق نفس الأمر على الطريق الغربي.
عاصمة الولاية ما شاء الله لمسات الإعمار والمال لا تخطئها عين والنظافة كذلك.. حفلنا أقيم على خشبة مسرح رائع ملحق بمعرض التراث الذي كان رائعاً محتوى وشكلاً.. شاركني صديقي الشاعر “جمال عبد الرحيم” وسعدت بمشاركته لي في ليلتي.. الفضلى وزيرة الثقافة كان حضورها أنيقاً منذ بداية الأمسية حتى ختامها.. الفنان “عوض كسلا” أطرب الجمهور الغفير الراقي الذي يجيد السمع حتى الأطفال لا يحدثون شوشرة.. عند منتصف الليل انتهى حلفنا وبتنا في المنزل الراقي الملحق بنادي الجزيرة الأنيق، وفي الصباح تحركنا باتجاه العاصمة والطريق محروس بشرطة المرور وعرباتهم.
{ الحدث الثاني كان المؤتمر العلمي الذي أعدته اللجنة القومية لمحاربة المخدرات، التي أتمتع بعضويتها منذ سنوات، ويرأسها بروفيسور “الجزولي دفع الله”.. واللجنة أنشئت بقرار صدر من السيد رئيس الجمهورية بموجب قانون محاربة المخدرات وتضم في عضويتها ممثلين لمؤسسات معنية بمحاربة المخدرات وعدد مقدر من شخصيات قومية.. مقرر اللجنة هو مدير المؤسسة المركزية الشرطية لمحاربة المخدرات برتبة لواء شرطة.. الأخ وزير الداخلية والأخ مدير عام الشرطة شهدا جلسة افتتاح المؤتمر الذي أناب فيه عن السيد الرئيس الأخ مساعد رئيس الجمهورية، وأمّه عدد مقدر من السادة سفراء الدول الصديقة، وحفل المؤتمر بأوراق عمل مثمرة ومهمة ليتها نشرت للناس.. وللعلم هذا هو المؤتمر القومي الثاني، واللجنة لها أفرع بعدد من الولايات وتقوم بعمل دؤوب في التثقيف والتنوير والتحذير من مخاطر المخدرات خاصة بعد تفشي وانتشار التعاطي.
{ الأسبوع الماضي سعدت بحضور ذكرى الشاعر الكبير الراحل “إسماعيل حسن” الذي درجت أسرته على إحياء ذكراه بالنادي العائلي بالخرطوم شرق، والأمسية أمها جمهور المنتدى الراقي وعدد مهول من الشعراء والفنانين وأهل الإعلام.. والمتحدثون أوفوا المحتفى به حقه، وأسرته أحسنت ضيافة الحضور” وصدح المغنون بروائع “ود حد الزين”.. بالطبع كانت لألحان الهرم الراحل “وردي” القدح المُعلى من الأغاني.. المطرب الشاب “عمر جعفر” أطرب وجعل المطرب الكبير “محمد ميرغني” يهتز طرباً ويشاركه الغناء (اشتقت ليك ساعة المساء فرد الجناح)، فأدمى أكف الحضور بالتصفيق، وبقول لمحبي الفنان الكبير “محمد ميرغني” إن صوته تعتق أكثر وجمهوره موعود بعدد من الأغاني الجديدة، وللصديق الملحن “محمد سراج الدين” أكثر من لحن أهداه لـ”ميرغني” ولي نصيب أيضاً في تلك الأغاني من نظمي.. وبالمناسبة أنا حضرت بفرح شديد عدداً من بروفات تلك الأغاني.. وبرضو أنا مع صديقي الشاعر المعلم القاص الإعلامي “سعد الدين إبراهيم” حقو نحتفي بميلاد عظمائنا الذين رحلوا أحسن من يوم وفاتهم.
{ وحضرت أيضاً اجتماعاً مهماً نظمته المنظمة التي أسسها حديثاً الأخ الأستاذ “علي عثمان محمد طه” نائب رئيس الجمهورية السابق، التي أتشرف بعضويتها، والمنظمة معنية بذوي الإعاقة، وتضم في عضويتها نفر من العلماء والمبدعين والشخصيات العامة، وخيراً فعل شيخ “علي عثمان” ليسخر قدراته المهولة في هذا العمل التطوعي الذي سيؤتي أكله إن شاء الله خيراً لشريحة من المواطنين في أمس الحاجة للدعم والتحفيز لتسخير قدراتهم ليساهموا في البناء والتعمير والإبداع.. وستنطلق أعمال المنظمة بمسابقة قومية للمعاقين في مجالات الإبداع كافة، واللجنة رصدت جوائز تحفيزية مقدرة للفائزين ومدت اللجنة الجسور بينها وجميع الكيانات التطوعية العاملة في مجال الإعاقة.
{ والحدث المؤلم هو الفقد العظيم الذي ألمّ بأهل السودان برحيل العالم الجليل والمفكر الإسلامي السوداني العالمي الشيخ الدكتور “حسن عبد الله الترابي”، الذي غطته وسائل الإعلام كافة المقروء والمسموع والمكتوب.. للراحل الرحمة والمغفرة ولذويه ولتلاميذه الصبر والسلوان.. وخيراً فعلت صحيفتنا بنشرها صفحات حاشدة بالتقدير والعرفان لفقيدنا.. شيخ “حسن” عرفته عن قرب أستاذاً ومفكراً وإنساناً ومعلماً وعالماً، وقد قرأت معظم مؤلفاته لا سيما ما كتبه في القانون والشريعة الإسلامية، ودراساته المقارنة للتشريعات الوضعية كافة، وآراءه واجتهاداته في الفتاوى الشرعية وشروحاته لأجزاء من القرآن الكريم والسنّة المطهرة.. أذكر أن الراحل أرسل ابنه وصديقي الأستاذ “عصام” وكان يحمل مؤلفاً للراحل في شرح أجزاء من القرآن توطئة لإجازته للنشر وإعطائه رقم القيد والإذن بالطباعة باعتباري الأمين العام لمجلس المصنفات القومي.. قال لي “عصام”: الشيخ بيسلم عليك ويطلب إذن الطباعة لمؤلفه الجديد.. قلت لـ”عصام”: متى ألفه؟ قال لي: في معتقله!! قلت له: حقو تطول مدة اعتقاله ليكتب لنا مزيداً من مؤلفاته.. قال لي: أخبره بنفسك.. المهم نشر الشيخ مؤلفه ووجد رواجاً وقبولاً، بل عده بعض العلماء إضافة حديثة في علوم التفسير.. والتقيته عقب خروجه من المعتقل وتحدثت معه عن زيارة صديقي “عصام” ابنه وتعليقي.. قال لي: أنت محق في ما قلت، إذ إن معظم ما كتبت كان في فترات اعتقالي، وأيضاً قراءتي، وليتني تفرغت للتأليف والقراءة لكن قدري أن أكون لما سخرني له الله لأمة محمد ووطني!!
يرحمك الله رحمة واسعة، فقد رحلت وأخبرتنا باقتراب أجلك قبل ساعات.. يا سبحان الله.. وأسأل الله أن يستجيب لدعائك وأنت تبتهل للحق عزَّ وجلَّ أن يزيح كربة الوطن لينعم بالسلام والأمن والرخاء.. وهنا أناشد أسرة الراحل العالم الجليل أن تنشر مخطوطاته، وعلى تلاميذه كتابة تجربته ومسيرته العامرة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية