أخبار

خربشات الجمعة

{ عندما تصبح مؤسسة كبيرة مثل نادي الهلال، في قبضة رجل واحد يصرف عليها من جيبه الخاص ويعين المدرب وفق رؤيته.. ويسيِّر أعضاء مجلس الإدارة الذين لا حول لهم ولا قوة.. يتحول الهلال النادي الجماهيري إلى مملكة سلطانية محروسة بالنفوذ والمال.. وعلى الملايين من الجماهير واجب التشجيع وهم يحبون شعار ناديهم ولكنهم لا يملكون من أمره شيئاً.
منذ بداية الموسم عين السيد رئيس نادي الهلال المدرب الفرنسي “جورج كفالي” ولم يهتم كثيراً بتحفظات بعض أهل الاختصاص من المدربين المتابعين للدوريات العربية.. واختار رئيس النادي الطاقم المساعد للمدرب.. وفجأة وقدر وقرر أن يأتي بلاعب سابق عرف بإثارة المشكلات وإدمان (الشلليات) وحب السيطرة.. وعاد “هيثم مصطفى” مثل عودة “مصطفى السعيد” في رواية موسم الهجرة للشمال وهو يقول “ليس مهماً من أين جئت ولماذا جئت ولكن المهم أنني جئت”.. وبعودة “هيثم” لأحضان الهلال قادماً من المريخ.. بدأت فصول عهد جديد.. استقال المهندس “عاطف النور” مدير دائرة الكرة.. ذلك الشاب الخلوق.. الإنسان المثقف.. وتبعه رئيس الهلال بقرار إعفاء الفرنسي “كفالي” وتعيين المصري “طارق العشري”.. و”هيثم مصطفى” هو القاسم المشترك في تعيين “العشري” واستقالة “عاطف النور”.. وجاء “مبارك سليمان” مدرباً عاماً.. ولكن استقال “سيف نوري” مدير دائرة الكرة.. ليعيش الهلال في دوامة عدم الاستقرار والاضطراب الإداري والفني.. وتبدو علامات ذلك جلية من خلال مباراة الهلال والنسور.. ويظهر الوجه الشاحب لفريق كرة القدم الذي إذا سار على هذا المسار فإنه مرشح لمغادرة البطولة الأفريقية مبكراً جداً.. والانضمام لنادي الخرطوم ثلاثة.. في الوقت الذي كثر الحديث عن أموال “الكاردينال” التي (تنفق) بسخاء على الهلال والحصاد هو ذلك الفريق الضعيف.. حتى بات حارس الهلال يحصد نجومية المباريات.. وفي ذلك دليل على ضعف الهلال وهزاله الشديد.
(2)
{ في جبهة المريخ كشف الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” الوجه الآخر لسيطرة السلطة والمال على كرة القدم وتغييب إرادة الجماهير وأعضاء نادي المريخ بإعلانه عن اتفاق مع السيد “جمال الوالي” للعودة لرئاسة نادي المريخ.. وقالت الصحافة (الصفراء) صفراء اللون.. أي المريخية إن توجيهات عليا أعادت “الوالي” مرة أخرى لرئاسة نادي المريخ.. وهل هناك جهة عليا غير الرئيس “البشير”؟؟.. وقد كشف “عبد الرحيم محمد حسين” عن لقاء يجمع المشير بالسيد “جمال الوالي” لترتيبات البيت المريخي الذي أصبح (بيتاً) لا علاقة له بالجماهير وأقطاب النادي وأعضاء مجلس الإدارة.. والصورة التي رسمها السيد والي “الخرطوم” لمشهد عودة “جمال الوالي”.. تسلب من الجمعية العمومية لنادي المريخ فضيلة الاختيار والانتخاب.. وتجعل “جمال الوالي” رئيساً معيناً من قبل السلطة العليا.. أكثر من كونه رئيساً منتخباً بإرادة ورغبة أهل المريخ الذين اكتشفوا أهمية “الوالي” بعد مغادرته لمنصب رئيس النادي.. ولكن السؤال.. هل فشلت لجنة التسيير الحالية برئاسة “أسامة ونسي”؟.. إذا كانت واحدة من قياسات الفشل والنجاح نتائج فريق كرة القدم.. فإن فريق الكرة الحالي بنادي المريخ أفضل من الفريق الذي خاض الدوري العام الماضي.. حيث خسر المريخ نقاطاً عديدة بالتعادل مع أندية الذيلية.. وخسر مباراة الأمل عطبرة في ملعبه.. ولو لا تدخل الاتحاد العام وسلبه لنقاط هلال كادوقلي والأمل عطبرة وإضافتها لرصيد المريخ.. لما حصد البطولة (باردة) في نهاية الموسم بانسحاب الهلال.. وحتى اليوم فإن المريخ يتصدر بطولة الدوري الممتاز رغم فقر مجلس التسيير واعتماده على تبرعات بعض الأفراد بما في ذلك الرئيس المرتقب “جمال الوالي”.. ونجح “أسامة ونسي” في استقطاب دعم مالي (مقدر) جداً من الدولة والشركات.. ولكن (تقديرات) القيادة العليا وليس إرادة جماهير المريخ.. هي ما جاءت بالسيد “جمال الوالي مرة أخرى.. ولا ينكر إلا مكابر الصرف المالي البذخي الذي يصرفه “جمال الوالي” على نادي المريخ حتى بات النادي محط أنظار للاعبين الأفارقة والعرب.. وأمنية تدغدق أحلام أي لاعب سوداني أن يرتدي شعار المريخ لينال المليارات.. وتتبدل حياته بين عشية وضحاها من فقير يكابد شظف الحياة.. لثري يمضي الإجازات في خارج الحدود.. وتتطاول العمارات في كل الأحياء بفضل عطاء “جمال الوالي”.. ولكن المريخ الثري الباذخ في عهد “جمال” لم يحقق بطولة قارية ولا حتى ساد الساحة الداخلية.. وعودة “الوالي” إلى رئاسة المريخ مثل عودة “السندباد” لبلاد السجم والرماد.. وعودة العصافير لأغصان الزيتون.. فطائر الفينيق الذي يحلق الآن في سماوات المريخ ليصبح رئيساً متوجاً لمدة خمس سنوات.. ظل بعيداً عن المريخ بعد استقالته الأخيرة ولكن قلبه معلق بالقلعة الحمراء مثل الراحل “الفيتوري” الذي ينشد في هجعة ليلية
أنا الذي يسكن في مدائن الرحيل
في قوافل الهجرة.. في سواحل الغياب
أركل باب خيمتي وامتطي ظهر جوادي
رافعاً راية حزني وانفرادي
موغلاً في طرقات المدن القديمة
أنا الطائر الأبدي
الذي تتغنى به المدن النائيات
الذي تتماوج فيه الموانئ والسفن الضائعات
شكراً لإمبراطورية المال التي جعلت الفقراء يغيبهم من أندية الهلال والمريخ الهتاف في المدرجات البائسة وقد أصبحت آمال الجماهير وتطلعاتها في جيوب أهل المال والعزاء كل العزاء للمحبين الفقراء.
(3)
سنوات الغربة.. والآهات والأحزان والأشواق والمواجع التي يعيشها المهاجر السوداني في بلاد (الإفرنج).. أضافت الكثير جداً لأدب الرحلات.. وقصائد (المناحات).. وقد غطى غبار السياسة والتصنيف على شاعرية كثير من الأدباء الشباب.. الذين دفعتهم الرغبة في التغيير والعيش الكريم للهجرة لأرض الله الواسعة.. أصبح السودانيون مثل الصوماليين الذين انكسر عظم دولتهم المركزية.. وأصبحوا مثل اللبنانيين الذين انتشروا في أرض الله الواسعة من شيلي والأرجنتين في أمريكا الجنوبية.. إلى اليابان والصين في آسيا.. ومن روسيا البيضاء حتى روسيا الجنوبية.. والآن أصبح السودانيون مهاجرين ولاجئين في كل بقعة من أرض الله الواسعة.. طرقوا أبواب إسرائيل وفيتنام والإكوادور والمكسيك.. كتبوا أوجاعهم بحبر أسود وآخر أحمر.. ومن معسكرات اللجوء والبؤس خرجت للدنيا أقلام.. ومن صقيع أمستردام بلاد البرتقال والأحواض والألبان.. نقدم اليوم شاعراً هو الأديب الأستاذ “عادل عثمان العوض” الذي أصدر كتاباً تحت عنوان “مهاجر سوداني”.. يروي فيه بضعاً من أوجاعه وآلامه وأحزنه.. من إصدارات مركز “كوش”.. و”عادل عثمان” من مواليد “أم درمان” حي ودنوباوي.. تخرج في جامعة “الخرطوم” عام 1987م.. حصل على الماجستير في الدراسات التنموية من لاهاي ومقيم هناك منذ سنوات.. أصدر من قبل كتاب باب السنط وأم درمان يا مدهشة.. كتب عن مدينة أمستردام أشعاراً ونثراً يفيض عذوبة ورقة وخيال مبدع من زمن آخر.. في كتابه “دفتر مهاجر” نقف عند أبواب قصيدة جسورة أنيقة (معطرة) “عشرون عاماً يا أمستردام”:
آه يا أمستردام
يا صديقتي من بين ملايين النساء
كنت آتيك بأوجاعي بخيباتي بأحزاني
فتضحكين وترسمين على صدري
ينابيع شمس ونخيل
يا امرأة تحمل ذاكرتي دوماً في حقائبها
وتغطيني من البرد والثلوج ومن المطر
عشرون عاماً كنت خليلها ورفيقها
وأحد حواريها العظام
عشرون كنت تروبادورها المهووس
أحمل في أزقتها قيثاري وأوراقي
وأغني لها في مقاهيهها في شوارعها
في لياليها الطوال
إنها أوجاع (الديسابورا) في أرض الله الواسعة.. وحتى نلتقي في (جمعة) قادمة إن كان في العمر بقية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية