السيد رئيس الجمهورية متى ترد (167) ألف فدان من الأراضي الزراعية إلى أهلها بالمتمة ؟
تصفحت مستندات تسجيل أراضي مشروع النقع الزراعي، التي سلمها لي شيخ عرب بادية المتمة من الجعليين النفيعاب والرحل، عمر النور عبد الله حسن توم، خلال زيارته لصحيفة (المجهر) يوم الاثنين 26يونيو الماضي، فوجدت اسم جدي (بشير محمد محمود الملقب ببشير الحر) بالرقم (112) من بين (333) اسماً سجلها شيخ العرب الراحل المقيم أحمد النور في يوليو 1988م تمثل قائمة أهل الحق الذين سجلوا أراضيهم المتوارثة منذ عهد السلطنة الزرقاء، وهي ملك بالتقادم لا يحق فيها وضع اليد كما جاء في السابقة القضائية في عهد رئيس القضاء أبورنات، ويحتفظ شيخ العرب بوثيقة منذ عهد العمدة صالح علي توم تفاصيلها أن امرأة تُدعى (صفية بنت الصديق) باعت عدداً من (أعواد طين) في منطقة الكوع بالنقع لامرأة تُدعى (فاطمة بت أحمد كدفرو) بواسطة العمدة صالح علي توم عام 1922م بشهادة (النعيم مهيد وأبووديع) والمدهش في الأمر أن العمدة والبائع والمشتري والشاهدين كل له ختمه الخاص الواضح علي الوثيقة، وتتمدد أراضي الأهالي بمشروع النقع الزراعي في مساحة (250) ألف فدان في المنطقة الخلوية بالمتمة بولاية نهر النيل، وفي عام 2008م رفعت اللجنة العليا للمشروع خطاباً لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير، واستجاب البشير للخطاب، وأصدر قراراً رئاسياً بتحويله لمشروع إعاشة، وعقب الدراسة التي أجرتها الهيئة الاستشارية بجامعة الخرطوم في المشروع ودفعت كافة مستحقاتها، وحددت بمقتضاها مضارب المشروع من نهر النيل، وتم تصديق مياه المشروع من وزارة الري، استبشر الناس خيراً بعودة الحياة لأيام خلت ازدانت بالخير الوفير من النقع الذي يفيض على كل الناس حتى غير المالكين ويمدهم بوافر الغذاء طوال شهور كل عام منذ ما بعد مجاعة 1906م، التي اشتهرت بمجاعة سنة (6)، وحين افتتح الرئيس، (ابن حوش بانقا وابن قرية الهوبجي)، جسر شندي المتمة الذي أطلق عليه اسمه، أوصى الأهالي بترغيب المستثمرين للأراضي الزراعية، ولاحت سحابة استثمار ظنها الملاك عارضاً ممطرهم، ولكن برقها ورعدها صب عليهم ضرراً، فلم يكن في حسبان أشد الناس سوءاً بالظن بالآخرين أن يتخيل أن يقدم أبناء المتمة الحاكمين، والذين حلوا ضيوفاً على الأهل وعلى المنطقة، على تضييع (117) ألف فدان من أراضي الملاك الزراعية، من منطقة الحفرة إلى وادي الحمار ضمن الحجار التاريخية للأهالي من أبوحمد شرقاً وحتى الحويزية غرباً، بقرار رسمي ويتم تمليك شهادات بحث بالأفدنة لمستثمرين ليبيين دائنين للحكومة، وتساءل شيخ العرب عن مصير (20) مليار جنيه، قال إنها دُفعت من المالية الاتحادية لإدارة القمح في وزارة الزراعة الاتحادية، لبداية الزراعة في مشروع النقع قبل أن يباع جزء من أراضيه للأجانب.
وقبل أن يرحل شيخ عرب بادية المتمة من الجعليين والنفيعاب السابق أحمد النور عن الدنيا الفانية، كان يعتبر الأراضي خطاً أحمر، والتعدي عليها ضرباً من المستحيل، وعقب رحيله اقتطعت شركة (فالج الزراعي)، بعلم السلطات المحلية، (50) ألف فدان أخرى من مشروع النقع الزراعي من دونكي أم ربل إلى داخل منطقة بئر ود توم شرقاً، ومن جبل العريفا حتى ما يحازي منطقة الهوبجي، وهي ضمن منطقة مجلس ريفي أم ربل المسجل، وضمن منطقة الآبار التاريخية، وكان في السابق يدفع ملاك الماشية بها ضريبة القطعان للحكومة، وكان معظم الصادر إلى الدول العربية حتى عام 1962م من المنطقة، فأصبح أهلها فقراء بعد الغنى، وضربهم الجفاف، واقتُلعت أراضيهم، وساعد السلطات في ذلك أناس حلوا ضيوفاً بين أهل البلد، يعرفون أنفسهم جيداً، وعندما سأل عضو اللجنة العليا للمشروع عضو لجنة التسوية أبونخيلة الشاذلي، مدير تسوية الأراضي بالولاية عوض الكريم الهجا عن تكملة التسوية الثالثة لأراضي الأهالي والتي جُمعت منهم بمقتضاها ملايين الجنيهات، عاجله الهجا بأن قراراً رئاسياً أوقف التسوية من أصلها، ومنح الليبيين (117) ألف فدان بشهادات بحث في بداية العام الماضي، بعد أن تسلم أصحاب الأراضي الأرانيك، ويقول شيخ العرب إن أحد المسؤولين من أبناء المنطقة أحضر القرار الرئاسي الذي تم بموجبه تمليك شهادات البحث لليبيين الذين اعترض عليهم الأهالي منذ ولاية الراحل د. مجذوب الخليفة على الزراعة، وأوضح سكرتير اللجنة العليا أن الشخص المسؤول ذاته حينما كان في أراضي النقع في منطقة الحفرة قال لأحد أعضاء اللجنة المحلية إن هذه أرض الليبيين، وهذه أرض فالج، وأشار إلى أراضي الأهالي، فألجمت الدهشة الأخير من قوله قبل أن يكذب العريفين ادعاءه، وفي الوقت الذي يغط فيه نائب البرلمان عن الدائرة القومية المتمة، عبد الحكم طيفور، في نومة أحسبها أطول من نومة أصحاب الكهف، ولا يرى في منامه أي مشكلة تكدر صفو أهل المتمة، ويشاركه في الأحلام الوردية النواب بالولاية وكلهم خدعوا الناخبين ببرامج على الورق، ولم يدافعوا عن الحق الضائع أو يسعوا في إحياء المتمة من موت بطئ علاماته غياب الحكومتين بالمركز والولاية التام عن الصحة والمشافي التي سكنتها الخفافيش والطيور، ولكن أصحاب الحق ممثلين في اللجنة العليا لم ييأسوا فخفوا يتقدمهم شيخهم عمر النور بالاعتراضات والشكاوى والخطابات إلى المسؤولين بالدولة، وفي مقدمة من اشتكوا له لاسترداد الحق الضائع مساعد رئيس الجمهورية د.نافع علي نافع وهو ابن عم النفيعاب، فوجدوا منه وعداً لم يتحقق إلى الآن، تلاه وعد آخر من د.مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية السابق، الممسك بملف الاستثمار، لم يُنفذ أيضاً، وظل الحال كما هو عليه، ومرة ثالثة ظهرت في الساحة شركة الروابي السعودية كمستثمر جديد يسعى لتنفيذ مشروع أطلق عليه طابا بالمنطقة الخلوية بالمتمة، فعمد المسؤولون بولاية نهر النيل على تغييب الأهالي كما هو الحال في المرتين السابقتين، فجانب ما حوى المشروع من تضارب في المساحة الكلية له (246) ألف فدان تارة، و(226) ألف تارة أخرى وفي النسبة المخصصة للأهالي (25%) من المساحة في المطبق و(15) ألف فدان في ورق (الآي فور)، رغم ذلك كشف شيخ العرب عن معضلة أخرى تتمثل في تداخل مساحة حق الأهالي الذي ما زال عند شركة فالج والمساحة المعطاة للروابي بما يقدر بأكثر من (40) ألف فدان، وقال إن المساحة التي أعطيت للروابي تمثل جزءاً كبيراً من حواكير ومراعي المواطنين التاريخية منذ السلطنة الزرقاء وبها آبار ومواقع تاريخية معروفة مثل (بئر الجعليين، بئر أم شويك، دونكي أم ربل، بئر الحكومة، مرعي المندفنة، وأم شويك، الحويزية، غبينة، دمر النقاقير، وعرة ود رحمة، القرزة، التقرة وآبار الغبيشة) وتعتمد حياة قبائل المنطقة على الرعي والآبار والزراعة، واتهم شيخ العرب أحد الدخلاء ينتمي لحزب معارض بالتورط في ادعاء ملكيته لجزء من أراضي الأهالي في المشروع الأخير، وحذره من مغبة مسعاه، وحين نشرت (المجهر) خبر ضياع الأرض تكالب بعض المندسين على شيخ العرب الذي يشغل منصب سكرتير اللجنة العليا لمشروع النقع وتساءلوا عن دور اللجنة في ظل ضياع مساحات الأراضي وهم يعلمون جهدها منذ خطابها للبشير وشكاويها لنافع واجتماعاتها مع حكومة الولاية من أجل استرداد الحق الضائع ولكن شيخ العرب استشعر أن الهدف شق صف اللجنة، وأكد أنهم سيفوتون الفرصة عليهم وقال إن اللجنة سعت للاستثمار قبل أن يسعى إليه الآخرون وقابلت بعض المسؤولين.
واعتراف الدولة بأن مطالب المواطنين حق وعدم إرجاعه لأهله نفّر مستثمرين عرب من إقحام أنفسهم في مظالم الأرض وحسابها يوم القيامة، وقد تكلَّست حكومة الولاية واستصعب عليها اتباع القول بالعمل حينما (خدّرت) اللجنة العليا للمشروع بقولها إن الليبيين وشركة فالج أعطوا مساحات أخرى في مواقع أخرى، وأن أراضي الأهالي ستؤول لهم ويملكون شهادات بحثها وتتمثل مطالب كافة الأهالي في رجائهم أن يصدر رئيس الجمهورية المشير البشير قراراً رئاسياً يلغي استحقاقات فالج واللليبين، ويعيد الـ(167) ألف فدان ضمن الحجار التاريخية والتروس العليا والحواكير والمراعي، وأن تُسجل حيازات المواطنين المعترف بها من خلال خارطة حكومة الولاية من الحجار التاريخية والحواكير والمراعي لأهلها عاجلاً، وتزول الأسباب التي أوقفت عمل اللجنة العليا لتسوية الأراضي التي شارفت مراحلها النهائية، ومتى تُسلم حقوق الناس ليدخل الأهالي إلى الاستثمار من خلال مشاريع الإعاشة وتختفي مهام الشلليات الرامية لإضعاف عمل اللجان وتضليل المواطنين والضغط عليهم؟.