رأي

مسألة مستعجلة

من هنا تبدأ النظافة!!
نجل الدين ادم
مبادرة جيدة تلك التي غيّرت أمس الأول (الجمعة) وجه وسط “الخرطوم” القبيح المليء بالأوساخ المتراكمة والملصقات والأكياس المتطايرة.. إلى منطقة نظيفة تحفها رسومات جميلة ملفتة.
 أثبت المئات من الشباب والشيوخ والأطفال والنساء الذين انتشروا بصورة تلقائية في حملة نظافة وتجميل طوعية يوم (الجمعة) تحت شعار (حقك علينا يا وطن)، أن منظمات المجتمع المدني يمكن أن تفلح فيما لم تفلح فيه السلطات المحلية من واجب في جعل وجه العاصمة جميلاً ونظيفاً وزاهٍ.
بكل أسف ومن خلال محاولات السلطات الولائية والمحلية في “الخرطوم” ثبت أن الحكومة فشلت وما تزال تتحرى الفشل في قضية النفايات ونظافة الأحياء والعاصمة.
هي دعوة لمن يشهد هذا السلوك الراقي في النظافة والتجميل أن يزور وسط العاصمة حيث عمل هؤلاء المتطوعون على تجديد الطلاء وتزيين الجدران لبعض المواقع برسومات طلاب كلية الفنون الجميلة من خلال حملة طوعية لم تصحبها أي ضوضاء أو زخم إعلامي، حيث كانت الوسائط الحديثة هي المحرك الرئيسي لهمم الناس وهم يتدافعون بأعداد كبيرة صوب ميدان جاكسون بـ”الخرطوم” والشوارع المجاورة، حيث بدأوا في عملية جمع الأوساخ والأكياس المتطايرة ومخلفات الكافتيريات وتنظيف الشوارع وجسم كوبري الحرية من الملصقات ذات الشكل القبيح.
صحيح إن المبادرة كان قوامها تجميعاً لأكثر من عشرين منظمة طوعية، ولكن رجاحة الفكرة جعلت الكثيرين من الشباب والشابات يتدافعون في هذا العمل الكبير.
يتبين من هذا الجهد الكبير الذي قام به المتطوعون أن الإرادة هي الأساس في تحقيق أي هدف، فلن تغني خطة استيراد العشرات من عربات النفايات أو تلك التي تبرع بها اليابانيون، إذا لم تكن هناك إدارة حقيقية ومتابعة للمشروع، وهذا يبين أيضاً أن منظمات المجتمع المدني يمكن أن تكون عنصراً مهماً في معالجة مشكلة نظافة العاصمة وتغيير وجهها إذا ما عمدت المحليات والولاية على السواء إلى عمل شراكة مع منظمات المجتمع المدني، فقيامها بدور التوعية والإرشاد فقط يمكن أن تقطع شوطاً كبيراً يجنب السلطات مشكلة فوضى رمي الأوساخ والتعامل معها، أما إذا كانت هذه المنظمات والفعاليات جزءاً من المشروع وكما حدثتنا التجربة يوم (الجمعة) الماضي، فإنهم حتماً سيُحدثون تغييراً كبيراً.
أقول ذلك وأنا أتذكر شريط معالجة النفايات في أوقات سابقة وبطرق بدائية للغاية لكنها كانت تحفظ للأحياء والعاصمة وجهها الجميل، لم تكن قبل سنوات خلت هناك أي عربات نفايات تجوب الأحياء والمدن كما درجنا عليه اليوم قبل أن ينهار المشروع، كانت هناك عاملات يأتين من أطراف “الخرطوم” يقمن بنقل نفايات المنازل منفردة محملة على (تشاطا) قديمة إلى (الكوشة) المركزية كما كان الحال عندنا في الديوم الغربية، تأتي تلك الحاجة كل أسبوع وتقوم بعمل نظافة واسعة وتحمل ما تجمع من نفايات خلال أيام وعلى طول إلى كوشة الجبل بالقرب من الرميلة، حيث المردم الرئيس للنفايات مقابل مبلغ زهيد يدفعه طالب الخدمة.
 ومن هذه النقطة كانت تبدأ مهمة السلطات المحلية في معالجة النفايات وفلترتها وحمل ما يمكن حمله إلى أماكن أخرى وهكذا كان الحال يسير، اليوم تتراص عربات النفايات على مد البصر ولكن المشروع لا يحصد إلا الفشل، ومن هنا يتبين أن المشكلة الأساسية في الكادر الذي يعمل، وفي دور السلطات أيضاً في المتابعة.
أتمنى أن تكون هذه المبادرة فاتحة خير في أن تعيد الجهات المسؤولة عن النفايات، النظر في هذا المشروع ترتبه إلى ما هو أفضل. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية