تفاصيل زيارة خاطفة مع نهايات إغلاق دفاتر التسجيل للاستفتاء الإداري بالجنينة
أكثر من (3) ملايين عدد المسجلين.. ووزير الإعلام يستعيد ذكريات طبيب صغير في المدينة
(خمسة قطية مية المية).. شعار ملأ أحد المراكز التي زرناها تأكيداً لخيار الولايات
تقرير – نجل الدين آدم
أول أمس (الاثنين) طوت ولايات دارفور الخمس مرحلة التسجيل للاستفتاء الإداري، لتدخل مرحلة جديدة للتنقيح السجل ونشر كشوفات المستحقين.
زيارة خاطفة لحاضرة ولاية غرب دارفور الجنينة جعلتنا نقف على تفاصيل ما جرى.. ونتقصى من قريب عن شكل الإقبال، ونعرف حجم تفاعل الجماهير ومدى إدراكهم لما هم مقبلون عليه، وذلك خلال رحلة الـ(9) ساعات التي رافقنا فيها وفد وزارة الإعلام الاتحادي برئاسة وزيرها دكتور “أحمد بلال” وأركان حربه وزير الدولة الأستاذ “ياسر يوسف” ووكيل الوزارة الأستاذ “عبد الماجد هارون” وقيادة الأجهزة التابعة للوزارة، حيث عقدوا اجتماعاً مهماً على الهواء الطلق بحضور ثلاثة ولاة وممثلي ولايتي شمال وجنوب دارفور لتغيبهما، وتناول الاجتماع الذي احتضنته جامعة الجنينة بالنقاش والبحث السبل الكفيلة لعبور تحدي نيل مواطن دارفور هذا الاستحقاق، وتذليل صعوبات تبصير المواطنين.
{ (خمسة قطية مية المية)
(خمسة قطية مية المية) كان أول ما لفت نظرنا من الشعارات ونحن ندخل إلى أحد مراكز التسجيل في يومه الأخير، وحالة تزاحم وتدافع كبير للحاق بركب الاستفتاء، لم ندرك كنهه في الوهلة الأولى، لكن تبين لنا بعد الاستقصاء أن هؤلاء يقصدون بهذا الشعار حرصهم على نظام الخمس ولايات كسأس للحكم وليس نظام الإقليم الواحد.
وعلمنا من المسؤولين هناك أن درجة الإقبال على التسجيل فاقت رقم التسجيل للانتخابات بفارق كبير، وقد أكد والي غرب دارفور د. “خليل عبد الله محمد” هذه المعلومة، إذ يبلغ الرقم الكلي للمسجلين بالولايات الخمس أكثر من (3) ملايين.
وفي مبنى جامعة الجنينة التأم الاجتماع التفاكري التنسيقي الموسع، حيث انضم إليه بجانب الوفد الاتحادي كل من والي غرب دارفور د. “خليل عبد الله” المضيف للفعالية ووالي شرق دارفور الأستاذ “أنس عمر” ووالي وسط دارفور الشرتاي “جعفر عبد الحكم”، وممثلين لواليي شمال وجنوب دارفور بسبب غيابهما بجانب وزراء الإعلام بالولايات الخمس.. أكثر من ساعتين محص فيها المؤتمرون في تحدى ما بعد التسجيل وهو الاقتراع الذي حدد له شهر (أبريل) المقبل بوصفه التحدي الأكبر، وكذلك المشكلات التي تحتاج لحلول عاجلة.
{ “بلال” يستعيد ذكريات طبيب صغير
(وأنا أستعيد الذاكرة، فقد زرت المدينة قبل (14) عاماً وهبطنا في مهبط مدينة الجنينة الترابي حيث لم يكن هنالك مطار، وأمس حطت بنا في مطار الشهيد صبيرة الدولي الحلم الذي كان يراود أهل الولاية، وكذلك لحظت من أعلى الطائرة طريق “الإنقاذ الغربي” صاحب أسطورة التنفيذ الشهيرة، وكيف أن المدينة كانت محدودة ليست بها كيلومتر واحد من الطرق المسفلتة، وذاك الملازم أول الذي كان وحيداً في مكتب إدارة المرور هو المدير والشرطي الذي يتقدم مواكب التشريفة و.. و.. ويوم أمس رأيت طرقاً مسفلتة وعدداً من عربات المرور وعسكرهم ينتشرون في الشوارع الرئيسة كما الخرطوم.. لم تكن توجد وقت ذاك أية طلمبة واليوم رأيت في وسط المدينة طلمبتين).. وفي مقابل ذلك، بدأ شريط من ذكريات الوزير “أحمد بلال” وهو يحكي كيف تم الدفع به إلى الولاية طبيباً صغيراً ليعالج أهلها في العام 1977.. ووقف عند تلك المواقف في فاتحة اللقاء التنسيقي قبل أن يدخل في الموضوع.. وزير الإعلام الطبيب “أحمد بلال” قال إن ثلاث حالات ولادة متعثرة استقبلته وهو قادم للمدينة، الأجنة نصفها خارج الرحم والنصف الآخر داخله، وورود حالات اعتداء بالأسلحة البيضاء، أحدهم جاء والسكين في أحشائه ولم تكن هناك كهرباء ولا بنج للعملية، والعمل يكون تحت ضوء “الرتينة”، وتذكر كيف جيء إليه بجرحى من الجبهة التشادية وهم في حالة صعبة ومعقدة، وتفاصيل أخرى تعبر عن الفرق الكبير بين الأمس واليوم.
وذكر “بلال” في حديثه أنهم في المركز كانوا يتخوفون من أن يكون هناك إحجام من المواطنين عن المجيء لمراكز التسجيل، لكن الآن بعد التقارير التي جاءت من الولايات ووقوفنا الميداني وجدنا أن الفارق كبير، حيث إن التسجيل حقق أرقاماً كبيرة وأصبح التحدي كيف ننجح في تمكين الناس من أن يقترعوا في ثلاثة أيام فقط، وتبين لنا من خلال وقوفنا هذا أن المواطنين يريدون أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم. وزير الإعلام أكد أن الإعلام هو الشريك الأساسي لإنجاح الاستفتاء الإداري، سيما أنه وبمجرد التوقيع على اتفاق “الدوحة” للسلام أصبح التزاماً أخلاقياً حتى لا يقال إن ما يوقع لا ينفذ، والاستفتاء سيكون في موقعه، وأكد الدور الكبير والمؤثر للصحافة رغم ما تشهده من تراجع في التوزيع.
والي غرب دارفور المستضيف للقاء التنسيقي “خليل عبد الله محمد” قال إن التسجيل للاستفتاء تجاوز آخر تسجيل للانتخابات في الولاية، حيث سجل للانتخابات العام الماضي (298) ألف مواطن، بينما سجل للاستفتاء نحو (4) آلاف مواطن، وأشار في التقرير الذي قدمه إلى أن الإقبال جاء ملفتاً، وأشار إلى أن البعض من عناصر الحركات المسلحة حاولت أن تخذل المواطنين عن هذا الاستحقاق لكن النتيجة جاءت مخيبة. “خليل” أكد أن التحدي ليس في التسجيل بل في الاقتراع الذي بموجبه يحدد الخيار الفائز، ومضى الوالي “خليل” إلى القول: (وجدنا أغلب المواطنين يتحدثون عن خيارهم جهرة)، لكنه تحاشى تحديد توجه معين لكنه عاد وقال: (المواطنون تبدو خياراتهم واضحة وهي الولايات). الوالي “خليل” دعا إلى حشد الإمكانيات وتكثيف الجهود للمرحلة المقبلة.
د. “خليل” أشار إلى ضرورة تعزيز الدور الإعلامي والرسمي وحشد القطاعات كافة في المجتمع من أجل أن ينجح الاتصال، وأشار إلى أن الاتصال الجماهيري الذي تم نجح بشكل كبير، وأكد أهمية محطات الـ(FM)، وشكا في ذات الوقت من تأثر المواطن بالرسائل السالبة من (راديو دبنقا)، وقال: (نريد أن نؤثر ولا نتأثر).
{ والي شرق دارفور يجاهر بخيار الولايات
والي ولاية شرق دارفور “أنس عمر” قال إن الشوط الثاني من عملية الاستفتاء هو الأهم، ويعني الاقتراع، وأضاف: (هذا هو شوط المدربين)، وكيف يتسنى لنا حث كل هؤلاء المسجلين على أن يحضروا إلى الاقتراع في فترة محدودة ليست كفترة التسجيل، وهذه الفترة هي ثلاثة أيام فقط.
الوالي “أنس” قال إن ولايته حققت رقماً كبيراً في التسجيل يقترب من الـ(800) ألف، حيث لم يخف الخيار الذي يريد قائلاً: (نحن بكل جرأة وشفافية داعمون لخيار الولايات لأنه يلبي طموحات المواطنين)، ومضى قائلاً: (لا يمكن بأي حال أن يتراجع الإنسان إلى الوراء في شأن الخدمات)، وأضاف: (في شرق دارفور الأمور مضت دون أي معوقات). “أنس” شكا من وجود مشكلة في استفادتهم من المحطات الولائية لتبصير المواطنين بسبب أنها غير متاحة، ودعا إلى ضرورة معالجة هذا الأمر. وتحدث أيضاً من خلال المداخلات عن استفادتهم من العناصر الشعبية المؤثرة مثل الحكامات والهدايين والاستفادة منهم إيجاباً في إرسال الرسائل الإيجابية للمواطن بدلاً عن المساهمة في إشعال نيران الفتنة من خلال ما يقولونه من أشعار ومناحات، وأشار إلى أنه تم تدريب لهؤلاء.
{ الشرتاي “جعفر” يستعد لاستقبال الاجتماع المقبل
والي وسط دارفور الشرتاي “جعفر عبد الحكم” شكا من وجود إذاعة واحدة في الولاية وذلك لن يتح الفرصة الكافية لبث ما يريدونه، وأشار إلى أن التسجيل بولايته مضى بشكل جيد واقترب العدد من (300) ألف. “عبد الحكم” أشار إلى أن حكومته استفادت من الإعلام الشعبي مثل (البرامكة) في معالجة المشاكل القبلية، وبالتالي حدوث استقرار في الولاية التي تستعد لاستقبال اللقاء التنسيقي المقبل حسبما أذاع وزير الدولة “ياسر يوسف”.
ممثل ولاية جنوب دارفور هو الآخر أشار إلى تحقيق التسجيل نسبة عالية، الرقم تجاوز الـ(700) ألف مواطن، وإلى أنهم جاهزون وقد أعدوا العدة.
والي شمال دارفور تغيب عن الاجتماع بعد دعوته في الخرطوم، وأشار ممثله في الاجتماع التنسيقي إلى أن التسجيل أحرز بدون أرقام اليوم الأخير أكثر من (300) ألف، وأشار أيضا إلى ذات التحديات في مسألة توصيل الرسالة إلى المواطن.
وزير الدولة بالإعلام “ياسر يوسف” قدم تقريراً شاملاً عن موقف أداء الإعلام في شأن الاستفتاء الإداري.
وتخللت الاجتماع مداخلات من مدير الهيئة العامة للتلفزيون الأستاذ “الزبير عثمان” وآخرين لتكملة الصورة، وخلص إلى توصيات أكدت ضرورة معالجة إشكالات محطات الـ(FM) والبث قبل وقت كافٍ من بدء الاقتراع.