رأي

مسألة مستعجلة

حتى لا تكون الويكة سبيلاً إلى العمى!!
نجل الدين ادم
لفت نظري الخبر الذي أوردته الصحيفة في عددها أمس (الجمعة)، تحت (الويكة) تسبب حالات إصابة كبيرة بالعشى الليلي لطلاب الخلاوى، وهو مرض يأتي نتيجة للنقص الغذائي حسبما ذكرت وزارة الصحة الاتحادية، حيث أشارت إلى ارتفاع حالات الإصابة بالمرض.
تناول وجبة ملاح (الويكة) لثلاث مرات في اليوم هو السبب الرئيس في هذا المرض، وكلنا يعلم أن هذه الوجبة ليس بها إلا القليل جداً من الفائدة الغذائية وهي وجبة لملء البطن فقط وما ياتي من فائدة دائماً ما يكون في الذرة التي تصنع منها العصيدة أو الكسرة التي تكون مكملة للوجبة.
الغريب في الأمر أن ذات الويكة وذات التركيز في أكلها في زمان سابق من قبل طلاب الخلاوى كوجبة يحدث اليوم، إلا أنه لم يصب في ذلك الوقت أي طالب بهذا المرض والذي يقود إلى غشاوة في العين يصعب معها النظر بالصورة العادية، بل يمكن أن يتطور الأمر إلى العمى إذا لم يتم تدارك هذه المشكلة. والسبب في وجه هذه المقارنة بسيط، ذلك أن الناس كانوا يستخدمون في ذلك الزمن مواد غذائية أخرى تقدم للطلاب أو غيرهم وهي تساهم بصورة مباشرة في تعويض هذا النقص الغذائي، ففي الأقاليم كان الحليب متوفراً بدرجة كبيرة في فصل الخريف، وكانت الذرة مختلفة عن التي يأكلها الطلاب اليوم، لكن تعقيدات الحياة الاقتصادية جعلت من العسير أن ينال أي طالب بالخلاوى أو في أي منزل متواضع كوب حليب صافٍ، حتى الذين يملكون أبقاراً أو أغناماً باتوا يفضلون بيع ما توفره لهم مواشيهم من حليب في السوق بغية الحصول على بضع جنيهات لتكملة الاحتياجات المتعددة، فليس طلاب الخلاوى وحدهم من يأكل الويكة ثلاث مرات، بل هناك قائمة من أولئك الذين يأكلون ذات الوجبة لمرتين أو ثلاث، لذلك فإن الأمر خطير وتحتاج الحكومة أن تقف عند هذه الدراسة البحثية الاستقصائية التي أجرتها طالبات من جامعة الأحفاد، بغية معالجة هذه المشكلة التي يمكن أن تتطور بتطور الأوضاع الاقتصادية.
 الحكومة بحاجة إلى إعادة النظر في ترتيب الأولويات سيما وأن هناك مؤسسات اجتماعية ينبغي أن توظف جهدها في حل مثل هذه المشكلة، فهل هناك أولى من أن يدفع ديوان الزكاة من مال أو توفير غذاء لأسرة جائعة أو طالب جائع في إحدى الخلاوى لا يستطيع أن يناول ولا وجبة واحدة تمنحه الغذاء الكامل؟، بالتأكيد لا وكذا بقية المؤسسات الاجتماعية المعنية ينطبق عليها الحال، هذا التقرير ينبغي أن يحفز الحكومة الاتحادية عبر وزاراتها ذات الصلة أن تقوم بعمل مسح ميداني واستقصاء في هذه الظاهرة، ومعروف أن الجوع هو الموت، وحتى لا تكون الويكة هي السبيل إلى العمى، فعلى الحكومة أن تنظر إلى هذه القضية بعين الاعتبار.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية