بكل الوضوح
بلد المليون أزمة
عامر باشاب
{ كلمة أو مفردة “أزمة” صارت من الكلمات الأكثر انتشاراً وشيوعاً في هذه الأيام خاصة عندنا في السودان، حيث تجدها تطاردك بكل قبحها في أي مكان وزمان، في البيت في الشارع في المسرح، في الصباح وفي المساء نطالعها في الصحف وفي برامج الفضائيات، وتخرج من أفواه الناس في الشارع العام وفي ملمات الفرح والمآتم، في تصريحات الناطقين باسم الأحزاب الموالية والمعارضة.
{ كل الساحات والميادين والحواري عندنا لا تخلو من كلمة “أزمة” بدءاً بالأزمة السياسية والأزمة الاقتصادية وأزمة الصحة وأزمة التعليم وأزمة السكن وأزمة الرياضة وأزمة الثقافة وأزمة المسرح وأزمة رغيف (العيش)، وأزمة المواصلات وأزمة الغاز وأزمة الثقة وأزمة الأخلاق، وأخيراً أزمة القلب التي انتشرت بكثافة في الآونة الأخيرة.
والغريب في الأمر أن الأزمات القلبية هذه كانت حتى وقت قريب محصورة وسط “ناساً حالا زين مصنع مصنعين”، ولكنها الآن دكت قلوب الغلابى الكادحين أولئك الذين قدر لهم أن يعانوا كل الأزمات.
{ الغريب أيضاً أن الأزمات عندنا أصبحت شيئاً عادياً جداً، وكلمة أزمة لم تعد تثير دهشتنا ولم تعد تلفت انتباهنا ولم نعد نقف عندها كثيراً.
والعجب العجاب أن كل أزماتنا لا يوجد لها حل، والنتيجة بالطبع هي أن الأزمة تؤدي إلى أزمة أخرى، وهكذا تتوالد الأزمات وتتكاثر حتى صار السودان بلد المليون أزمة، أو بالأصح صار أكبر سلة أزمات في العالم.
{ مازالت تساؤلاتنا قائمة.. جمعية حماية المستهلك هل انحصر دورها فقط في حماية المستهلك من الغش التجاري وعيوب الصناعة، هذه الأسئلة نعيد تكرارها ما دامت الفوضى والعشوائية تتحكم، فما زال تاجر الإجمالي وصاحب البقالة يبيعون بضاعتهم كيفما يشاءون وبالسعر الذي يرضي طمعهم وجشعهم، ومازال تجار العملة يتوزعون في أركان الأسواق بكل المدن الكبيرة يلوحون (بربطة العملة السودانية من الفئات الكبيرة) يستفزون بها الفقراء والمساكين، معلنين عبرها استمرارهم في تخريب الاقتصاد.
حقاً إلى متى يبقى السوق بدون أسعار موحدة وبدون رقابة تحمي المواطن من الجشع والفوضى والعشوائية التي سيطرت على كل الأسواق؟!!