التطبيع مع إسرائيل.. الحكومة الانتقالية.. الميزانية .. زيارة "تراجي"
أبرز القضايا والموضوعات إثارة في الحوار الوطني
الخرطوم – يوسف بشير
قبيل انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني وضعت آلية (7+7) خارطة طريق أوضحت فيها مرجعياته وآلياته وغاياته، وإن كانت الأخيرة لم تخرج للعلن حتى الآن، نظراً لعدم اكتمال أعماله. ثم وضعت بعد ذلك مطلوبات سمتها تهيئة المناخ وإجراء بناء الثقة، نفذت بالضغط على السلطات الحكومية بعضها، ونجحت في البند الرابع الخاص بضمان سلامة قادة الحركات المسلحة بعد صدور مرسوم جمهوري أودع في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، ومرسوم آخر بوقف إطلاق النار حددت فترته بشهر، وبعد انتهائه جددت الحكومة عزمها على التمديد مرة أخرى.
وقالت الخارطة إن أجل الحوار شهر إلى ثلاثة أشهر، ومضى حتى الآن إلى أربع أشهر، ووضعت مبادئ ضمت شمولية القضايا والشفافية والالتزام بالمخرجات، وحددت هياكل أهمها المؤتمر العام الذي ينتظر أن يحدد ميقاته هذا الأسبوع بعد أن رفعت ثلاث لجان من أصل ست توصياتها للأمانة العامة، ومن المتوقع أن ترفع الثلاث المتبقية توصياتها خلال هذا الأسبوع، تمهيداً لعقد المؤتمر العام الذي تتخذ فيه القرارات بالتوافق، وحال تعذر ذلك تجاز بأغلبية (90%)، وبعد ذلك تصبح توصيات الحوار قانونية.
{ بداية الانطلاق
ومثل انطلاق مؤتمر الحوار في العاشر من أكتوبر العام المنصرم حدثاً انتظره المجتمع السياسي بعد خطاب الوثبة الشهير، أيّ ما يقارب العامين، لتنتظم اللجان الست في اجتماعات ناقشت قضايا: السلام والوحدة، الاقتصاد، الحريات والحقوق الأساسية، الهوية، العلاقات الخارجية وقضايا الحكم وتنفيذ مخرجات الحوار، وحددت آلية (7+7) عضوية كل لجنة بـ(150) فرداً، ارتفعت في وقت لاحق بانضمام حركات مسلحة.
{ جدل الميزانية والصرف على المؤتمر
قبل بداية مؤتمر الحوار بيوم دار جدل كثيف حول ميزانية الحوار، قطعه مساعد رئيس الجمهورية بأن الحكومة هي الممول، لكنه لم يكشف أيّ رقم بخصوصه، تاركاً بذلك باب التكهنات مفتوحاً. غير أن الأمين العام أفصح عن ميزانية الإعلام، وقال إنها تصوّر من وزارة الإعلام، بلغت (600) مليون جنيه، صدّق منها مبلغ (118) مليون جنيه فقط.
وتفاقم الجدل المالي بعد عدّة أيام، وكاد أن يؤدي إلى خلافات بعد مطالبة عضوية اللجان بنثريات على الجلسات، قال فيها بعض الأعضاء إن رئاسة الجمهورية صدقت عليها، لكنها لا تعلم مواعيد صرفها.
ونقلت (المجهر) في الثالث عشر من نوفمبر المنصرم، من مصادرها أن آلية (7+7) قد رفعت توصية لرئاسة الجمهورية بأن تكون نثرية العضو ما بين (200-500) جنية لليوم، وأشارت إلى أن المقترح قد أجيز، لكن مصدر الخلاف في الجهة التي يتم فيها إيداع المبلغ، بين الأمانة العامة وإدارات الأحزاب وآلية الحوار.
على إثر ذلك، لم تجد الأمانة العامة حرجاً في تقليص اجتماعات اللجان من ثلاثة أيام ليومين في الأسبوع، نظراً لضخامة المبلغ الذي سيتم دفعه للمحاورين في حال استمرار الحوار ثلاثة أيام، وبررت الخطوة بحجوزات ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﻤﺴﺒﻘﺔ، لتبرز بعد ذلك تقارير إعلامية تفيد بارتفاع تكلفة وجبات الأعضاء.
{ أزمة التطبيع مع إسرائيل
مُذ قمة اللاءات الثلاث التي عقدت في الخرطوم، في العام 1967م، على خلفية نكسة ذات العام، وعرفت بهذا الاسم لتمسك القادة العرب بثلاث لاءات: لا صلح، لا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني.. مُذ ذلك العهد انطبع في الوجدان السوداني أن التطبيع مع إسرائيل أمر مشين، لذلك تبتعد عنه كل القوى السياسية، وبعد زهاء ستة عقود، اقترح رئيس حزب المستقلين عضو الحوار إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في العلن من داخل المؤتمر، وقال في الورقة التي قدمها للجنة العلاقات الخارجية: (لا مبرر لأن نناصب إسرائيل العداء، لأن ذلك يكلف البلاد سياسياً واقتصادياً). ليستمر بعد ذلك الجدل بين أعضاء اللجنة، التي انقسمت إلى مجموعتين إحداهما تنادي بضرورة التطبيع مع إسرائيل، بينما ترفض المجموعة الأخرى ذلك. ولم يتمّ حتى الآن الكشف عن إرفاق التطبيع في توصيات اللجنة، التي من المتوقع رفعها توطئة لإجازتها من قبل المؤتمر العام.
{ من الضد للضد
بعد أن ناصبت الحكومة العداء عبر الأسافير وبثها تسجيلات صوتية تهاجمها، حطت الناشطة السياسية “تراجي مصطفى” الرحال في الخرطوم عضواً في الحوار، لينقلب موقفها من الضد إلى الضد. وطوال فترة وجودها داخل العاصمة غازلت الحزب الحاكم مقابل هجومها على قادة بعض الأحزاب السياسية والحركات المسلحة. واحتفى الوطني عبر مؤسساته المدنية بالناشطة وفتح لها عدّة منابر لتقول رؤيتها من خلال وسائل الإعلام، الأمر الذي استغربه البعض ولم يتوانوا في تسميتها بـ(الظاهرة الصوتية).
{ المؤتمر العام يحسمها
المراقب لسير أعمال الحوار الوطني، يرى هيمنة أصوات المؤتمر الشعبي، في ظل غياب وانخفاض نسبي لصوت المؤتمر الوطني. ويكمن السر في ذلك لتعويل الشعبي على الحوار باعتباره المخرج الوحيد لحل أزمات البلاد.. وعلى أي حال فقد أغلقت كل اللجان أعمالها وتبقت مرحلة التصويت على ما حملت بواسطة الجمعية العامة للحوار حيث يشترط نسبة (90%) من جملة أصوات المؤتمر العام.
بهذا النهج، اقترح الشعبي تشكيل حكومة انتقالية بداية العام المقبل برئاسة “البشير”، وإنشاء منصب رئيس وزراء وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد نهاية الفترة الانتقالية يُحظَر على شاغلي المناصب الدستورية في مؤسسات الحكم الحالية خوضها، وذلك لتحييد أجهزة الدولة.
ولكن، الوطني استعجل خروج التوصيات وأعلن رفضه لمقترح الحكومة الانتقالية عبر مساعد رئيس الجمهورية، نائبه في الحزب “إبراهيم محمود” الذي وصف الاقتراح بأنه مجرد (وهم وحديث غير موضوعي)، وقال بنبرة حازمة: (لا يمكن أن تُلغى المؤسسات من أجل إنشاء مؤسسات جديدة غير معروف سندها القانوني، وتلك المقترحات تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي في البلاد).
غير أن لجنة الحكم وإنفاذ مخرجات الحوار، ضربت بحديث “محمود” عرض الحائط، وخرجت بتوصية سمتها تشكيل حكومة وفاق وطني، الأمر الذي قاد الوطني لتقليل حدته فقال إن الوقت مبكر للحديث عنها. وأمس الأول نقلت (المجهر) عن مصادر من داخل اللجنة اتجاهها لتشكيل حكومة وفاق وطني بعد ثلاثة أشهر من إجازة التوصيات، وتركت أمر إعلانها رسمياً إلى حين مناقشة آخر بنودها المتوقع مناقشتها اليوم.