رأي

لو ما كان السواد غالياً ما سكن العين

بقلم : مصطفى حاج أحمد- المحامي

طرحت  لجنة الحريات والحقوق الأساسية في الحوار الوطني مقترحاً بتغيير اسم السودان والعلم والنشيد الوطني، وقد اثار المقترح نقاشا واسعا ، وانقسم الناس حوله بين مؤيد ومعارض. وقد لفت نظري ، ان بعض المعارضين قد اسند موقفه لمرجعيات  عنصرية.  والذي يعنيني هو لماذا يغير اسم السودان، أصلاً؟ فالسودان اسم قديم ضارب في الجذور، فكلمة السودان لا ترمز للعبودية لأن العبودية هي عجز حكمي سببه الكفر، وقد يكون المسترق أبيض لو كان كافر.. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى فإن لبس السواد قد يكون سنّة كما فعل المصطفى “صلى الله عليه وسلم” ولبسه للعمامة في بعض أسفاره، أيضاً المعيار التفصيلي هو التقوى وليس اللون: (لا فضل لعربي على عجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى)، وفي الحج تقبيل الحجر الأسود سنّة، وأبونا “آدم” سمي بـ”آدم” لأن بشرته أدمة أي سمراء، وفي السودان لون الحداد على الميت اللون الأبيض وليس اللون الأسود كما ذكرت، فالمرأة تلبس الثوب الأبيض حداداً على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام والأصل في خلق الزمان الليل سابق النهار، والكعبة المشرفة كساؤها أغلبه سواد وجمال العين في سوادها والكحل أسود (نعم الكحل الأثمد)، وفي العيد يستحب لبس الجديد ولو كانت أسود، والغيث يأتي من سحابة سوداء، و”لقمان” الحكيم من السودان وكانت بشرته سوداء، وكبار الصحابة والتابعين كانوا سوداً، والسيدة “هاجر” من السودان فمن أحسن من الله صبغة.. وذات مرة داعب المصطفى “صلى الله عليه وسلم” الصحابي الجليل “زاهر بن حرام” وقال: (من يشتري هذا العبد؟) فقال له “زاهر”: (تجدني كاسداً يا رسول الله)، أي خاسراً فقال: (ولكنك عند الله غالياً)، وكان أسود، وأن هنالك صحابي اسمه “سواد” وله قصة مع رسول الله “صلى الله عليه وسلم”.
ولون سيارات رئاسة الجمهورية سوداء ترمز للقوة والهيبة والعزة والفخامة، فاللون الأسود هو سيد الألوان، والصلاة في الليل مضاعفة والمولى عزّ وجلّ يتنزل في الثلث الأخير من الليل، والمصطفى “صلى الله عليه وسلم” ذكر: (أشراف أمتي أهل القرآن وأهل قيام الليل)، ولون الدواية التي يكتب بها القرآن سوداء. فالمناداة بتغيير اسم السودان نسبة لسواد اللون هذا لعمري يدعو لبذر الفتنة والعنصرية والتمايز العرقي وفتق النسيج الاجتماعي، ونحن الآن أحوج ما نكون إلى التآزر والترابط، فالسودان دولة متربص بها داخلياً وخارجياً.وفي الختام، إنما اختلاف الألوان والأشكال آيات وعبر لأولى الألباب، فالعبرة بالقيم والأخلاق والمفاهيم والسلوك القويم والوازع الديني ليس إلا، ولولا سواد الليل ما طلع الفجر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية