في لقاء قناة (الحياة) مع رئيس حزب الأمة القومي "الصادق المهدي" (1-2)
الخطوات الآن ماضية في اتجاه عودتي للسودان وسيكون حدثاً ذا أثر سياسي
السجن مكنني من أن أدرس وأطلع على حوالي ثلاثة آلاف كتاب
الجنوبيون أدركوا أن الانفصال لم يكن الحل النهائي لمشاكلهم
الرئيس المصري السابق “حسني مبارك” قال لي: “من يمُد يده للنيل نقطعُها”
أجرى الأستاذ “تامر أمين” مقدم برنامج (الحياة اليوم) حواراً مع الإمام “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي في مقر إقامته بالقاهرة، وشمل عدداً من الملفات والقضايا المُهمة، وتنشر (المجهر) نص الحوار.
{ أهلاً بحضراتكم مرة.. ضيفي وضيفكم في (الحياة اليوم) الليلة هو واحد من أهم أعلام الفكر والسياسة في السودان والوطن العربي على مدار سنوات وعقود طويلة. هو سياسي في الثمانين ربيعاً. هو واحد من أهم المفكرين والسياسيين له مواقف كثيرة على المستوى العروبي، له نضالات كثيرة على مشهد الوطن السوداني، بالإضافة إلى أفكار تخُص العالم الإسلامي والوطن العربي. ضيفي في هذه الحلقة من (الحياة اليوم) الإمام “الصادق المهدي”. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
– وعليك السلام والرحمة يا أخ “تامر”.
{ أهلاً وسهلاً رغم إنه نحنا الفي ضيافتك.. لكن يُسعدني أن نستضيف حضرتك على شاشة (الحياة اليوم) ومشاهدو (الحياة اليوم) بيوجهو لك كل التحيات.
– وأنا أبادلهم التحية والتجلة.
{ يعني خلينا كدا نبدأ في الأول بشيء من التخفيف.. ثمانين سنة عمر كم سنة لسياسة؟
– في الحقيقة دخلتُ السياسة وأنا طالب في الجامعات المختلفة، وكنتُ أرأسُ فيها عدداً من جمعيات طالبية المشغولة بالفكر والسياسة.
{ (مقاطعاً).. تمام.
– ولكنني دخلتُ السياسة السودانية حقاً بعد وفاة والدي، الإمام “الصديق” في عام 1961. لكن أعتقد أن تاريخي السياسي تقلب من فترة طويلة في السجن إلى فترة طويلة في المنفى إلى فترة أقصر في الحُكم إلى بقية الفترات في المعارضة.
{ إمتى فترة الزخم السياسي.. فترة النُضج السياسي.. فترة الحُكم.. فترة النفي أم فترة الاعتقال؟
– أعتقدُ أنني نضجت قبل الأوان المُعتاد، حتى كانوا يقولون، هذا صغيرُ السن. والآن يقولون هذا كبيرُ السن. دخلتُ في الحقيقة المعمعة عندما اُنتخبت رئيساً لحزب الأمة في وقتٍ أنا فيه في أوائل العشرينيات من عمري، ثم صرتُ رئيساً للوزارة في السودان في أول الثلاثينات من عُمري. لذلك هذه النار أنضجتني. ثم السجن. السجن كان لي من أفضل فترات التطور الفكري والذهني والثقافي الذي استطعتُ فيه… وكان اتجاه الطُغاة الذين سجنوني، أن أُسجن دائماً وحدي حتى لا…
{ (مُقاطعاً).. تُنتج فكرك.
– (مواصلاً).. أتعامل مع الآخرين. وهذا مكنني من أن أطلع وأدرس على حوالي ثلاثة آلاف كتاب، وأن تنضُج أفكاري الأساسية حول كثير من القضايا في التفكر والتأمل في الخلوة. لذا أعتقد أن السجن كان لي كما أقولُ دائماً، قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت، وقد يبتلي الله بعض الناس بالنِعمِ.
{ صحيح… صحيح.
– فأنا أعتقد أن السجن كان لي البلوى التي أنعم اللهُ عليّ بها.
{ طيب لو انتقلنا سريعاً للمشهد السوداني الحالي.. سنوات الانفصال ما بين السودان شمالاً وجنوباً الآن.. كيف تُقيم الوضع.. هل ما حدث بالفعل كان شراً لابُد منه.. هل الوضع الآن فيه نوع من الاستقرار بالنسبة لنفوس السودانيين في الشمال والجنوب أم أن السودان يُعاني بعد الانفصال وسيظلُ يعاني إلى أن يعود إلى الوحدة؟
– هُناك الحقائق الآتية، عندما احتل البريطانيون السودان، قرروا أن السودان به جنوب يختلف تماماً عن شماله الذي تغلُب عليه الثقافة العربية والإسلام، والجنوب فتحوه للتبشير المسيحي، فخلقوا فيه هوية مسيحية أنجلوفونية.
{ تمام.
– هذا في رأيي هو الذي أسس للانفصال. ولكن الحكومات السودانية المختلفة، في رأيي، بعد استقلال السودان عجزت بدرجات متفاوتة في إدارة التنوع. وأسوأ فترة كانت في النظام الحالي، الذي قرر فوقياً، أن السودان هويته إسلامية عربية، ما جعل الجنوبيين يُجمعون على أننا لسنا عرباً ولسنا مسلمين.
{ يُشعرون بالغُربة.
– نعم. ويعتقدون أن هذا يجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، ولذلك أجمعوا على المُطالبة بتقرير المصير، فانفصل الجنوب. كان يمكن تجنُب هذا بدرجة عالية من اللامركزية، علاقة كونفدرالية، علاقة فيدرالية إلى آخره. ولكن الذي حدث في رأيي كان يُمكن تجنُبه لولا أن النظام اختار للسودان هوية فوقية بصورة حزبية تُفرض بالقوة مما أدى إلى ردة الفعل هذه. انفصال الجنوب فيه مخاطر كثيرة، أولاً لأن نفس سوء إدارة التنوع موجودة حتى في الشمال وكذلك في الجنوب. إن كان الحل لإدارة التنوع هو الانفصال، سيتمزقُ البلد إرباً إرباً.
{ طيب هو.. اسمح لي أرد على حضرتك.. هي القصة كانت لها علاقة بالهوية الثقافية والدينية والعربية والأنجلوفونية وكذا ولّا القصة كلها لها علاقة بالأوضاع المعيشية والتوزيع العادي للثروة والسُلطة.. يعني أيُهما غلب على الآخر؟
– كلهم كان جزءاً من الاستقطاب الذي حدث. صحيح هنالك تظلُم يُعتبر تحت عنوان التهميش لعناصر كثيرة في السودان. وهذا الذي يُعاني منه الآن السودان، في الجنوب وفي الشمال. إن الطبقة الحاكمة والنُخبة الحاكمة في كلا الحالين تقوم ضدها شكوى من أنها لا توزع الثروة والسُلطة بالعدالة المطلوبة.
{ نعم.
– ولكن هناك أيضاً التطابق ما بين هذا التظلُم الاقتصادي والسياسي والتظلُم المُنطلق من الهوية الثقافية والدينية.
{ فهذا أكمل ذاك.
– نعم.
{ طيب.. ما حدث لا يمكن التراجع عنه. لا يمكن استدراكه أم أن الأوان قد فات؟
– يمكن استدراكه لسببين.. الجنوبيون أدركوا أن الانفصال الذي تم لم يكن الحل النهائي لمشاكلهم. بل الآن يتطلعون لعلاقة خاصة مع الشمال. ولذلك هذا يمكن في إطار مُراجعات لديهم أن يحدث فيه في رأيي خُطوة نحو الوحدة، سواء أخذت شكلاً كونفدرالياً أو غيره، في الشمال كذلك. واضح تماماً أن الأجندة الحزبية ذات المرجعية الإخوانية فشلت. والآن يوجد مسعى وتطلُع عبر الحوار الذي يقومُ الآن لإيجاد أساس فيه نظرة تقبلُ التعدُدية وتقبل أن الإسلام نفسه ليس دين أحادية وإنما يستقبل.
{ (مُقاطعاً).. التنوع والاختلاف.
– (مواصلاً).. التنوع والمُشاركة.
{ من تأثر سلباً أكثر الشمال أم الجنوب؟
– أعتقد الشمال، لأنه سقط من مكانة عالية. الجنوب أصلاً كانت الحرب وغيرها قد جعلته في مرحلة…
{ (مُقاطعاً).. قد أنهكته.
– نعم، ولذلك هو أصلاً كان في حالة مُزرية. الشمال كان في مستوى أفضل كثيراً، كذلك من الأشياء التي أضرت بالشمال، أن النظام الحاكم في السودان بعد أن استغل البترول الذي اكتُشف قبل النظام في السودان وجاء بالبلاد بما لا يقل في فترة عشر سنوات، بما لا يقل عن خمسين مليار دولار، بددها، لم يُحسن استغلالها بالصورة التي تُستخدم بالتنمية بحيث إنها تؤدي للاستثمار في الإنتاج المُتجدد. بُددت في المصروفات الأمنية، في المصروفات البزخية، في أشياء من هذا النوع، لذلك رفعت تكاليف الحُكم، ورفعت فاتورة العمل العسكري والأمني. لذلك عندما انفصل الجنوب، واجهت البلاد عجزاً كاملاً في ميزانياتها الداخلية والخارجية، بالصورة التي أرهقت البلاد، الآن تُعاني منها، أثناء فترة البترول رفعت التكاليف والعيشة البزخية في كل المجالات، ثم لم تهتم بالإنتاج في المُنتجات المُتجددة ولذلك الآن البلاد تُعاني من أزمة اقتصادية طاحنة.
{ لكن حضرتك شايف أنه ربما تجبر الأحداث الشمال والجنوب على مراجعة الحسابات؟
– نعم لأن التجربة الآن منذُ انفصال الجنوب في عام 2011، في المجالين، تجربة فاشلة وتجربة حزينة، وفي رأيي…
{ (مُقاطعاً).. ألا تخف من ما يمكن تسميته بالعند السياسي؟
– لا أعتقد أن هناك الآن في الطرفين إحساس بأن الانفصال لم يأت بأية فائدة للطرفين. وإمكانية التعاون، لأنه هناك قضايا كثيرة. هناك قضية مياه النيل، هناك قضية الأمن الغذائي، التجارة بين البلدين لا تقل عن اثنين بليون دولار…
{ بليون.
– بليون دولار، وهكذا. وعلى أية حال، الجنوب يُدرك أنه كدولة لابد له أن يتعامل مع الشمال الأفريقي العربي الإسلامي.
{ صحيح.. صحيح.
– والشمال يُدرك أنه لابد أن يتعامل مع أفريقيا جنوب الصحراء.
{ طيب.. بس هو.. النقطة على أية حال زي ما حضرتك قلت.. والسؤال كدا وجب.. هل قرار العودة من الانفصال أو البقاء على الانفصال هل هو قرار سوداني بحت.. بمعنى هل من سمح للسودان بالانفصال سيسمح له بالعودة من الانفصال؟
– كل الذين راهنوا على أنهم يستطيعون بعد الانفصال أن يحصلوا على دولة يستطيعون بها أن يواصلوا إستراتيجياتهم العالمية، صاروا يتحدثون عن أن هذا كان تصوراً كاذباً، وأن الجنوب بشكله الحالي عبءٌ على نفسه وعليهم. ولذلك في رأيي هم الآن لا يمكن أن يقفوا حجر عثرة ضد أي نوع من العلاقات تطور بين البلدين، إذا كان الشمال أو السودان قد أدرك أيضاً أنه لا يستطيع أن يفرض، ولا ينبغي له أن يحاول أن يفرض على الجنوب هوية قسرية عُلوية.
{ تفتكر التوافق الشعبي والعلاقة الشعبية.. نرى على مدار الشهور الماضية بعض التوترات في المسائل الشعبية سواء فيما يتعلق بتعامل السلطات السودانية مع بعض المصريين في السودان أو تعامل السلطات المصرية مع بعض الإخوة السودانيين هنا في القاهرة.. هل تعتقد أنها مقصودة لتهييج المشاعر الشعبية لمحاولة توتير العلاقات المصرية السودانية.. ولّا دي إفرازات طبيعية للتطورات السياسية؟
– ببساطة شديدة جداً أنا أعتقد أصلاً هنالك.. نستطيع أن نقول تنافر إستراتيجي. الأشياء التي حدثت لا أعتقد أنها كانت مُدبرة، ولكنها أُعطيت مثلاً نوعاً من الإعلام الأكبر لأنه أصلاً هنالك هذا التنافر الجوهري. وللأسف هذا التنافر الجوهري يمكن أن يصنع دائماً من الحبة قبة.
{ صحيح.
– لكن المرجع لهذا هو هذا التنافر المبدئي أو الجوهري بين الأوضاع في مصر والأوضاع في السودان.
{ أيه الأمل في تغيير هذا التناقض لأن الحقيقة فضيلتك تعرف أن مصر والسودان لا غنى لأيهما عن الآخر والسودان قوة لمصر ومصر قوة للسودان خصوصاً في ظل الدائرة الملتهبة حولنا في الوطن العربي سواء كان في ليبيا من الناحية دي وفي اليمن وفي دول الخليج وما يحدث في جنوب أفريقيا.. فبالتالي أيه المخرج.. يعني إذا وضعت روشتة للخروج من هذا التناقض الإستراتيجي ما بين مصر والسودان؟
– في رأيي هنالك أمران.. تطور في السودان…
{ تطور ديمقراطي؟
– نعم تطور ديمقراطي على أساس ما ندعو له يُحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، وهذا وارد. في مصر مراجعة الملف المُتعلق بالإسلام والإسلاميين. هذه المُراجعة يجب أن تُميز بين إسلاميين نهجهم فيه مُراجعة عملية، على نحو ما كان يقول، ما يُسمى أو تابع لـ”الهضيبي” و”التلمساني” وهناك التيار القطبي، وأنا أعتقد المُراجعات المطلوبة في الملف الإسلامي في مصر، يجب أن يُميز في رأيي بين الحركية السياسية التي تقبل الاندماج في العملية السياسية كما حدث لحزب النهضة في تونس…
{ (مُقاطعاً).. وما بين حركات العُنف.
– (مواصلاً).. والحركات الأُخرى التي تنتهج نهجاً قطبياً وبالتالي تنفتح على الحركات الجهادية التكفيرية.
{ ننتقل لملف مُهم آخر يخص مصر والسودان وتشترك معهما إثيوبيا في ملف سد النهضة. لأي مدى ترى سد النهضة أولاً مُخيفاً على حصة المياه المصرية؟ رقم اثنين.. المخرج.. المخرج سياسي.. المخرج عسكري.. المخرج بالتفاوض أو ربما لديك أطروحة تختلف لكن أنت تعلم قلق المصريين جميعاً من مشكلة سد النهضة؟
– شوف يا أخي ببساطة، أنا أعتقد أن موضوع النيل دا، موضوع مُحتاج لاتفاق إستراتيجي.
{ تمام.
– نحن في السودان وفي مصر اتفقنا في عام 1959 اتفاقاً ثنائياً عزلنا دول حوض النيل، هذا أدى إلى تكتُلهم ضدنا. ومنذ إذ صاروا يعتقدون ما دام هناك تصرفات انفرادية، نتصرف انفرادياً. وأنا في عام 98، 1998 التقيتُ رئيس وزراء إثيوبيا، السيد “مليس زيناوي” رحمه الله، قال لي نحن نُريد أن نتحدث معكم، معكم في مصر والسودان حول قضية النيل ولكنكم لا تُريدون. عندما اجتمعت معهم عام 1959 طلبنا أن يكون لنا حضور، رفضتم.
{ الحقيقة لازم نعترف إنه كان في.. في هذه الفترة في التسعينيات.. كان في حالة من حالات الاستعلاء المصري تجاه شعوب جنوب القارة.
– المُهم، رفضتم إذا لم تستجيبوا لهذا الطلب يوماً ما سنتصرف مُنفردين، وأنا…
{ (مُقاطعاً).. قالها لك.
– قالها لي. وأنا نقلت هذا الكلام، يعني قبل أكثر من، يعني من سنة 1997…
{ قبل (18) سنة.
– للرئيس المصري السابق “حسني مبارك”، وقلت له، قال لي ذلك، قال لي: “من يمُد يده للنيل نقطعُها”.
{ “مبارك” قال ذلك؟
– أيوة.
{ من يمُد يده للنيل.
– سنقطعُها. منذ إذ أنا ذهبت وخصصت نفسي في مشاكل النيل، وأصدرت كتاباً بعنوان “مياه النيل الوعد والوعيد” وفيه قُلت وببساطة شديدة، إذا لم نتفق على إستراتيجية جديدة تضُم كل دول الحوض وتأتي باتفاق جديد إستراتيجي ويحقق ذلك الوعد لأن النيل يمكن أن نزيد من دفق مياهه ويمكن أن نحمي بيئته وهناك جوانب…
{ (مُقاطعاً).. ونقلل الهدر منه.
– ونقلل الهدر منه ونزيد حصاد المياه التي تصُب في المناطق، يعني هناك عوامل كثيرة تتوقف على الاتفاق، وكذلك هناك عوامل تستوجب التأثير على الطلب، مش بس العرض. كيف نستخدم هذه المياه بصورة، مثلاً نوقف الري بالغمر، لآخر هذه الأشياء. قلت هذا، هذا هو الوعد بالنسبة للنيل. وكذلك بالنسبة للوعد، أن هناك، مصر أكبر مُستهلك لمياه النيل، السودان عنده أكبر المياه، إثيوبيا ودول الحوض الأُخرى عندها أكبر القُدرات على إنتاج الكهرباء، نعمل اتفاق عشان هذه المسائل تحل مشاكل بعضنا البعض إستراتيجياً…
{ (مُقاطعاً).. طيب سؤالي الآن هل فات أوان هذا الكلام؟
– ما أنا جاييك. دا القلته. دا الوعد. الوعيد، أن لا نفعل هذا فيتصرف كلُ منا حسب ما يُريد. ولذلك نحن يجب أن نفعل هذا. وللأسف هذا الكلام، صدر كتاب، هذا الكتاب طبعته الأعراب سنة 2000، ولم يُراع أحد…
{ (مُقاطعاً).. طيب سؤالي هل الآن في 2016 هل هذا الطرح ما زال قائماً؟
– لا، مؤكد قائم. أنا رأيي الآن الدول الثلاث…
{ (مُقاطعاً).. بس من الواضح أن إثيوبيا قررت تتصرف انفرادياً.
– معليش ما هو دلوقت مُستعدة تحتوي الآثار. والاتفاق الذي تم الآن بين الدول الثلاث حول الاتفاقية الإطارية على الأقل وفرت ثلاثة أشياء. أن النيل ملكية مُشتركة، أن النيل السيادة مُشتركة عليها. ثانياً أن لا نضُر بعضنا بعضاً. ثالثاً أن نقبل ما يقدمه الفنيون بشأن قضايا مُعينة. أنا في رأيي دا شيء فيه احتواء للضرر، ولكن إذا اتفقنا حتى في موضوع النيل مع إثيوبيا، هناك دول أُخرى لها دور. في أمرين، صحيح مُساهمتُها الآن في مياه النيل لا تزيد من (14%)، دول الهضبة الاستوائية، ولكن إمكانية زيادة مياه النيل تتوقف أكثر على النيل الأبيض وجونقلي الواحد، الأول والثاني والثالث. إذن هنالك حاجة للاتفاق العام. في رأيي للأسف لو عملنا اتفاق الآن نحن وإثيوبيا، دا أيضاً الآخرون سوف يعتبرونه اتفاقاً ثنائياً.
{ وسيتكرر السيناريو.
– وسيطالبون بموقف، لذلك نحن محتاجون لنظرة إستراتيجية. أنا عضو في المجلس العربي للمياه، وهو مجلس قومي، وأنا سأقترح عليهم هم أن يتبنوا فكرة اتفاق إستراتيجي لحوض النيل يشمل كل الأوضاع وليس اتفاقاً ثنائياً، وأنا سأقدم لهم إن شاء الله هذا في الاجتماع القادم وهو سيكون في شهر فبراير القادم إن شاء الله، سأقدم لهم اقتراحاً حتى يتبنى هذا المجلس إستراتيجية نحو النيل للحوض ليس فقط للـ…
{ مُقاطعاً).. دا اقتراح ممتاز.
– (مواصلاً).. أيوة. ليس فقط للهضبة الإثيوبية. وأعتقد هذا الآن ضروري لأن المعنى الأساسي هو دول المنبع، دول المنبع عندها شيئان مُهمان. أولاً إمكانية المُساهمة في زيادة مياه النيل. الشيء الثاني أن ظروفها تسمح لها لإنتاج الكهرباء أقل تكلفة من ظروفنا. فإذن هذان الأمران يتطلبان اتفاقاً مع دول الحوض الـ…
الأستاذ تامر:- (مُقاطعاً).. ولو طلبتهم أعتقد في الاجتماع لن يردوه لك.
– (مواصلاً).. دول المنبع. السودان عنده إمكانية لأراضٍ واسعة جداً، واسعة جداً. نحن عندنا حتى بعد انفصال الجنوب (120) مليون فدان، هذه مُهمة جداً للسودان وحتى لغير السودان أن ندخل معهم في اتفاق مزارعة. مزارعة ليستفيدوا من هذه المياه. الموضوع الثالث مصر أكبر مُستهلك للمياه، الكلام الذي يقولونه الآن عن حصة مصر، إذا قيل إن حصة مصر هي (55 ونص مليار متر مكعب) كما في اتفاقية 1959 هذه كانت أيام الشعب المصري كان (30) مليون، الشعب المصري الآن (90) مليون، هذا لا يكفي. فلابُد أن نأخذ في الحسبان أن مصر محتاجة لزيادة…
{ دا كلام مظبوط.
– هذه الأمور عايزة مُناقشة على أساس إستراتيجي، وأنا في رأيي…
{ (مُقاطعاً).. فكرة المؤتمر الشامل لدول حوض النيل فكرة في رأيي حتمية.
– دا مُهم. والمُهم أنه حتى الآن دول المنبع لم تتحدث كما تحدثت تركيا. لأن تركيا تتحدث عن أن مياه دجلة ومياه الفرات حق سيادي لتركيا ولذلك تواجه العراق وسوريا بهذا الموقف.
{ ونحن لا نريد أن نصل لهذه النقطة.
– تمام. لأن هؤلاء الآن يتحدثون بلغة هذه سيادة مُشتركة، لننتهز هذه الفرصة ونتفق اتفاق إستراتيجي مش ثنائي.
{ أنا بشكرك شكراً جزيلاً.. أثقلت عليك.
– لا أبداً.
{ لكن استمتعت بحواري مع حضرتك. بس هو سؤال أخير لابد منه. هل يفكر الإمام “الصادق المهدي” في العودة إلى السودان.. طبعاً منورنا هنا في مصر.. لكن هل تفكر في العودة إلى السودان؟
– جداً. الخطوات الآن ماضية في هذا الاتجاه. نحن الآن في حزب الأمة كوّنا لجنة عُليا للإشراف على هذه المسألة، لأنها لن تكون حدثاً صامتً، سيكون حدثاً ذا أثر سياسي.
{ نعم.
– ولكن أنا كنت قد قُلت، أنا تأخرت في الخارج لإكمال مهام معينة. واحد، توحيد القوى المعارضة. والآن نحن نعتقد أنها قطعت خطوات، وقريباً سنلتقي في برلين لنُكمل صورة الاتفاق لكل قوى السودان، المستقبل الوطني. ثانياً، عندنا مجهود في ظل منتدى الوسطية العالمي لإيجاد مُعادلات توفيقية للقضية الإسلامية، العلمانية، السنية، الشيعية إلى آخره، ودا أيضاً تم الحمد لله حتى الآن قطع شوط فيه. الموضوع الثالث، أنا عضو اللجنة التنفيذية لنادي (مدريد)، وهذا النادي يضُم (111) عضواً هم رؤساء جمهوريات ورؤساء حُكومات سابقين كانوا انتُخبوا ديمقراطياً. هؤلاء عقدوا فعلاً مؤتمراً لنتحدث عن موضوع الإرهاب وموضوع الهجرة غير القانونية إلى آخره، وهذا قد اكتمل الحمد لله. الآن إذن تأخري في الخارج قد انتهت مُهمته، أما أعود، لا أريد أن أعود في صيغة اتفاق ثنائي بيننا وبين النظام. تكون عودتي في اتجاه مقبول من كل قوى السودان المستقبل حتى لا يؤدي هذا إلى تمزيق موقف القوى السياسية. وهذا أعتقد أنه تم التفاهم عليه، ولذلك أعتقد أنه إذا أوصت أو قررت أجهزة حزب الأمة
الآن بهذا القرار وتجاوب معه زملاؤنا وحلفاؤنا سنقرر عودتي إن شاء الله.
{ أنا أعتقد أن العودة قريب.
– إن شاء الله.