حوارات

البروفيسور "إسماعيل الحاج موسى" في حديث لـ(المجهر)

* أنا الرجل الوحيد الآن.. عضو (مجلس شورى اتحاد المرأة)!
* لم أنتم لـ(الحزب الاتحادي) لأنني كنت أعكف على بناء حزب أسسته
* المرأة أصبحت عضواً بالمحكمة العليا قبل أن يحدث ذلك في “أمريكا”
* “نزار قباني” قال في السودان أحس بأنه قديس.. وليس مجرد شاعر وحسب!
حوار ــ أمل أبو القاسم
ما أن خطوت نحو مكتبه، وأنا أزيح مزلاج الباب، إلا ووقف وهو يخطو ذات الخطوات وبطريقة راقية ومهذبة مشبعة بـ(الاتيكيت)، استقبلني في منتصف مكتبه الفخيم. جلست إلى الرجل وقلبت معه بعض الموضوعات، وكانت نيتي أخذ إفادة.. ولكن ولأن البروفيسور “إسماعيل الحاج موسى”، رجل موسوعة وتقلب وشغل عدداً من المناصب، فضلاً عن اهتماماته الأخرى، التي لا ينفصل بعضها عن السياسة والمجتمع، فقد آثرت أن لا أخرج منه خاوية الوفاض، فاخترت الحديث معه عن المرأة لأنها أو كما يوصف بأنه (نصيرها)، يأتي ذلك في عدد من المواقف، كان أبرزها وقوفه أمام والي الخرطوم في الثمانينيات الدكتور” مجذوب الخليفة” أمام المحكمة الدستورية في قضية شغلت الرأي العام، وقتها، وهي مرافعته عن منع المرأة من العمل في بعض المهن، على خلفية حالة أولئك السيدات اللاتي عملن في طلمبة شل وليوم واحد، وكذا بعض الأعمال الأخرى. وكسب القضية بعد سجال عنيف، محققاً بذلك للمرأة حرية، وتقلد أي منصب ومهنة. كما أنه العضو الوحيد – الرجل –  في إتحاد عام نساء السودان الحالي.
طوفنا مع البروف في كثير من الموضوعات ذات الصلة، الحب والزواج والتربية والطلاق وغيرها الكثير، خلال الحوار التالي، على أمل اللقاء به في حوارات متنوعة، ومتخصصة، كيفما اتفق.
ـــ مرحب بيك بروفيسور “إسماعيل  الحاج موسى”.. بدءاً هلا حدثتنا عن بعض ما قمت به.. وتوليته خلال فتراتك السابقة.. والانتماء الأسري؟
ـــ طبعاً أنا، وفي الحسبة تربطني علاقة نسب قوية بالسيد “إسماعيل الأزهري”، ولهذا النسب حاول المقربون ضمي لـ(الحزب الوطني الاتحادي)، والذي عرف لاحقاً بـ(الاتحادي الديمقراطي)، لكني كنت أعكف على بناء حزب أسسته، وعدد من الزملاء، منهم “فضل الله الحسن” وآخرون هو حزب (الجبهة الاشتراكية)، إلى جانب رئاسة إتحاد طلاب جامعة الخرطوم، لغير الأخوان المسلمين، مدة ست سنوات، أيضاً كنت رئيس مجلس التشريع والعدل و..و.. لدي عدد من الملفات، ما يعني المرأة منها مؤلفان، (المرأة العاملة في مناطق الحضر) و(وضع المرأة في إطار العولمة).
{ ما هي قصة المرافعة أمام والي الخرطوم؟
ـــ اشتكيت “مجذوب الخليفة” في الدستورية، عندما منع النساء يشتغلن في مهن بعينها، بتكليف من اتحاد المرأة عندما تم تكوينه، كما طلب مني “علي عثمان”،ت قديم ورقة ففعلت، وقلت له مداعباً (هذه ورقة تحريضية)، طبعاً أنا الرجل الوحيد الآن أشغل  موقع عضو (مجلس شورى اتحاد المرأة) حالياً.
{ هل تم اختيارك لأنك نصير المرأة؟
ـــ هم من قدموني ووصفوني بذلك “نصيراً”.. قدمت مرافعة كاملة أمام والي الخرطوم لمنعه المرأة العمل..
{ هل المنع كان عاماً أم خاصاً بمؤسسات بعينها؟
ـــ طبعاً البداية كانت درامية، حيث إن (شركة شل) عملت تجربة أتوا فيها بالمرأة للطلمبة تمسك المسدس، ولم تستمر سوى يوم، ثم أوقفتهن (شل)، ويبدو أن أحد الأئمة في حضور الوالي هاجم المسألة دي، فما كان من الوالي إلا وأن أصدر قراراً منع بموجبه النساء العمل في العديد من المحال كالفنادق والكافيتريات السياحية ونحوها.
وهذا جزء من مرافعتي: السادة رئيس وأعضاء المحكمة في الرابع من سبتمبر، أصدر السيد والي الخرطوم قراراً بمنع عمل النساء بالمواقع التالية، العاملات في محطات الوقود اللاتي يقمن بصرف الوقود بواسطة المسدسات للجمهور، والعاملات في تقديم الخدمات بالفنادق والمطاعم والكافيتريات من تقديم خدمات السفرة المباشرة للعامة، ما عدا خدمات الأسر، أيضاً أن لا تقدم خدمات الغرف بالفنادق من قبل العاملات من النساء، إلا للنساء فقط. ويأمر القرار وزارة الحكم المحلي والإدارة والتنظيم والشؤون الاجتماعية والثقافية وإدارة شرطة الولاية، وضع القرار موضع التنفيذ الفوري. وفي التاسع من سبتمبر عام 2000م تقدم موكلي إتحاد عام المرأة السودانية كمدعٍ أول وخمسة عشر من العاملات كمدعٍ ثانٍ، يطعن إلى محكمتكم الموقرة ضد هذا القرار لجملة أسباب. منها أن القرار أضر بمصالح النساء العاملات في تلك المهن، وأهدر حقاً دستورياً تحميه المادة (21) وهو الحق في التساوي في وظائف الحياة العامة، وفي الأهلية للوظيفة، وعدم التمييز بسبب العنصر أو الجنس أو الملة الدينية، إن المهن التي منعت شريفة ومشروعة للتكسب، والمنع مخالف للمادة (28) من الدستور المعنية بحق الكسب، إلى جانب تضرر المدعي الأول، اتحاد عام المرأة السودانية.
{ هل كسبت القضية.. وكم استمرت؟
ــ استمرت مدة طويلة وكسبتها في وقت كان “مجذوب الخليفة” قوياً جداً وفي قمة أوجه، وكان في معيتي الأستاذ “غازي سليمان” مدافعاً عن بعض النساء، لكني كنت أدافع عن كل النساء، ممثلاً لإتحاد المرأة.
{ مناصرتك للمرأة هل أتت من كونك درست بـ”أوربا” وتأثرت بها؟
ــ أبداً.. لكن وفقاً لما أحدثته المرأة السودانية في العقود الأخيرة من تطور كبير في أوضاعها، ووسعت بقدر معقول من نطاق وحجم إمكانياتها، وحسنت إلى حد ملفت للنظر من مكانتها في مختلف السوح والصعد، فقد بدأت المرأة منذ أربعينيات العقد المنصرم تحط عنها القيود والأغلال الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، التي كانت تكبل خطوها، وفترة استيقاظ الشعور الوطني وانبعاث الحركة الوطنية الحديثة، قد أيقظت معها إحساس المجتمع بأسره والمرأة بصفة خاصة.. والمرأة، كماً وكيفاً، أصبحت راغبة وطامحة، كما أصبحت قادرة ومؤهلة لهذا الإسهام المطلوب.. وغيره كثير مما تضطلع به المرأة.
{ ماذا حدث بعد ذلك؟
ـــ الآن ترين إنهن يعملن في الفنادق وغيرها، وأعتقد أن بهذه القضية عملت فتحاً كبيراً للمرأة، فالقضية كانت دستورية وليست بالسهلة.
{ ما زلت أكرر السؤال من أين جاء اهتمامك بالمرأة.. هل لأنك عشت في بيئة تحترم المرأة.. مثلاً؟
ــ شخصياً أفتكر أن المرأة جزء مهم وأصيل في المجتمع، وضع المرأة يستحق هذا الحرص، وأن نفرد له مساحات وحيزاً من الوقت والاهتمام وأن نحشد له اهتمامنا.. فهي التي كرمتها كل الأديان السماوية، ودعت لبرها، وهي التي وقرتها التقاليد العربية، فالمرأة زوجة وهي من آيات الخلق نسكن إليها، والمرأة خطيبة وحبيبة هي التي ذخرت كتب الشعر بوصفها.
{ جميل.. لكني أعتقد أن المرأة في الآونة الأخيرة أصبحت مهضومة الحقوق، والعنف تجاهها في زيادة.. الطلاق واحدة من الإشكاليات وهناك عشرينيات مطلقات.. هروب الأزواج وتصدي المرأة في أن تكون مسؤولة في عمر باكر؟
ـــ في رأيي أن هذا ليس خطأ المرأة إنما خطأ المجتمع ككل، وبه ظواهر كثيرة سالبة ليس في هذا المجال فحسب، فهناك جنوح الشباب، وافتكر أن مرد ذلك بأنه كانت أن هناك علائق أسرية قوية جداً، الآن ضعفت، والشاب أصبح يقضي معظم يومه مع أصدقائه ولو بالمنزل، ولا يقضيه مع الأسرة إنما مع الكمبيوتر و(النت) وغيرهما، لذلك فإن الوشائج الأسرية تفككت تماماً وانفلت الشباب، لذا نسمع بقضايا المخدرات والاغتصاب، والهروب، والانقياد مع التيارات الدينية وأشياء كثيرة محزنة.
{ حتى الأمومة أظنها ليست كأمومة زمان ليست بها جرعات حنان كافية.. وكذا التربية رغم أن هناك معينات كثيرة.. أليس كذلك؟
ــ هذا ليس خطأ المرأة، فالابن نفسه ليس لديه وقت لحنانها مع مشغولياته والكمبيوتر.
ــ برأيك.. هل أمومة زمان كما هي اليوم؟
ـــ أذكر عندما كنت وزيراً، صحيح كان عمري صغيراً، أو أصغر وزير، وقتها كان عمري 28 سنة، لكني أحمل مسؤولية، طبعاً اسمي في الشهادة “إسماعيل الولي موسى” وكثيراً ما ينادوني بـ”ولي”.. وكوزير للثقافة والإعلام كنت كثيراً ما أتأخر في المكتب بحكم طبيعة المهمة، ولما أرجع مع فتح الباب، تبادر أمي بسرعة: “ولي”.. يوم عتبت عليها متحججاً بأني لست صغيراً فألقمتني رداً اعتبره حكمة: ما تفتكر إنك بقيت كبير ووزير.. إنت في نظري صغير.. وح يجي يوم تعرف فيه قلب الأم). وفعلاً لما أنا ولدت ولدي، كنت أصحو حوالي (12) ليلاً، وإذا بزوجتي غير موجودة وبالبحث عنها أجدها بالخارج، فأسالها ما بك؟  فترد عليّ بأن “محم”د ما زال خارجاً.
{ تربية والدتك فيك.. هل طبقتها في أولادك؟ أم تعتقد أن الجيل الجديد يحتاج إلى نوع غير من التربية؟
ـــ “علي بن أبي طالب” يقول (أبناء زمان غير زماننا).. تعلمت المزيد من الصبر والحنان، وأقول إن الولد ثمار قلوبنا، ولم أكتسب من خبرات الحياة سوى معرفة الأصدقاء وبعض قيم الخير.. ربما تمنيت أن أورثهم الشرف والحرص والمعرفة والإحساس بالمسؤولية وحب الخير للناس وحب بلادهم.. وأن يتحلوا دائماً بالشجاعة والرأي والسلوك والثبات.
على أي حال هم أبناء عصر غير عصرنا وزمان غير زماننا، فلينتقوا طريقهم ويكتسبوا تجاربهم ويتعلموا من الخطأ والصواب وتجارب الحياة خير معلم، لكني سأترك لهم ثروة من الأصدقاء الأوفياء.  فالصديق خير من كل مكاسب الدنيا، فهو زينة في الرخاء ومعونة على الأعداء.
{ الحب في الثانوي..في الجامعة.. ما قبل الزواج.. هل لكل منها شكل وطعم مختلف؟
ــ واحدة من مشاكلنا في السودان أن المجتمع كان معزولاً.. حتى في الملمات تجد أن النساء لديهن مكان مخصص وكذا الرجال، وكذا التعليم باستثناء (الكمبوني). درسنا بـ(حنتوب) و(خور طقت)، لكن الرجل لا يلتقي بالمرأة إلا بالجامعة فقط، لذلك كثيراً ما تحصل طرائف، فالطالب إذا وقفت معه طالبة لدقائق ولجهله بالمسائل، يعتقد أن هذه علاقة حب، لأن هذا أول لقاء يحدث بين الرجل والمرأة ويجلسان سوياً في مقعد الدراسة وهي الجامعة، وبالمناسبة حتى العلاقات التي تتحول إلى حب تكون بالجامعة، فليس هناك ملتقى بخلافها، واختلاط لكنه صحي، وأسرتك لا تسمح لك بلقاء بفتاة إلا في حدودها.
{ على ذلك شريكة حياتك اخترتها من الجامعة؟
ـــ لا أنا طبعاً بحكم أنني كنت رئيساً لإتحاد جامعة الخرطوم، وطبعاً هو أشهر طالب، فإذا مشى أو وقف مع أي طالبة يكون عرضة للحديث عنه وعلاقته برفيقته.. ومع ذلك تزوجت بعد التخرج من غير طالبات الجامعة.
{ كان عن حب زواجك؟
ـــ تزوجت بالطريقة السودانية، عرفوني بفتاة والتقيت بيها ودردشت معاها وتعرفت إلى ميولها واهتماماتها، ثم على أسرتها وتزوجت بعدها الزواج السوداني التقليدي.
{ يعني لم تخض في علاقات عاطفية؟
ـــ ما علاقات بالمعنى.. شوفي أنا من النوع يمكن عندي حاجة ما عند كل الناس، فأنا أؤمن بالصداقة بين الرجل والمرأة.. ونتبادل الكتب والمعارف والمنافع، وهذه في السودان غير مقبولة، ولدي صداقات قوية مع سيدات، لكن المفهوم لمثل هذه العلاقات بين الرجل والمرأة إنها غير سوية، وقد كتبت كثيراً عن هذا الموضوع، وهذا من منطلق احترامي للمرأة السودانية.
{ هل تعتقد أن علاقات اليوم (هرجلة) أم موضوعية في ظل انفتاح العلاقات؟
ـــ المجتمع تغير كثيراً، لكنه طبيعي لتغير كل العالم، فربما نحن أكثر علماً من أبنائنا، وأبناؤنا أكثر منا علوماً لان سحابة يومهم مع (النت).. وحالياً أصبح الاختلاط متاحاً من الروضة وحتى الجامعة.
{ قلت مواكبة للتطور.. ألا ترى أن هناك شقاً سلبياً للمواكبة.. وأن العلاقات أفرزت ظواهر سالبة مثل (دار المايقوما) وغيرها؟
ــ أي ايجابية يكون فيها إفراز سلبي مهما كانت.. لكن إذا توقفنا أمام الايجابيات سنجدها أكثر من السلبيات.
{ في عهد “نميري” كانت هناك بيوت مقننة لممارسة الدعارة؟
ـــ أتذكر أخونا “السمؤال” في قناة (الخرطوم)، قال لي أنتم المايويون لم تدافعوا عن مايو، فقلت لسنا في حاجة لندافع عن مايو بالكلام والكتابة.. مايو تدافع عنها “كنانة” و”الرهد” و”عسلاية” و”خشم القربة”، وتدافع عنها في الخرطوم (قاعة الصداقة) و(البرلمان) و(قصر الشباب والأطفال) و(مسجد النيلين) و(الهيلتون)، وهي أول نظام منذ الاستقلال وحتى الثمانينيات يقفل بيوت الدعارة والبارات، والتي كانت على عينك يا تاجر يصطف لها الراغبون.
{ نعم مايو أغلقتها لكن هل كان وقتها الوضع طبيعي أن تستباح المرأة وقيمنا متجذرة؟
ــ كان مظهر بطال جداً وغير معقول أنك تمشي تشتري الجنس وفي قلب الخرطوم، والدعارة طبعاً ديناً محرمة.
{ تحدثت كثيراً عن المرأة.. هل تعتقد أن المرأة الجميلة يمكن أن يتخذ جمالها كمسوغ ليفتح لها أبواب العمل المغلقة؟
ــ الله جميل يحب الجمال، وقد يكون مطلوباً أحياناً في التلفزيون مثلاً، لكن جميلة فقط وهي جاهلة لا يمكن. أود القول إن الجمال مطلوب لكن وحده لا يكفي، فقد تكون هناك جميلة جداً وأخرى أقل منها، لكنها أكثر ثقافة ووعياً وعطاء وتجربة هي الأصلح للموقع.
{ اتحاد المرأة زمان ورائدات العمل النسوي مقارنة بالاتحاد الآن.. هل هناك فوارق فكرية؟
ــ طبعاً.. لأن زمان كانت مهمتهن غير ساهلة ويناضلن في مجتمع به جزء كبير ضد تحرر المرأة وضد خروجها للعمل، لكن الآن النساء في أي مرفق أكثر من الرجال، وهذا لأنهن في الشهادة السودانية نتائجهن أفضل من الرجال، وهو أمر مقبول، لكن زمان حتى تعمل المرأة كان ذلك في حد ذاته   نضالاً.
{ في حوار مع “المليك”.. قالت إنها أول من كسرت حاجز كون العروس تجلس إلى جوار زوجها أثناء التتويج وبصحبتها رفيقاتها من رائدات العمل النسوي؟
–    دائماً أحفظ للنساء اللائي ناضلن في اتحاد المرأة سابقاً دورهن واحترمهن، لأنهن ناضلن من أجل المرأة في وقت صعب جداً جداً، حالياً المرأة لا تحتاج لنضال لطبيعية الأمر، لكن زمان “نفيسة أحمد الأمين” و”حاجة كاشف” وغيرهن، فإن جيلهن اضطلع بمهام جسام، وأنا ذكرت ذلك في مرافعتي.. والدور الذي قامت به المرأة بعد ثورة أكتوبر اضطر الرجال لإعطاء المرأة حق الترشيح والانتخاب، لذلك اضطررنا نحن في الإنقاذ ومنذ مايو لتخصيص حصة للنساء (30%) هي (كوتة) المرأة.
{ بوصفك درست بـ”فرنسا” وطفت عدداً من المدن العربية والغربية، بالمقارنة بين المرأة السودانية والأجنبية، حتى على مستوى إدارة الوزارات.. هل هناك ملامح متقاربة في شكل العمل والإدارة؟
ــ نحن في مايو من أتحنا للمرأة أن تعتلي هذه المناصب، “نفيسة أحمد الأمين” و”فاطمة عبد المحمود” بعدها المسالة اتفتحت.. فقديماً لم تكن هناك وزيرة البتة و”نفيسة” لم تكن وزيرة فقط بل عضو مكتب سياسي وأتت بعدها “فاطمة عبد المحمود”.
{ هل تعني أنتم من قدمتهن؟
ــ قدمتهن مايو لكني طول عمري نصير المرأة أحبها واحترمها لدورها الكبير جداً.
{ معناها وبما أنك نصير للمرأة حياتك تمشي بسلاسة؟
ــ لأني بفتكر نفسي رجل مستنير في علاقتي بالمرأة.. الناس يقول ليك عشان عاش بره.. أنا وبحكم أني كنت رئيس اتحاد جامعة الخرطوم كنت أولي المرأة مكانة عظيمة.. ولحسن حظي تزوجت من امرأة جامعية درست بالأحفاد.. ووقتها النساء اللاتي يتعلمن قليلات ناهيك عن الجامعة.
{ المرأة والرجل أصبحا شريكين في أية وظيفة ومؤسسة.. في القانون في رأيي المسألة صعبة كونها تتصدى لقضايا أمام المحكمة؟
ــ بالعكس المحاميات في مكاتب المحاماة أكثر من الرجال، وعندما كانت المرأة عضواً في المحكمة العليا في السودان، ما كانت حتى في “أمريكا” وكنا نفاخر بذلك، وأذكر منذ أن كان أخونا “عبيد حاج علي” رئيس قضاء، كانت عندنا خمس نساء عضوات في المحكمة العليا أعلى مراحل التقاضي، في الوقت الذي لم يتأت ذلك في “الولايات المتحدة”.
{ معناها المرأة قادرة على المجابهة القانونية؟
ــ وزارة العدل ملأى بالنساء كمستشارات في كل مراحل التقاضي.. بالمناسبة المرأة لم تتخلف عن ركب أي مجال من مجالات العمل في السودان، أصبحت مهندسة ومعمارية وميكانيكية، زمان الكليات الأدبية فقط.
{ هل لك علاقة بالشعر؟
ــ يعني.. فأنا جل اهتماماتي تنصب في السياسة وتقلدت الاتحاد في بواكير عمري، وذلك ليس بالساهل. فقد ناضلنا ضد الأخوان والشيوعية عندما كانوا يسيطرون على الاتحاد ومعي “فضل الله محمد” وغيره في (الجبهة الاشتراكية)، لذلك انشغلت بالسياسة التي أضاعت كثيراً من مواهبي الأخرى، خاصة الفنية والرياضية، فقد كنت ألعب (اسكواش)  و(باسكت بول) وأكتب شعراً، حالياً الناس حافظين لي شعر بسيط، قلته في الرياضة زمان.
{ في أحاديثك السابقة تستشهد بشعر “نزار قباني” هل تربطك به علاقة خاصة؟
ــ لأن “نزار” شاعر ممتاز قلت عنه الكثير.. فالشعر أريج يعطر الأجواء وإحساس يدفق النداوة في الحياة ويبعث الحرارة.. والكلمة الجميلة تحلق بك بأجنحة من الغمام في سماوات علا ودنياوات أخرى، وكلام منظم، فالشعر سهل ورحب في الأسماع، الشعر ديوان العرب.
“نزار” إذا سألتيني عنه، أمير في الشعر وأمير في النثر، كنت دائماً معجباً بـ”نزار” الشاعر المبدع. عندما تعرفت إلى الرجل أحببت “نزار” الإنسان الصديق الصدوق، دعوته للاشتراك معنا في مهرجان الثقافة الثالث، فجاء وعطر أمسيات المهرجان وسماوات الخرطوم بأريج الشعر العاطفي.. عندما عاد إلى “بيروت” سئل عن ذلك، فقال كان يحس بأنه شاعر لكن في السودان يحس بأنه قديس، فقد تجاوبت معه المدرجات.. لقد امتدت جسور المحبة بيني وبينه وأذكر أنه عندما وقف في أول لقاء شعري في (قاعة الصداقة)، بدأ بأبيات كتبها في “عبد الناصر”. وعندما التقيته في اليوم الثاني، قال لي قصدت استهلال الليلة بهذه القصيدة لأنني أعلم حبك العظيم لهذا الرجل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية