رأي

جنرالات الشرطة الثلاثة

د. فضل أحمد محمد (فريق شرطة)

لم أنزعج كثيراً وأنا أستمع لتفاصيل ما وقع بسوق “أم درمان” وقلت لمن حولي إن هذه الجريمة ستنكشف سريعاً، وذلك لأن العصابة قد منحت الشرطة ممسكات تبدأ بها تحرياتها، ذلك لأن وقتاً طويلاً يهدر عادة للحصول على نقطة البداية، والأمر الثاني هو أن على قيادة شرطة ولاية “الخرطوم”، ثلاثة من أكفأ الضباط الذين مارسوا العمل الجنائي.
فمن يعرف الشمس لا ينكر مطالعها
أو يبصر الخيل لا يستكرم الرمكا
أقول ذلك وأنا أعرف ثلاثتهم معرفة تؤهلني للكتابة عنهم.
أما الضابط القائد كما يقول الإنجليز فهو الفريق “محمد أحمد علي” ولا أود أن أقصم ظهره ولا أن أوصم بالمغالاة في المدح، فهو ضابط يمتاز بالهدوء والدقة والذهن المرتب والبعد عن الضوضاء والفشخرة كما يقول المصريون، ولا شك أنه لن يهدأ له بال قبل اكتشاف هذه الجريمة.
أما الرجل الثاني فهو اللواء “إبراهيم عثمان” ضابط مارس العمل الجنائي في ولاية “الخرطوم” لفترة طويلة وظل يمارسه حتى وهو بـ”القضارف” مديراً لشرطتها – رجل لا يقل كفاءة وهدوءاً عن قائده.
أما ثالث العقد الفريد اللواء “عبد العزيز عوض” الشرطي بالميلاد وارث العمل الجنائي، ممارس للبحث الجنائي لفترة طويلة، كان قد عُهد إليه بمحاربة سرقة العربات فحقق نجاحاً.
إني أكتب هذا عن ضباط أعرفهم وهذا لا يقدح في كفاءة آخرين أصغر سناً لم نعاصرهم فلهم العتبى حتى يرضوا.
ومعلوم أن كل الجرائم الكبيرة يتم العمل فيها بروح الفريق تضامناً بين مجموعة من الضباط والرتب الأخرى، لذلك لا ينبغي أن ينسب النجاح لشخص واحد كما ذهب البعض.
 إن العمل الجنائي الميداني والديواني ليس نزهة، وهو يتطلب معرفة وخبرة وحباً وقد ضربت الشرطة بسهم من الخبرات المتراكمة والذين مارسوه سابقاً ولاحقاً يجدون متعة لا تعادلها متعة وهم يبذلون الجهد والعرق ويعصفون أذهانهم في فك طلاسم الجرائم، تماماً كأنهم يحلون مسألة في الجبر أو الهندسة فيشعرون بنشوة كلما توصلوا لنتيجة ومثلما صاح (ارخميدس) وجدتها، ومعلوم أن فرق البحث الجنائي وهي تجمع المعلومات وتحللها وتبحث عن إبرة في أكوام المعلومات المتضاربة، وتضع الاحتمالات ونقائضها وتتغمص شخصية الجاني أو الجناة ولا تستبعد أي احتمال قبل أن تصل إلى ما هو أقوى منه وهكذا.
فالتحري ينساب كالنهر لمن يعرفه ويحبه وقد حققت الشرطة عبر تاريخها الممتد الكثير من النجاحات غير المنكورة وإن كانت غير معروفة على نطاق واسع.
ولقد سُعدت غاية السعادة لهذا الإنجاز الكبير الذي كان ركنه الركين وجود هؤلاء القادة من ممارسي العمل الجنائي في قيادة شرطة ولاية “الخرطوم”، وهو أمر تُشكر عليه رئاسة الشرطة بلا شك ولكني أذكرها بأن الاهتمام بالبشر يعلو على الاهتمام بالحجر، وأن العمل الجنائي في الأقسام يتداعى ويتطلب وقفة قوية.
بقى أن أقول إن كل ما نرجوه أن يتم تمكين الشرطة من أداء دورها بالكامل وألا يتم غمط صلاحياتها المعروفة والموروثة.
رحم الله أبا الطيب إذ يقول:
وفي تعبِ من يحسد الشمس ضوءها
ويجهد أن يأتي لها بضريب
ومزيداً من النجاحات لشرطة السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية