توضيحات د. "مصطفى"
نتفق أو نختلف معه سيظل د. “مصطفى عثمان إسماعيل” سياسياً له حيويته في الساحتين التنفيذية والسياسية وهو من القلائل الذين يتواصلون مع قطاعات المجتمع العريض، يتحدث للطلاب والشباب والصحافة لا يقيده منصب ولا يحول بينه والناس موقع.. في الفترة الأخيرة تم إبعاده من الجهاز التنفيذي، لكنه لم يبعد نفسه عن ساحة الفعل وظل حيوياً في حركته يتحدث بقناعة وصراحة تجعله في كثير من الأحيان تحت مرمى نيران الصحافة، ويوم (الاثنين) تناولت في هذه الزاوية تعليقاً على ما جاء في صحف (السبت) وما نسبته إحدى الصحف لدكتور “مصطفى” من قول كان محل نقد وتقريع عندي، ولكن بكل أسف ما ذهبت إليه في زاويتي من تعليق على حديث وزير الخارجية السابق ، ما كان دقيقاً اعتماداً على نقل تعوزه الدقة، حيث ثبت من خلال حديث الوزير في اتصال هاتفي، أنه لم يقل مطلقاً إن السودان يعد واحداً من أفقر ثلاثين دولة في العالم، لذلك عليه أن يقيم علاقة مع إسرائيل كما ذهبت الصحيفة، وسار في دربها شخصي معتمداً على نقل غير دقيق وربط لم يذهب إليه د. “مصطفى” في حديثه.
تلك نقطة أولى.. أما الثانية فإن د. “مصطفى” لم يؤيد بروفيسور “غندور”، في شيء لا وجود له أصلاً، بل قال إن دراسة علاقات السودان الخارجية أمر مهم وضروري، وفي فترة تولي د. “مصطفى” وزارة الخارجية تمت أكثر من دراسة لجدوى إقامة علاقات مع دولة الكيان الصهيوني، وفي كل مرة يغلب خيار المقاطعة والمناهضة والبقاء ضمن الدول الرافضة للسير في ركب دول التطبيع ،التي لم تجن منه إلا الخيبات والفشل.
يبقى توضيح ما التبس علينا من مواقف واشتكل علينا من إفادات ربطت بعضها ببعض قسراً وقهراً ،مهماً جداً، لأن ما يكتب اليوم يصبح مرجعاً بحثياً في مقبل الأيام، وللأخ د. “مصطفى” اعتذار علني وجهير، لما أصابه من جزيئات في التعليق على ندوة (المركز السوداني للخدمات الصحافية) يوم (السبت) الماضي.
لكن فضاء العلاقات الخارجية يظل عامراً بالاجتهادات والرؤى في إطار البحث عن المصالح المشتركة بيننا والآخرين وهو فضاء متغير ساعة بعد أخرى، فمن كان يتوقع أن إيران التي كانت عدواً لدوداً للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، من كان يتوقع أن ترفع عنها العقوبات اليوم، وتفتح أبواب طهران للغرب وتبدأ حقبة شراكة بين الفرس والغرب بعد أن كانت إيران مرشحة للدخول في حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ ومن كان يتوقع أن يتحالف “علي عبد الله” السنّي مع الحوثيين الشيعة؟ وهل يتصور أحد أن الإخوان المسلمين الذين يتعرضون للتقتيل في مصر قد يصبحون غداً حلفاء لـ”السيسي”؟ ،ومن كان يتوقع أن يصبح الإسلاميون في تركيا محل ترحيب من الغرب بدلاً عن إقصائهم من الحياة السياسية في تركيا؟!
وحتى علاقات السودان الخارجية تبدلت من حلف لآخر، ومن شريك مع إيران إلى عدو لها، ومن مناهض ومشكك في نوايا “خليفة حفتر” في ليبيا إلى صديق وداعم له، في الوقت الذي يقاتل مع “خليفة حفتر” فرقاؤه من متمردي دارفور.. كل هذه المعطيات تجعل رمال السياسة الخارجية المتحركة تحتاج من وقت لآخر إلى مراجعات ودراسة حتى لو كانت علاقة مع إسرائيل.