تقارير

النائب الأول يحدد اربعة موجهات تشكل مداراً محكماً لنشاط السودان الخارجي

مؤتمر سفراء السودان السادس تحت شعار “دبلوماسية فاعلة من أجل سلام وتنمية السودان”
وزير الخارجية :السودان حريص على علاقاته مع جنوب السودان، ويوليها اهتماماً خاصاً
تقرير: نزار سيد أحمد
في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية والتحالفات التي بدأت تتشكل في العالم، كان لزاماً على الدولة السودانية ممثلة في وزارة الخارجية أن تضع إستراتيجيتها التي تواجه بها هذا الحراك العالمي، ولأجل ذلك قامت بتنظيم مؤتمر سفراء السودان في نسخته السادسة تحت شعار “دبلوماسية فاعلة من أجل سلام وتنمية السودان”، الذي انطلق صباح أمس (الاثنين) بقاعة الصداقة تزامناً مع مرور (60) عاماً على تأسيس وزارة الخارجية، وقد احتشدت القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة، بسفراء السودان في العالم بحضور السفراء المتقاعدين ووزراء الخارجية السابقين ولفيف من رجال السلك الدبلوماسي المعتمدين بالبلاد، وفوق كل هذا وذاك تشريف النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” وعدد من الوزراء ووزراء الدولة وقادة الشرطة والجيش والأمن.
*دبلوماسية ترنو للمستقبل
في فاتحة المؤتمر تحدث رئيس اللجنة التحضيرية، وكيل وزارة الخارجية السفير “عبد الغني النعيم”، تحدث عن الأدوار الكبيرة التي لعبها السودان في المحافل الإقليمية الدولية بفضل مساهمات الدبلوماسية السودانية، وقال إن الإعداد للمؤتمر استمر أكثر من ستة أشهر عكفت من خلاله اللجنة التحضيرية على وضع المحاور والأوراق التي تعين على دراسة القضايا المطروحة، مشيراً إلى أنهم اعتمدوا في تجهيزهم لتلك المحاور، على الإستراتيجية ربع القرنية التي اعتمدتها الدولة، وعلى الخطة الخمسية وبرنامج إصلاح الدولة وغيرها من المرجعيات المحلية والإقليمية والدولية، داعياً للخروج بنتائج وخلاصات تحقق دبلوماسية فاعلة ترنو للمستقبل.
*الجوار.. جوبا وسد النهضة
وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” كان حريصاً في مفتتح كلمته التأكيد على تجديد مواقف السودان المبدئية على إقامة علاقات تعاون وشراكة تكاملية مع محيطه الإقليمي وخاصة مع دول الجوار، معتبراً أن السودان نجح أخيراً في اختراق المجتمع الدولي وتحسين علاقاته مع العديد من الدول، وقال “غندور” إن استئناف عقد مؤتمر السفراء جاء لمواكبة التطورات الجارية في العلاقات الدولية من خلال استخلاص خبرات وتجارب السفراء للخروج بتوصيات تحدد مجالات تحرك السودان المستقبلي في الساحة الدولية وما ينبغي فعله حتى تتحقق المطالب، مبيناً أن الشعار الذي ينعقد تحته المؤتمر يجسد بصورة واضحة دور وزارة الخارجية ، في خلق المبادرات لتحقيق السلام والتنمية في البلاد بعد انفصال الجنوب،  وتسوية القضايا العالقة مع الدولة الوليدة حتى تصبح الحدود المشتركة معها جسراً للتواصل وتبادل المنافع والتكامل بين الطرفين، ومضى ليقول إن السودان حريص على علاقاته مع جنوب السودان، ويوليها اهتماماً خاصاً باعتبارها دولة جارة تشارك السودان في كثير من المصالح، مجدداً حرص السودان على الاستقرار في جنوب السودان، مضيفاً أن السودان تربطه علاقات خاصة مع كل من الجارتين أثيوبيا ومصر، وينسق السودان معهما في كثير من الموضوعات خاصة سد النهضة، مؤكداً اهتمام السودان بكلتا الدولتين.
*عاصفة الحزم
وأضاف أن مشاركة السودان في عاصفة الحزم أكبر دليل على وقوف السودان مع محيطه العربي، خاصة دول الخليج، مبدياً حرص السودان على إنشاء علاقات إستراتيجية مع دول الخليج، وأشار إلى أن أبواب السودان مفتوحة لتحسين العلاقات مع الغرب، وتطرق إلى جهود الحكومة السودانية في قضايا الإتجار بالبشر ومكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، كما أشار إلى أن السودان يتبع سياسة خارجية معتدلة وينبذ العنف والتطرف والحركات السالبة المؤثرة على السلام والاستقرار الدوليين، وتناول “غندور” في حديثه الجهود المبذولة لتحقيق السلام في جنوب “كردفان” و”النيل الأزرق”، بالإضافة لـ”دارفور” من خلال الحوار المستمر والتفاوض مع حاملي السلاح.
*الاختلال العالمي والجنائية
قال “غندور” إن النظام العالمي الحالي لم يعد مواكباً للتطورات والتحولات الكبرى التي تنتظم العالم، منادياً بضرورة إجراء إصلاح هيكلي واسع وعميق في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكداً مواصلة الجهود مع بعض دوائر الانتماء السياسي مثل مجموعة عدم الانحياز ومجموعة الـ(7+7) والصين، والمجموعة الأفريقية لإحداث الإصلاح المنشود في الأجهزة الدولية بما يراعي التمثيل العادل والمنصف للدول، منوهاً إلى أن السودان كسب المساندة والدعم من المجموعتين العربية والأفريقية فيما يتعلق بقضايا السودان، سيما قضية المحكمة الجنائية، وحول العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية قال “غندور” إنهم لمسوا رغبة من الجانب الأمريكي في مواصلة الحوار بين البلدين لتسوية الملفات موضوع الخلاف ، للوصول إلى علاقات طبيعية، مشيراً إلى أن الأمر يسير ببطء شديد في ظل استمرار فرض العقوبات على السودان.
*قضايا تحت الضوء
تناول وزير الخارجية بالشرح المحاور والقضايا الأساسية التي سيناقشها المؤتمر على مدى أربعة أيام، حيث يأتي في مقدمتها مرتكزات وأهداف سياسة السودان الخارجية، في ظل التحديات الماثلة ومدى ملاءمة الإستراتيجية الحالية لسياسة السودان الخارجية لمتطلبات المرحلة، وفي المحور الثاني يتناول المؤتمر التعاون الدولي والقضايا الدولية من خلال بحث علاقات السودان بالأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والمعاهدات الدولية، بجانب مناقشة قضية السلام وإستراتيجية خروج اليوناميد من “دارفور”، هذا فضلاً عن قضايا أخرى مثل التعاون التنموي، والتعاون بين دول الجنوب، إضافة إلى الاستثمار، وقضايا حقوق الإنسان والمياه والبيئة والمناخ، فيما يتناول المحور الثالث علاقات السودان الثنائية ابتداءً من دول الجوار، والعلاقات السودانية العربية بما في ذلك تداعيات الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا والعراق ونمو الحركات المتطرفة، بجانب علاقات السودان مع الدول والمنظمات الأفريقية المختلفة التي ينتمي إليها السودان، ثم علاقات السودان مع الدول الآسيوية والصين، بالإضافة لعلاقات السودان بالأمريكيتين وأوربا.
ويناقش المحور الرابع الدبلوماسية الشعبية والثقافة والإعلام والسياحة، ويتناول المحور الخامس الشؤون الإدارية والمالية وقانون السلك الدبلوماسي، ولوائح ضوابط النقل والترقي والحقوق والامتيازات، وكيفية الاهتمالم بالدبلوماسيين في الداخل والخارج وخلق بيئة العمل الملائمة، فضلاً عن توسيع الرقعة الدبلوماسية مع امتلاك دور للبعثات ومقار السفراء خفضاً للإنفاق.
فيما يبحث المحور السادس قضايا القنصليات والمغتربين وكيفية الاهتمام بهم.
*تبادل المصالح
النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” أكد حرص السودان على القيام بأدوار بناءة على مستوى محيطه الإقليمي العربي والأفريقي وعلى المستوى الدولي، مبيناً أن السودان يبني سياسته الخارجية وفقاً لسياسة تبادل المصالح المشتركة مع الدول، وقال إن دولة السودان ثابتة على مبدئها الراسخ في تعميق الترابط مع دول الجوار والمحيط الإقليمي والدولي، ودعا “بكري” إلى حشد الطاقات والإمكانات لمواكبة التغيرات الدولية وإدارة عمل دبلوماسي بحنكة واقتدار، مبيناً أن هنالك موجهات عامة يجب مراعاتها في وضع السياسات الدبلوماسية للبلاد.
*موجهات السياسة الخارجية
وأشار إلى أن أهم هذه الموجهات هي اعتزاز السودان بمحيطه وجواره، مبيناً أن دولة جنوب السودان محط اهتمام بالنسبة للسودان دون تدخل في الشؤون الداخلية، وأضاف أن انتماء السودان الأفريقي والعربي محل فخر، مبيناً أن مشاركة السودان في عاصفة الحزم دليل على النهج الثابت والقويم والناضج تجاه دول المحيط. وقال “بكري” إن السودان يتماشى مع السياسات الدولية الرامية للسلم الاجتماعي ومحاربة التطرف والغلو الفكري، فضلاً عن مكافحة الإتجار بالبشر والإرهاب وغسيل الأموال، مضيفاً أن علاقة السودان مع شركائه تظل محل اعتزاز، وزاد أن أبواب السودان مشرعة لإصلاح العلاقات مع الغرب، منوهاً إلى أن وزارة الخارجية هي عين السودان الخارجية وهي خير معين لتحقيق الطموح والقدر المعقول من العلاقات الحسنة مع العالم.
وجدد “بكري حسن صالح” دعم رئاسة الجمهورية للمؤتمر ومساندتها له لينعقد بصورة سنوية لمزيد من التجويد للأداء وتطوير العمل، وأشار النائب الأول إلى أن الموجه الثاني يتمثل في تحديد إطار انتماء السودان العربي والأفريقي والإسلامي بما يمكنه من اتفاق حاسم حول التعاون ووحدة المصير المشترك، مستدلاً على ذلك بمشاركة السودان في عاصفة الحزم، ونوه إلى أن الموجه الثالث هو انتماء السودان لدول الجنوب بما يعين على التعاون المطلوب وتحقيق الخطط التنموية، واعتبر النائب الأول أن الموجه الرابع هو أن السودان لا يتجزأ من المنظومة الدولية، يؤثر ويتأثر بها مما يحتم عليه تحمل المسؤولية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين من خلال السعي لمكافحة الإرهاب ومحاربة ظواهر الإتجار بالمخدرات والبشر وغسل الأموال، وأكد أن تلك الموجهات الأربعة تشكل مداراً محكماً لنشاط السودان الخارجي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية