صحفية سورية: السودان بلد مضياف يحتضن آلاف السوريين
الخرطوم – المجهر
(مواطنون لا لاجئون) هكذا يصف السوريون أنفسهم في السودان بلد النيل المضياف بلد الشهامة والنخوة العربية التي مازالت متوارثة عندهم، فرغم بعدها الجغرافي وصعوبة الوصول إليها براً إلا أنها كانت مقصداً آمناً لآلاف السوريين.
وكتبت “سماح خالد” من المركز الصحفي السوري تقريراً عن أوضاع الأشقاء السوريين في الخرطوم تناقلته المواقع الالكترونية أمس (الجمعة) جاء فيه: (الطريق جواً هو الخيار الوحيد للوصول إلى السودان، ونظراً لرغبة العديد من الأسر التوجه إليها هرباً من حياة النزوح الداخلي التي فرضت عليهم في بلد يكاد يخلو من الأمان، قامت شركة الطيران (أجنحة الشام) التابعة لرامي مخلوف بتسيير رحلتين جويتين كل أسبوع، بعد أن كانت رحلة واحدة إلى العاصمة الخرطوم).
وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فقد بلغ عدد السوريين في السودان قرابة الـ(120) ألف لاجئ، يتوزعون في معظم المدن السودانية النشطة. ولم تكن فكرة الهجرة إليها وليدة الحرب السورية، بل كان للسوريين تواجد فيها منذ مطلع القرن العشرين، من خلال تأسيس النادي السوري في الخرطوم. وظهرت في فترة تسعينيات القرن الماضي هجرة التجار السوريين للاستثمار فيها، فضلاً عن دور المثقفين السوريين في ترسيخ الحركة التعليمية في معظم جامعات السودان.
لم يكن اختيار السوريين للسودان نابعاً عن فراغ إذ منحتهم العديد من الامتيازات وأعطتهم حرية التنقل دون قيود أو شروط تعيق حركتهم، حيث يستطيع السوري الدخول إليها دون تأشيرة أو طلب إقامة أو دفع أي غرامة مالية كما فعلت بعض الدول العربية الأخرى. (لاجئ) لقب أطلقته دول الجوار كلبنان والأردن على من قصدها من السوريين، أما في السودان يعتبر مواطناً يحق له العمل بأي مكان ولا يختلف عن المواطن السوداني إلا بلون البشرة. “أبو خالد” من ريف دمشق هاجر إلى السودان منذ عام 2013 يقول:(قصدت السودان بعد أن ضاقت بي السبل واجهت بعض الصعاب في البداية في التأقلم مع عاداتهم وتقاليدهم، يتصفون بالبساطة ويحبون السوريين ويرحبون بنا دوماً). ويضيف “أبو خالد”:(رغم المغريات التي منحنا إياها هنا، إلا أن الحالة الاقتصادية المنهكة التي تواجه الحكومة السودانية كان لها تأثير سلبي على معيشتنا، والإيجار المرتفع للبيوت أكبر مشكلة تواجه السوريين، فالمدخول لا يتناسب مع متطلبات المعيشة الصعبة). ونتيجة للوضع الاقتصادي المتردي قام مجموعة من التجار السوريين بالتنسيق مع مكتب لجنة دعم الأسر السورية في السودان، بإنشاء صندوق لدعم العوائل الفقيرة بهدف الحفاظ على سمعة السوري عبر الحد من ظاهرة التسول، من خلال سلل غذائية ومخصصات توزع لهم بشكل شهري، بالإضافة لتقديم العلاج المجاني وتأمين فرص للعمل). مطبخ حواء سوريا (مشروع قامت به رابطة المرأة السورية في السودان لدعم المرأة ومساعدتها في العمل واندماجها في المجتمع عبر لم شملها من نساء سوريا لتشعر أنها في بلدها من خلال إحياء المطبخ السوري، وتقديم وجبات بنفس سوري وبأسعار رمزية). في وقت أغلقت دول الجوار أبوابها في وجه السوريين، شرعت السودان أبوابها واستقبلتهم بحفاوة وعاملتهم بكرامة وإنسانية ورفضت المساومة على استقبال المزيد منهم مقابل المال من الأمم المتحدة، لتقوم بدورها وتمنحهم لقب (لاجئ) الكلمة التي تحز في نفوسهم وتذكرهم بأوجاعهم.