(المجهر) في حوار صريح تقلب فيه مع زير الخارجية بروفيسور "إبراهيم غندور" الملفات الحساسة (1ـــــ2)
* على الشركات الإيرانية التي تعمل بالبلاد أن تلتزم بعقوداتها معنا
* نعم كانت لدينا علاقات عسكرية وأمنية مع “إيران” ولكن..!!
* “حلايب” سودانية وبالوثائق.. وعلى الأشقاء في “مصر” اللجوء إلى المؤسسات الدولية
* لن نطلب مرة أخرى إطلاق سراح مواطن قبض عليه مخالفاً لقوانين دولة أخرى
* بعض ذويي الذين قتلتهم السلطات المصرية بدأوا في اتخاذ إجراءات قانونية
* طالبنا بتقرير نتائج التشريح الطبي لمن قتلتهم السلطات المصرية أثناء تسللهم لـ”إسرائيل”
* الإعلام المصري وقف موقفاً مناصراً للسودانيين في هذه القضية
* ربما تكون بعض الجهات المصرية تنظر للسودان وفقاً لخلفيته الإسلامية
على الرغم من العلاقة المتميزة التي تربط (المجهر) بالبروفيسور “إبراهيم غندور” وزير الخارجية، لكنها طيلة الفترة الماضية لم تحظ بمحاورته لتصاريف الأقدار التي تتعلق في جزء منها بارتباطات الوزير، ولما كانت الساحة السياسية تشتعل بخبر قطع العلاقات السودانية الإيرانية، كان لابد من الجلوس لتجديد طلب الحوار، وقد استجاب الوزير لكن ما عاد تقليب خبر قطع العلاقات وأسبابه ودوافعه جزءاً من اهتماماتنا بالقدر الكبير. في الطابق الثامن بالبرج الشمالي من وزارة الخارجية جلسنا إلى الوزير “غندور” في مكتبه الأنيق، وارتشفنا فناجين القهوة والشاي ونحن ندير معه هذا الحوار الذي تناول من خلاله زيارته الحالية لجمهورية مصر العربية، والرسالة التي يحملها من رئيس الجمهورية إلى الرئيس المصري، وكان لابد من التطرق إلى حالة الشد والجذب في العلاقات بين البلدين، وهل التزمت الحكومة المصرية بإعادة ممتلكات المعدنيين السودانيين المفرج عنهم، كما تناول اللقاء العلاقات السودانية الأمريكية، والاختراقات التي حدثت في هذا الملف، ولماذا تحرص أمريكا على تجديد العقوبات على السودان، وحرصنا كذلك أن نطرق باب الملف الليبي السوداني، والعلاقة بين السودان ودولة جنوب السودان، بجانب العلاقة مع دولة (الإمارات)، كل هذه المحاور وغيرها أجاب عنها الوزير بكل شفافية رغم سخونة الأسئلة وبرودة الجو، نترك القارئ يطلع على إجابات الوزير حول ما طرحت عليه (المجهر) من أسئلة.
حوار صلاح حبيب ـــ نزار سيد أحمد
{ أولاً على ضوء التطورات الأخيرة بين “السعودية” و”إيران”.. إلى أي مدى يمكن أن تتأثر علاقات السودان مع “إيران” مستقبلاً بعد قطع العلاقات الدبلوماسية؟
– في بداية الأمر لابد أن أحيي صحيفة (المجهر)، وأشكر إدارتها والعاملين فيها على جهدهم الدائم في تغطية مناشط وزارة الخارجية، وأقول إنه لا توجد علاقات إستراتيجية بين السودان وإيران، حيث كانت توجد علاقات دبلوماسية طبيعية، وانقطعت بعد الأحداث التي طالت السفارة والقنصلية السعودية في “طهران “ومدينة “مشهد”، حيث كان قرار قطع العلاقات بمثابة رسالة من الحكومة السودانية إلى الحكومة الإيرانية بأن ما حدث أمر خطأ يمثل تجاوزاً للأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية التي تشدد على حماية مثل هذه المؤسسات، من جانب آخر يمثل قرار قطع العلاقات تأكيداً على أن الحكومة السودانية تقف مع الأشقاء في “المملكة العربية السعودية” في ظل تعرضها للتهديد في مصالحها في مواقع ومؤسسات تعتبر هي من صميم اختصاص المملكة، وإن كانت في عاصمة أخرى، وبالتالي يعتبر القرار رسالة بضرورة تصحيح هذه الأوضاع وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وأن الاحتجاج الإيراني جاء على خلفية إعدام مواطنين سعوديين تجاوزوا القوانين السعودية وفقاً لرؤية الحكومة السعودية، وهذا أمر طبيعي، وهنا أقول إننا نحتاج في منطقتنا عموماً أن نتواثق على عدم التدخل في شؤون الآخرين، والمحافظة على علاقات طبيعية للفائدة المشتركة على شعوبنا وبلداننا.
{ ألا يمثل قرار الحكومة في قطع العلاقات مع “إيران” استعجالاً في وضع يحتاج التريث لقراءة الأوضاع والمواقف؟
– قطعاً تم الأمر بعد دراسة متأنية ونقاش طويل وخيارات متعددة، وكان هذا هو الخيار الذي أجمع عليه الناس، وأجمعت عليه القيادة.
{ برأيك ألا يؤثر هذا القرار على العلاقات الاقتصادية بين “الخرطوم” و”طهران”؟
– ليست هناك علاقات اقتصادية مباشرة، وإنما توجد بعض الشركات التي تعمل في بعض المشاريع، وهذه تعمل وفقاً لعقودات، ويجب أن تلزم هذه الشركات بالعقودات، أضف إلى ذلك العلاقات الاقتصادية في بعض الأحيان لا تتأثر بطوارئ العلاقات السياسية، ونتمنى ألا تتأثر خاصة إذا كانت بين مؤسسات وشركات ، لكن قطعاً العلاقات الاقتصادية في إطارها الرسمي بين الدولتين ستتأثر.
{ حسناً: إذن ما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
– للأسف ليس لدي أرقام أستطيع أن أقولها مباشرة، لكنه ليس كبيراً، وبحسب علمي أن هناك شركات تعمل في بعض المشاريع مثل المياه وغيرها.
{ البعض يتحدث عن وجود علاقات وتنسيق عسكري وأمني بين البلدين؟
– هذه توقفت منذ مدة، نعم كانت موجودة، لكن الآن لا توجد علاقات مباشرة أو إستراتيجية يمكن أن نقول عليها إلا بما هو طبيعي بين الدول.
{ هل لك أن تحدثنا عن ملف العلاقات السودانية المصرية في ضوء الزيارة التي تبتدرها هذه الأيام إلى “القاهرة” لإجراء مباحثات مع “سامح شكري”؟
– زيارتي لمناقشة بعض المواضيع المشتركة، بجانب الإعداد للجنة العليا برئاسة الرئيسين والتي ستنعقد في الربع الأول من هذا العام، أيضاً أحمل رسالة شفهية من الرئيس “البشير” إلى الرئيس “السيسي”، إضافة إلى لقاءات أخرى مع بعض الفاعلين في مصر، ومع قيادة الجالية وأعضاء السفارة للوقوف على مجمل الأوضاع بسفارتنا في “القاهرة”، رغم أن الزيارة يومين فقط إلا أن الغرض الأساسي منها هو الإعداد للجنة العليا بين البلدين برئاسة الرئيسين لمناقشة القضايا المختلفة.
{ إذن ماهي فحوى الرسالة التي تحملها إلى الرئيس “السيسي”؟
هي رسالة تتعلق بالعلاقات الثنائية وكيفية تطويرها وموعد انعقاد اللجنة العليا بين البلدين.
{ حدثت في الآونة الأخيرة كثير من التوترات بين البلدين نتيجة لمواقف السودان من قضية “حلايب” و”سد النهضة”.. كيف يمكن معالجة هذه القضايا بين البلدين؟
– بالنسبة لـ(ملف حلايب) بدأ منذ العام 1959 وظل يتأرجح ويرفع من وتيرة العلاقات بين البلدين سلباً أو إيجاباً، لكن مجمل العلاقات بين البلدين لم تتأثر إلا بمقدار ما يجري على الأرض في “حلايب”، و(قضية حلايب) ستظل عالقة بين البلدين نأمل أن يتم حلها، السودان يملك من الوثائق ما يؤكد أن “حلايب” سودانية، وعلى الأشقاء في مصر إما أن يتحاوروا حول ذلك أو اللجوء إلى المؤسسات الدولية لحل القضية، لكن لا سبيل لحلها بسياسة وضع اليد، سنستمر في ذلك وستستمر العلاقات بين البلدين، نحن أشقاء لنا صلات دم وتاريخ مشترك وعلاقات شعبية ضاربة في الجذور، أما بخصوص (سد النهضة) ليس هناك توتراً بسببه إلا ما نراه في الإعلام، السودان جزء من ثلاثية تمثل “مصر” و”أثيوبيا”، وهو معني بقضية السد ومياه النيل مثلما يعنى به البلدان الآخران، ونحن لسنا وسطاء أو محايدين أو منحازين، لكننا أصحاب حق، مثلنا مثل الآخرين، وبهذا الفهم نبحث عن مصالحنا، ولكن في إطار من عدم الإضرار بمصالح الآخرين سواء أكان “مصر” أو “أثيوبيا”.
{ على الرغم من نجاحكم في امتصاص الأزمة الأخيرة بخصوص المعدنين السودانيين.. إلا أن هناك شكاوى من عدم استرداد ممتلكات المعدنين المفرج عنهم؟
– المعدنون السودانيون بحمد الله أفرج عنهم جميعاً، لكن لازالت معداتهم موضع تحاور بيننا والأشقاء في “مصر”، وفي آخر لقاء بين الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” النائب الأول لرئيس الجمهورية ومعالي رئيس الوزراء المصري بوجود وزير الخارجية المصري وشخصي سألت مباشرة عن قضية ممتلكات المعدنين، حيث وعد الأخ الوزير “سامح شكري” بمتابعتها، وأشار إلى أن بعض البيروقراطية الحكومية هي التي تعطل استعادة ممتلكات المعدنين الشخصية، وسنتابعها بإذن الله في زيارتنا هذه، وهنا أقول إنه وبإشراف من الأخ الرئيس نجحت الدبلوماسية في الحصول على قرار من الرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقا” بإطلاق سراح 289 معدناً سودانياً، و22 معدن في النيجر، وأيضاً إعادة السودانيين من “الأردن” الذين قررت السلطات الأردنية إعادتهم، لكن نقول عبر صحيفة (المجهر) لأبناء وطننا إن الدخول لأي بلد دون الإجراءات القانونية المعروفة هو مخالفة صريحة جداً، تخضع الشخص لقوانين تلك البلدان، واتفقنا مع كل تلك البلدان أننا لن نطلب مرة أخرى إطلاق سراح مواطن قبض عليه مخالفاً قوانين تلك الدولة في دخولها أو التعدين فيها، هذا التزام أكدناه على أعلى المستويات، وبالتالي نأمل من أهلنا جميعاً أن يراعوا قوانين الدول التي يدخلونها.
{ هناك ضبابية وعدم وضوح في ملف السودانيين الذين قتلتهم السلطات المصرية أثناء محاولتهم التسلل إلى “إسرائيل” هل لك أن توضح لنا الحقائق؟
– ليس كل ما يقال يظهر في الأجهزة الإعلامية، لكن سفارتنا تتابع هذه القضية حيث كتبت مذكرة قانونية للخارجية المصرية، والآن قمنا برفع تفاصيل كل الذين قتلوا في طريقهم إلى “إسرائيل” تسللاً حتى بعض ذويهم بدأوا في اتخاذ إجراءات قانونية مطالبين بحقوقهم والتحقيق في ذلك، وهذا واحد من الملفات التي نناقشها مع الإخوان المصريين خلال هذه الزيارة، والتي نأمل على حلها بما يرضي الله، أيضاً نكرر على شبابنا رغم الظروف الاقتصادية الضاغطة، ورغم كل ما يعانيه البعض من (عطالة) وصعوبة في المعيشة، لكننا نقول إن حضن الوطن ادفأ من غيره.
{ هناك حديث عن أن الذين قتلوا في طريقهم إلى “إسرائيل” وجدوا من غير أعضائهم البشرية.. ما مدى صحة الأمر؟
– هذا ليس صحيحاً، قد أشرفت السفارة والأخ القنصل على دفنهم والتقوا بالذين كانوا جرحى وأرسلوا لنا تفاصيل كاملة بذلك، لكننا طلبنا تقريراً بنتائج التشريح الطبي الذي تم لهم بعد الوفاة.
{ تعرض بعض السودانيين إلى حالات من الضرب والسلب.. هل تم طي هذا الملف؟
– بعد المذكرة التي قام برفعها سفيرنا في القاهرة إلى وزارة الخارجية المصرية، التقى السفير بالوزير “سامح شكري” مما يؤكد جدية الجانب المصري في معالجة هذه القضية، الأمر الثاني الأجهزة الإعلامية المصرية في هذه القضية بالذات وقفت موقفاً مناصراً للسودانيين وكثير من الأشقاء المصريين من الفاعلين السياسيين والمجتمعيين وقفوا في هذه القضية، لكنها جزء من بعض الانفلات الذي يحدث في بعض الأحيان من بعض الخارجين عن القانون، وليست قضية منظمة، لكن ربما هناك تجاوزات من بعض الأجهزة في بعض المناطق في مصر وقد توقف ذلك حتى الآن، لكن البعض يستغل طيبة السودانيين وغفلتهم في بعض الأحيان لسلب أموالهم، لذلك نأمل من مواطنينا أن يكونوا (مفتحين) مثلما يقا .
{ هل هنالك ترتيب لزيارة “الصادق المهدي” على هامش زيارتك الحالية لـ”القاهرة”؟
– ليست هناك زيارة مرتبة، وليس هناك ما يمنع أن ألتقي بالسيد “الصادق المهدي”، ولكن هنالك من يتابع هذا الملف، وأنا دائماً عندما يكون هناك شخص متابع لملف ما أحاول أن أكون بعيداً منه وإن كنت أتابعه من قبل.
{ يعتقد الكثيرون أن الجانب المصري في علاقته بالسودان متحفظاً باعتبار الخلفية الإسلامية للحكومة السودانية.. كيف تنظر إلى هذا الأمر؟
– ربما تكون بعض الجهات تنظر للعلاقة مع السودان وفقاً لهذه النظرة، لكن أؤكد لكم أن القيادة المصرية لا تنظر بمثل هذه النظرة وهي لها رغبة أكيدة في علاقات طبيعية مع السودان، لكن هنالك نظرة عامة أنا أكررها دائماً، وهي أن العلاقات ستكون في أفضل حالاتها عندما يتأكد الأشقاء في مصر أن السودان القوي مهم لمصر القوية، وليس السودان الضعيف مهم لتقوية مصر، هذه قاعدة ذهبية، إذا أصبحت في قناعة راسخة لدى الأشقاء في مصر عندها سنمضي في علاقات ستصل إلى حد التكامل بين البلدين.