مسألة مستعجلة
كساد محصول البلح!!
نجل الدين ادم
يشكو المزارعون بالولاية الشمالية هذه الأيام من كساد محصول البلح بسبب تدني أسعاره، بما ينذر بدخولهم في مديونيات كبيرة، فسعر الجوال هبط إلى أرقام لا يصدقها العقل بعد أن كانت عالية تشجع المزارعين على التوسع في الزراعة وتخلق حراكاً اقتصادياً جيداً بالولاية من خلال توفير فرص العمل في السوق المحلي وأسواق الولايات الأخرى.
من واقع المعلومات، فإن السبب الرئيس في تدني سعر محصول البلح هذا العام هو ضعف التصدير وقفل المنافذ والحدود التي تعين في تسويق السلعة لأسباب عدة منها الأسباب الأمنية.. مثلاً دارفور بولاياتها كافة تستهلك قدراً كبيراً من إنتاج الولاية الشمالية، تعثر النقل والمخاطر الأمنية قللت من ترحيل المحصول إلى هذه الولايات، ومن ثم إلى دول الجوار في تشاد وأفريقيا الوسطى.. جنوب السودان أيضا بولاياته القديمة المعروفة بالنسبة لنا كان رافداً مهماً لتسويق البضاعة، الآن توتر العلاقات وبروز بعض الاضطرابات الأمنية في الحدود أثر سلباً في انسياب المحصول إلى هناك.
إستراتيجية المزارع في تسويق محصولاته لا تنفك عن إستراتيجية الحكومة، ودائماً ما يحدث تناغم في هذه المسألة، وتقدم الأخيرة محفزات للمزارع بغية التوسع في زراعتها وتقديم أسعار تشجيعية وما إلى ذلك.. هذه الحلقة المهمة المتعلقة بمناخ ترويج السلع وتسويقها لا تجد في أحيان كثيرة الاهتمام من الحكومة بعد التشجيع الذي جعل المزارعين يجتهدون وتكون المحصلة نجاحاً منقطع النظير، لكن في المقابل يكون كساداً منقطع النظير!
وهذا أس المشكلة التي تدع المزارعين يهربون من زراعة بعض السلع الإستراتيجية المهمة بسبب السياسات القاصرة على التشجيع دون المساعدة في التسويق.. من قبل شجعت ولاية الخرطوم المزارعين على زراعة محصول البطاطس وفق أساليب متطورة وقد نجحوا في ذلك وحقق الموسم إنتاجاً كبيراً للغاية، لكن الولاية التي شجعت المزارع انسحبت وحدث الكساد وامتلأ السوق بالبطاطس وفق سياسة الإغراق، وكانت الأسعار متدنية، حيث لم يقابل هذا الإنتاج تسويق متطور كأن تكون هناك مصانع تجفيف للبطاطس أو غيرها من المشروعات الترويجية، ودخل المزارعون في ديون وإعسار، والبعض منهم وجد نفسه في السجن.
الآن يواجه المزارعون بالشمالية ذات الحالة وإنتاجهم من البلح بات في مهب الريح والجوالات متراصة دون أن يعيرها أحد أي اهتمام.. مطلوب من الحكومة والوزارات ذات الصلة أن تفكر جادة في مشكلة هذا الإنتاج الكبير دونما أسواق داخلية أو خارجية.. سهلوا انسياب الحركة إلى دارفور حتى تساعدوا في ترويج المحصول.. افتحوا الحدود مع دولة جنوب السودان فهي أيضاً مستهلك كبير، عندها سيخرج المزارعون من هذا المأزق.. وإلا فربما لن يقدموا على زراعة المحصول مرة أخرى.. والله المستعان.