المشهد السياسي
جريمة (مسك الختام).. نظرات وتأملات
موسى يعقوب
ما ينظر فيه ويتأمل، والحدث لم يكمل مجرياته وتفاصيله بعد، كثير منه: أولاً- أن المتهم المدبر للجريمة والمخطط لها ومنفذها– كما قبل– شاب دون الثلاثين من العمر ولم يكن له سجل إجرامي.. ورغم حنكته وتدبيره غير المسبوق- ربما- كانت معه فاتورة ألواح الزنك وملحقاته باسمه الحقيقي.. ومن دل على (شقته) حيث حفظ المسروقات هو شقيقه، فالمجرم وإن أحسن ارتكاب الجريمة لابد في ذلك ما يدل عليها.. وفي ذلك عظة وعبرة وما يستحق أن ينظر فيه ويتأمل.
ثانياً- الشرطة الأمنية ورغم إذنها له بالقيام بما ادعى من عمل في موقع (مسك الختام) الذي ادعى ملكيته وجاء فيه بشهادة (مزورة)، تابعت آثار الجريمة مستغلة الصور والشهود والخبرة حتى وصلت إلى مرتكبها ووضعت يدها على المسروقات.
وغي ذلك شهادة لها بحسن الأداء ونفي لما رشح من اتهامات وشائعات بأنها طرف في الجريمة أو متهاونة ومقصرة في أداء الواجب.. فماتت تلك الشائعات في حينها وانتهى الأمر إلى الإشادة من الصاغة وملاك (مسك الختام).
ثالثاً- وما ينظر بإعجاب واحترام انفعال المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي هرع وخف إلى رئاسة الشرطة مهنئاً ومشيداً، وكانت بين يديه منحة قدرها (ثلاثمائة ألف جنيه) جائزة تقديرية لأفراد الشرطة الأمنية والمباحث الذين قاموا بالواجب وطمأنوا الرأي العام بأن حقوقه محفوظة وأمنه مصان.. فالفريق “محمد عطا” عبر بذلك عن مدى اهتمامه وتفاعله الإيجابي مع من يعنى بالأمن والسلامة من الأجهزة التي تكمل بعضها في أدوارها ولا تقوم العلاقة بينها على (الحسد) والتنافس غير الإيجابي.
وهذا فعل وأمر يستحق الثناء، فالتكامل في الأدوار والواجبات هو الذي يحقق التنمية والسلامة ويحفظ الحقوق.
رابعاً- وهناك الكثير من التأملات والنظرات في حدث (مسك الختام) والدور الشرطي الأمني والمباحثي، يسعد المتأمل والناظر أن الشرطة التي أكملت واجبها في أربع وعشرين ساعة قد أدركت أهمية الحدث وتفاعلاته لدى الرأي العام وبخاصة الصحافة والأجهزة الإعلامية، فكان مؤتمرها الصحفي الكبير الذي حضره الكبار من قادتها وأهل الشأن، وفيه أدلت بما صار مادة حية اقتاتت بها الصحف السياسية والمجتمعية والأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة بشكل عام.
وقد أضاف ذلك إلى أهمية الشرطة التي ظلت تتمتع بمقدرات ومعينات معاصرة مكنتها من النصر على الإجرام والمجرمين.. ومن ذلك ما حدث في مركز المول التجاري بالخرطوم قبل مدة، وجاء حدث (مسك الختام) بأم درمان الأسبوع الماضي ليكمل قصة نجاح الشرطة بمختلف أقسامها وواجباتها.
وغير ما ذكر مما يجذب الانتباه ويدعو للنظر والتأمل دور المواطن السوداني وذاكرته الحية في الاحتفاظ بالمعلومات والبيانات، وما نرمي إليه ونقصده هنا دور بائع الشاي والقهوة الذي وصل إلى الموقع كعادته لتسويق سلعته فرأى من رأى من المشاركين في جريمة (مسك الختام).. ودلَّ عليهم في مجموعة الصور التي عرضتها عليه شرطة المباحث الأمنية.
صاحب (مسك الختام) ومجموعة الصاغة بسوق أم درمان وقد وضعت الأجهزة الشرطية يدها على المسروقات، كان شكرهم وتقديرهم لما حدث والذي ربما ترجم في أعمال لا تقل عما فعل الفريق “محمد عطا”.
والاهتمام الصحفي والإعلامي الإيجابي والواسع بالموضوع يستحق هنا أيضاً النظر إليه بتقدير واحترام مهني ووطني، وينتظر ذلك أيضاً من الأجهزة المختصة الأخرى كالمجلس التشريعي القومي والمجالس التشريعية الولائية التي لها دورها الكبير في النقد والإشادة.
جهازنا الشرطي والأمني يستحق الإشادة والتقدير بعد هذه النظرات والتأملات التي نرجو أن تجد حظها عند الأخوة القراء والمفكرين وغيرهم.