رأي

فوق رأي

حديقة الأحد
سعد الدين ابراهيم
وطن

يقوم الوطن على كاهل ثلاثة:
فلّاح يغذيه!
وجندي يحميه!
ومعلم يربيه!
حقيقة
ليس صحيحاً أن المرء يكف عن الحلم حين يصبح عجوزًا بل يصبح عجوزاً حين يكف عن الحلم.
خوف
أخاف علي مما بداخلي، أكثر من خوفي مما قد يأتي من خارجي.
شجاعة
كم هي هائلة وعظيمة الشجاعة التي يتطلبها النهوض من السرير كلّ صباح لمواجهة الأشياء نفسها مراراً و تكراراً!
ارتجل
كل إنسان في قلبه بذرة خير تحتاج إلى سقاء.
أمل
يبعث الله من يحتضنك في قلبه كوطن صغير بعيداً عن تفاهة هذا العالم والسوء الذي يسكنه في كل زاوية.
تعذيب
أسوأ تعذيب في العالم هو الشخص المُصر على الكلام، بينما أنت مُثقل بالهموم ترغب في أن تبقى صامتاً وأن تصغى لأفكارك.
نصيحة
أنا أفعل ما يناسبني وتفعل أنت ما يناسبك، لم آتِ لهذه الدنيا لأحقق توقعاتك ولم تأتِ إلى الدنيا لتحقق توقعاتي.
حكاية
ذهب رجل إلى قرية من القرى التركية النائية، وعندما وصل إلى القرية، استقل سيارة ليتنزه، وبينما هو في نزهته لفت نظره بيتاً جميلاً من طابق واحد ولقد تجمهر حوله عدد كبير من رجال ونساء وأطفال القرية.
فقال للسائق بيت من هذا؟
فوجد السائق يتذمر ويقول: بيت الزفت السافل ربنا ياخده!!
إنه الرجل الذي أرسلته الحكومة ليرعى شؤون القرية..
فقال الرجل: وما اسمه؟..
فقال السائق: ليذهب إلى الجحيم هو واسمه.. إننا ننعته بالرجل السافل الحقير.. سافل بمعنى الكلمة.
واندهش الرجل، فهو يعلم أن السائق رجل طيب وعلى خلق فكيف ينعت الرجل هكذا بأبشع الصفات!.
وفي مساء نفس اليوم، جلس الرجل في المقهى الرئيسي للقرية وتحدث مع صاحب المقهى قائلاً: ما رأيك في الرجل الموظف الذي يرعى شؤون قريتكم؟.
فبصق صاحب المقهى وقال: سافل حقير..
قال الرجل بفضول: لماذا؟..
قال له: أرجوك، لا تفتح سيرة هذا الرجل إنه حقير حقير حقير، لا تعكر مزاجي في هذه الأمسية بهذا السافل.
وظل الرجل يسأل كل من قابله من أهل القرية نفس السؤال، ولا يتلقى سوى نفس الإجابة (الحقير المنحط أسفل السافلين)..
عندها قرر الرجل زيارة هذا الموظف في بيته ليرى عن قرب ماذا يفعل لأهل القرية حتى وصفوه بكل هذه الأوصاف.
ودخل إلى بيته رغم تحذير السائق، فوجد الرجل واقفاً وأمامه فلاح يسيل الدم من قدميه الحافيتين والرجل يضمد له جروحه ويعالجه ويمسح الجروح بالقطن وبجواره ممرضته والتي كانت تعمل بكل همة مع الرجل لتطبيب ذلك الفلاح.
اندهش الرجل وسأله: أنت طبيب؟ فقال له لا.
ثم دخلت بعد الفلاح فلاحة شابة تحمل طفلاً أعطته إياه، فخلع الرجل ملابس الطفل وصرخ في أمه: كيف تتركي طفلك هكذا، لقد تعفن المسكين.
ثم بدأ بغسل الطفل ولم يأنف بالرغم من رائحته الكريهة وأخذ يرش عليه بعض البودرة بحنان دافق وهو يدلل الطفل.
ثم جاء بعد ذلك أحد الفلاحين يستشيره في أمر متعلق بزراعة أرضه، فقدم له شرحاً وافياً لأفضل الطرق الزراعية التي تناسب أرض ذلك الفلاح.
ثم انفرد بأحد الفلاحين، ودس في يده نقوداً وكان الفلاح يبكي وحينما حاول أن يقبل يده صرفه بسرعة وقال: المسألة ليست في العلاج فقط، الطعام الجيد مهم جداً.
بعد ذلك جلست مع هذا الرجل وأحضرت ممرضته – والتي هي زوجته – الشاي وجلسنا نتحدث فلم أجد شخصاً أرق أو أكثر منه ثقافةً ومودةً وحناناً.
وعاد الرجل ليركب سيارته وقال للسائق: لقد قلت لي أن هذا الرجل سافل.. ولكنني قابلته هو وزوجته ووجدتهما ملاكين حقيقيين، فما السيئ فيهما؟!
قال السائق: آه لو تعرف أي نوع من السفلة هما؟!
قال الرجل في غيظ: لماذا؟!
قال السائق: قلت لك سافل يعني سافل وأغلق هذا الموضوع من فضلك.
هنا جن جنون الرجل وذهب إلى محامي القرية وأكبر مثقفيها، وسأله: هل ذلك الموظف المسؤول عن القرية يسرق؟!
فأجابه المحامي: لايمكن، إنه هو وزوجته من أغنى العائلات.. وهل في هذه القرية ما يسرق؟!
فسأل الرجل: هل تعطلت الهواتف في القرية بسببه؟!
فقال المحامي: كانت الهواتف كلها معطلة، ومنذ أن جاء هذا الحقير تم إصلاحها واشتغلت كلها..
فاستشاط الرجل في غيظ وقال للمحامي: طالما أن أهل القرية يكرهونه ويرونه سافلاً هكذا لماذا لا يشكونه للمسؤولين؟!
فأخرج المحامي دوسيه ممتلئ وقال: تفضل.. أنظر.. آلاف الشكاوى أُرسلت فيه ولكن لم يتم نقله وسيظل هذا السافل كاتماً على أنفاسنا.
قرر الرجل أن يترك القرية بعد أن كاد عقله يختل ولم يعد يفهم شيئاً، وعند الرحيل، كان المحامي في وداعه عند المحطة.
وهنا قال المحامي بعد أن وثق بالرجل وتأكد من رحيله: هناك شييء أود أن أخبرك به قبل رحيلك.. لقد أدركت أنا وأهل القرية جميعاً من خلال تجاربنا مع الحكومة..
أنهم عندما يرسلون إلينا موظفاً عمومياً جيداً ونرتاح إليه ويرتاح إلينا تبادر الدولة فوراً بترحيله من قريتنا بالرغم من تمسكنا به..
وأنه كلما كثرت شكاوى أهل القرية وكراهيتهم لموظف عمومي كلما احتفظ المسؤولون به..
ولذا فنحن جميعاً قد اتفقنا على أن نسب هذا الموظف وننعته بأبشع الصفات حتى يظل معنا لأطول فترة ممكنة، ولذا فنحن نعلن رفضنا له ولسفالته، ونرسل عرائض وشكاوى ليبعدوه عن القرية..
وبهذا الشكل تمكنا من إبقائه عندنا أربعة أعوام..
آه لو تمكنا من أن نوفق في إبقائه أربعة أعوام أخرى، ستصبح قريتنا جنة.
انتهت القصة، والسؤال الذي يطرح نفسه “هل عشت هذه القصة من قبل؟!
هذه القصة للكاتب التركي الساخر “عزيز نسين”.
بين الكاتب والسياسي:-
قال الكاتب العالمي “ماريو بارجاث يوسه” من بيرو: لا يمكن أن تكون كاتباً وتتصرف كالنعامة وتولي ظهرك للسياسة ومن الضروري ممارسة السياسة ولو بشكل غير مباشر،
وقال: حارث سيلا جيتش عضو مجلس الرئاسة البوسني: بالرغم من انشغالي بالسياسة فإنني لا اعتبرها مهنتي.. إنها قدر وضرورة وطنية وأفضل أن أكون مثقفاً وأديباً كاتباً على أن أكون مجرد سياسي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية