اقتصاد

خبراء يشخصون علل الاقتصاد ويصفون علاجه

في ورشة الاقتصاد السوداني الحاضر والمستقبل
الخرطوم – نجدة بشارة
رسم اقتصاديون واقعاً قاتماً ومستقبلاً مظلماً يلاحق الاقتصاد السوداني من خلال سردهم لوقائع وأوراق متعلقة بحاضر ومستقبل الاقتصاد، وتباينت الآراء داخل قاعة اتحاد المصارف في الورشة التي جاءت بإيعاز من المركز العالمي للدراسات الأفريقية.
وأوضح الخبراء أن أسباب تدهور الاقتصاد يعود لارتباط القرارات الاقتصادية بالسياسية، بالإضافة إلى الحصار الأمريكي وتدهور قطاعي الزراعة والصناعة. وعول مدير قطاع الاقتصاد بوزارة المالية د.”عادل عبد العزيز الفكي” على البرنامج الخماسي في إمكانية خفض معدلات التضخم واستقرار سعر الصرف شريطة أن تسعى الدولة لإلغاء الحصر الاقتصادي وتغيير خطابها الرسمي خارجياً.
من جانبه، بدا الخبير الزراعي بروف “حسن سليمان إبراهيم” أكثر تشاؤماً بحديثه عن فجوة غذائية محتملة، وقال إن السودان يستورد عدساً بقيمة (60) مليون جنيه، وأضاف إن الزراعة تدهورت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة نسبة لسياسة الدولة وطرح عدة مقترحات للنهوض بالقطاع الزراعي، ورهن تنفيذها بتحسين البنى التحتية والطرق.. وتحدث المهندس “آدم عبد المنعم” عن واقع متدنٍ لقطاع النقل في ورقته تطوير النقل في السودان، وقال إن تدهور الاقتصاد سبب في تدهور السكة الحديد، وأضاف إن الدولة بحاجة إلى (15) مليار جنيه لتطوير قطاع السكة الحديد وإعادة تأهيله.
فيما يرى وزير المعادن الأسبق د. “عبد الباقي الجيلاني” أن الصراعات التي تحدث بفعل المعادن عالمياً أقعدت السودان عن استغلال موارد المعادن، وقال إن السودان غني بالموارد و(50%) من مساحاته بها معادن، داعياً إلى ضرورة إدارة الموارد بشفافية.
ولخص د. “مظفر الصديق حسن” في ورقته الموارد المائية في السودان طبيعة الندرة التي تعاني منها الدولة، وربط نقص البنية التحتية والمعوقات السياسية والاجتماعية بخلق الندرة. ويرى أن الزراعة تستهلك أكبر نسبة مياه في السودان بنسبة (95%) مقارنة بمثيلاتها في العالم، الشيء الذي يتطلب تدخل الدولة لزيادة الإيرادات المائية كمشروع تقليل الفاقد من المستنقعات، وربط نهر النيل بنهر الكنغو، الذي قد يوفر (110) مليارات متر مكعب من المياه، وقال إن أجزاء واسعة من السودان تقع في مناطق الندرة المائية، وإن السودان لا ينقل حصته الكاملة من مياه النيل بمقدار (18,5) مليار متر مكعب، وأوصى بضرورة استغلال المياه الجوفية التي تغطي حوالي (70%)، بالإضافة إلى ضرورة رسم خارطة مائية شاملة للموارد المائية في السودان والاستفادة من التقنيات الحديثة.
من جانبه، توقع مدير مركز الدراسات الأفريقية “عبد الله زكريا” انهيار الدولار خلال الفترة القادمة مع هيمنة اليوان الصيني، مما قد يساعد على استقرار سعر الصرف بالداخل وتعافى الجنيه، ويرى أن البلاد تحتاج إلى نظام اقتصادي قوي، وأن يحدث فك للارتباط بين الاقتصاد والسياسة، وأن يسعى المسؤولون لتقوية العلاقات الاقتصادية مع الدول الخارجية.
فيما استعرض الأمين العام لمجلس الصمغ العربي د. “عبد الماجد عبد القادر” ورقته عن إنتاج الصمغ العربي وتأثيره مستقبلاً على توفير النقد الأجنبي من خلال العائد في الصادر، وكشف عن ارتفاع أسعار الصمغ بالسوق العالمي. ويرى أن سلعة الصمغ سلعة سيادية لسيادة السودان في إنتاجها خاصة في ظل أهميتها العالمية التي ساعدت على استثنائها من الحظر الأمريكي.
إلا أنه عاد وحذر من مغبة الحروبات في دارفور وكردفان، الشيء الذي سيكون له أثر كبير على الإنتاج والمنتجين، وقد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج وإلى نشاط التهريب.
أما فيما يتعلق بدور الثروة الحيوانية في الاقتصاد السوداني، فقد تحدثت البروف “ابتسام امتن سيد” عن امتلاك السودان لثروة حيوانية ضخمة قدرتها بحوالي (30191000) رأس من الأبقار، و(39046000) رأس من الضأن و(31029000) رأس من الأغنام و(4797000) رأس من الإبل، وقال إن القطاع الرعوي المتجول يمثل أكثر من (80%). ويرى أن الصادر تضاعف مؤخراً تماشياً مع برنامج الدولة، وأصبح حوالي (5) ملايين رأس من الحيوانات الحية و(3396) طناً من المذبوحة، وتوقع فرصاً أفضل للاستثمارات في قطاع الثروة الحيوانية.. واستعرض مهندس د. “حسن محيي الدين” هموم القطاع الصناعي كأحد الأركان الرئيسية لأية تنمية اقتصادية، وكمقياس لمدى التطور الاقتصادي، وسلط الضوء على الجوانب العامة للقطاع الصناعي في السودان. وعدّ الصادرات الصناعية تشكل حوالي (12,8%) من إجمالي الصادرات، وقال إن الصناعة تعاني من تدني الجودة الشيء الذي فتح الباب أمام التدفقات الهائلة للسلع المستوردة، ويرى أن الوضع الراهن للصناعة غير مرضٍ ودون المطلوب، وأن الصناعة لم تساهم في الدخل القومي إلا بواقع (5%) فقط. وأضاف: (فشل الإجراءات الإصلاحية لبرنامج الدولة الصناعي يستدعي التوقف والنظر في مدى ملاءمة السياسات والإجراءات الإصلاحية)، وحصر حوالي (128) مصنعاً غذائياً متوقفاً و(227) عاملة وهناك (72) مصنع نسيج متوقفاً و(11) مصنع صناعة ورق وطباعة متوقفاً، وإجمالي المصانع المتوقفة بالبلاد وصل إلى (369) مصنعاً.. وقال إن جملة الصادرات من سلعة السكر بلغت (268,3) ألف طن، و(619,5) طن من المولاص.. وتحدث عن مشاكل تواجه قطاع الصناعة متمثلة في ضعف وانعدام البنيات التحتية، وتعدد الجهات الاتحادية والمحلية المشرفة على المناطق الصناعية.
وقد أوصى الاقتصاديون بالورشة بضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد في السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية