شهادتي لله

مولد المصطفى.. دعوة مغايرة

{ تهلّ علينا هذه الأيام ذكرى مولد النبي “صلى الله عليه وسلم”.. “محمد بن عبد الله”.. سيد ولد “آدم”.. خاتم الأنبياء والمرسلين.. وقائد الغر المحجلين.. نفعنا الله وإياكم بنفحات هذه الأيام المتعطرات.. وأظلنا ببركاتها.
{ بعد غيبة امتدت لعدة سنوات، زرت ساحة المولد بحوش الخليفة بأم درمان، عصر (الجمعة) الفائتة، غير أنني وللأسف لم أجد أنه قد فاتني جديد، منذ أن كنا صغاراً يفعاً نقصد ساحة المولد في مكانها القديم بميدان (البحيرة) بحي الملازمين، وقد تحول الآن إلى حديقة وصالة أفراح، وإلى أن انتقل إلى موقعه الحالي شرق البلدية.
{ ذات المظاهر.. والملامح والمدائح.. والذكر، غير أن شيوخ الطرق وخلفاءهم تكاثروا مؤخراً بتعدد الأفرع والمشيخات لدواعي خلافات وانقسامات داخل البيوت الصوفية الكبيرة، كحال الأحزاب السودانية والحركات المسلحة التي تناسلت وتوالدت بعدد الحصى والرمل!!
{ ولأن العبد لله الفقير ينحدر من سلالة بيت صوفي ضارب في جذور التصوف يبدأ من جدي لأمي.. رحمه الله عميد المعهد العلمي بأم درمان وعضو هيئة علماء السودان في خمسينيات القرن المنصرم وعميد المعهد العلمي في السبعينيات الشيخ “أحمد” الملقب بـ(العالم) ابن الشيخ “محمد علي ود أبو قرين”، والأخير كان قد صلى بمشايخ وعلماء السودان عند افتتاح مشروع الجزيرة وخزان سنار في العام 1925، وانتهاء إلى قطب أشراف “المغرب” الكبير مولاي الشيخ “عبد السلام بن مشيش”، فإنني كنت أرجو تأدباً إلى مقام ساداتنا الصوفية، أن يتطور الاحتفال في بلادنا بمولد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، فيتجاوز حلقات الذكر والمدائح والضرب على (النوبات) الممتدة إلى الساعات الأولى من الصباح، إلى رؤى أوسع وأفكار أسمق، فضلاً عن أن الزحام في حد ذاته جالب للمفاسد والممارسات السالبة في أي مكان بالعالم.
{ فلتكن كل المساجد والمسائد في ذكرى مولد المصطفى ساحات ومنارات للاحتفال بصور وأساليب مختلفة، وبدلاً عن أن يتحرك الناس للمسيد، فليتحرك المسيد بشيخه وحيرانه إلى الناس في بيوتهم، توزع الحلوى مجاناً للأطفال والفقراء والمساكين، وللطرق الصوفية داعمون بلا عدد من الأثرياء والميسورين يمكنهم أن يتكفلوا بشراء الهدايا بما يناسب كل حي أو حارة أو حلة في قلبها مسجد أو مسيد.
{ في المسيحية يزور (بابا نويل).. الشخصية المتخيلة المعروفة بلباس مميز أحمر وأبيض وطاقية مزركشة، يزور البيوت ويوزع الحلوى على الأطفال وذلك في أعياد ميلاد السيد “المسيح”.
{ بالتأكيد، الكنيسة أو جمعيات كنسية أو أفراد مسيحيون يقفون وراء شخصية (بابا نويل)، ويمولون مشروعاته الرمزية الصغيرة لنثر الفرح في قلوب الصغار وربط البهجة بأعياد الميلاد.
{ ويوم ميلاد خير البرية أجمعين أولى بأن يكون مناسبة لاندياح المؤسسات الدينية في بلادنا بتشكلاتها وتمظهراتها كافة (صوفية وسلفية) في أعماق المجتمع بأثواب خيرية.
{ ذكرى مولد المصطفى “صلى الله عليه وسلم” ينبغي ألا تقتصر على الذكر والمديح، بل بالإمكان جعلها مناسبة للتكافل والتراحم وزيارة المرضى بالمستشفيات، وذوي الحاجات والاحتياجات الخاصة، ونظافة الأحياء وتشجير الشوارع، وإقامة عيادات مجانية داخل المسيد أو صيوان الطريقة الفلانية في ساعات محددة والتطعيم ضد أمراض بدأت تنتشر مؤخراً مثل داء الكبد وغيره.
{ دعونا نجعل مولد المصطفى “صلى الله عليه وسلم”، موسماً شاملاً لحراك مجتمعي كبير.. ثقافي وروحي وصحي وبيئي، دعونا نجعل “ربيع الأول” موسماً للخير والفرح واقتسام البركات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية