" التجاني حاج موسى : " عن " الأرباب " .. سيدي الرئيس .. جلالة الملك " سلمان "
تعقيباً على “صلاح إدريس” سيدي الرئيس جلالة الملك، أمس الأول طالعت (شهادتي لله) عمود الصديق الأستاذ “الهندي عز الدين” ربان صحيفتنا الحبيبة.. وعنوان العمود “صلاح إدريس” سيدي الرئيس.. جلالة الملك.. عندما قرأته خطر لي أن أعلق على ما جاء في عموده فأستاذته أن أستعير مساحته لأكتب هذه السطور في حق صديق تربطني به أواصر المحبة والاحترام والتقدير.. وأحمد للأستاذ “الهندي” أنه سبق جميع أصدقاء “صلاح” وهم كثر ولم يبادروا بالكتابة عن موضوع “صلاح” والذي شغل الناس وقالوا ما قالوا في موضوعه.. وأستأذنكم أيها الأحبة قراء (شهادتي لله) ومعظمهم يبدأون قراءة الصحيفة بالعمود آنف الذكر والشكر أجزله، يصاحب (شهادتي لله) الذي ما بخل يوماً علي بمساحته المقدرة وأرجو أن يرمي ما أكتبه له ولقرائه.
بسم الله أدلف إلى موضوعي الخاص بصديقي “الأرباب” والذي تعود معرفتي به إلى سبعينيات القرن الماضي يومها كان موظفاً ببنك النيلين بمدينتنا الجميلة “الدويم”.
منذ ذلك الزمان لم يكن “صلاح” شخصاً عادياً أو عابراً فقد كان اجتماعياً من الطراز الراقي محباً لعموم الناس هاشاً باشاً يجمل المجالس بالسرور والفرح.. كان لاعب كرة قدم في فريق النيل الرياضي بالدويم، وكان محباً للموسيقى ولازال عازفاً لآلة العود يدندن حلو الغناء لكبار المطربين. أحبته المدينة وربطته علائق وشيجة بأهلها.. أقربنا إليه من شباب الدويم.. كان الفنان الشاعر الصديق “عبد القادر يوسف” الذي كان على اتصال به حينما ذهب إلى السعودية وكنا على معرفة بتفاصيل نجاحه هناك إلى أن رجع للوطن، رجعته الداوية التي يعرفها الكثيرون.. جاء ما شاء الله رجل أعمال ومال وجاه وسلطان، والتقيناه بحذر لما طرأ على حياته من جاه إلا أنه وأشهد الله أنه سعى إلينا بمحبة وصدق بروحه التي عهدناها بشوشاً حلو المعشر باسم المحيا يغدق من ما أعطاه الله لكل ذي حاجة من الذين يعرفهم أو لا يعرفهم، وكثيراً ما يهمس في أذني “يا أبو التج” ما تخجل أنا عارفك حساس تأمرني بي شيء.. وإجابتي في كل مرة.. مستورة يا “أرباب”.. أهداني آلة عودة.. (ياخي ما تتعلم تعزف إنت بتلحن كويس والعود بيساعدك). مكث معي عود “الأرباب” مدة لم أجرب العزف فيه إلى أن أخذه مني صديقي الملحن – الراحل – “الفاتح كسلاوي” – له الرحمة..
قلت له: يا “أبو أحمد” والله أنا خجلان منك كل مرة أجيك بي مشكلة وتحلها، كان يبتسم ويسخر من حديثي ولا يعلق، لكنه كان يقضي حاجات من أرسلوني له.. بعضهم أعرفه ومعظمهم عرفوا أن “الأرباب” صديقي عشرات من ذوي الحاجات قضى حاجاتهم وعشرات من المرضى أرسلهم للعلاج خارج الوطن. ولا أنسى وقفته مع صديقي الفنان “عبد الوهاب الصادق” في محنة مرضه. ولو واصلت تفاصيل عطائه وبذله في أوجه الخير لملأت صفحات.. لاحظوا أنا عن نفسي لم يحوجني الله ليمد لي يد العون وأحمد الله على ذلك، لأن هذه ميزة جعلتني أنا صحبه وأجترئ عليه، فالذي بيني وبينه ذكريات صبا ومحبة. أذكر أنني غضبت منه حينما نشب خلاف بينه وصديقي الحبيب “طه علي البشير” وقتها كان نادي الهلال العظيم هاجساً وأمراً جللاً من أولويات مشاغل “الأرباب”. كنت أشفق عليه من حالة الفرقة في أمور شتى، وكنت على يقين من أنه أثقل كاهله بأمور تنوء عنها الجبال.. كان يجلس لساعات ليلاً يشبع نهمه في تأليف الألحان وجعل من منزله بكافوري مكاناً مريحاً للشعراء والمغنين، وأهل الإعلام والموسيقيين.. قال لي مازحاً: (طبعاً أنت بتلحن أشعارك براك عشان كده ما أديتني إلا أربع قصائد). سمى نفسه “علي أحمد” قلت له.. لماذا لا تريد أن يعرف الناس أنك ملحن؟! قال لي: أمي كانت تناديني بعلي.. ثم يا أخي ده اسمي الفني!!.. كان يعاف الطعام لا يأكل إلا قليلاً والرشوشة وجبته المفضلة.. دمعته قريبة.. يهب هجعة ليل ليغيث محتاجاً.؟ يؤمن بمقولة تهادوا تحابوا.. أحب العطور كان يهديني العطر وزوجتي ولا يتبرم من الصفوف التي تصطف بمنزله تنتظر خروجه ليعطيهم من ما أعطاه الله.. هاتفته قبل مدة مستفسراً عن إشكاله الذي منعه من الحضور للوطن.. قال لي: لا تقلق أن بريء من ما أشيع عني وسأعود إليكم فقط هي إجراءات قضائية طويلة ومعقدة وابتلاء من المولى عز وجل.. لعلي استغرقت في رسم صورة عن قرب ليست مرافعة لكنها شهادة في حق مواطن سوداني ناجح أحب وطنه بالمهجر السعودية، وحالت ظروفه الأخيرة بينه والأهل والأصدقاء والأحبة للدرجة التي حرمته من أداء واجبات اجتماعية وهو الذي اعتاد أن يهب لبيوت العزاء والأفراح مجاملاً بماله وحضوره، وكم من مرات افتقدناه فيها لنعزيه في أعزاء فقدناهم.
لك الشكر أجزله صديقي الأستاذ “الهندي” فقد سطرت أحرفاً برؤية ثاقبة موضوعية في حق رجل يستحق أن نتشفع له وها أنذا أضم صوتي لكم مناشداً الأخ الرئيس الذي أثق تماماً أنه جابر عثرات كرام.. ويدرك قيمة الصفح والتسامح، ثم أعرف أن القائمين بأمر سفارة الشقيقة المملكة العربية السعودية سيعالجون أمر رجاءاتنا ويسمعوا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبد العزيز” حفظه الله هذا الرجاء ونأمل حضورك يا “صلاح أحمد إدريس” نمشي معاك معزياً ومجاملاً ومشاركاً في حياتنا العامة.. هي الدنيا دي فيها شنو غير عمل صالح يبذله الإنسان الذي يغادرها كما ولدته أمه يواريه لحد وتلفه قطعة قماش وعند قيامته لا ينفعه إلا عمله الصالح الذي بذله في حياته.
التجاني حاج موسى