بكل الوضوح
الشتاء.. تسهيلات وفرص عظيمة
عامر باشاب
مواصلة للتذكير ولفت الانتباه لفضيلة التدبر والتفكر في عظمة الله وقدرته في إبداع الكون، الأرض والسماء والشمس والقمرَ، وحكمه البالغة في تتابع الأزمان الفصول الليلَ والنهار، والشتاء والصيف والخريف والربيع، المنافع التي تنعم بها المخلوقات، خاصة الإنسان ومن خلال تأمله في الكونيات العظيمة يصل إلى توحيد الله سبحانه وتعالى.
ونجد بأن خلق السماء والأرض ومواقيت الليل والنهار سخرها الله سبحانه وتعالى للعبادة عبر التفكر والتدبر في آياته، ويظهر ذلك جلياً في قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأولِي الأَلْبَابِ).. (آل عمران: 190).
وهنا يقول “ابن الجوزي” و”ابن القيم” رحمهما الله (ومن آياته سبحانه وتعالى الليلُ والنهار، وهما مِن أعجب آياته، وبدائع مصْنوعاته؛ ولهذا يُعيد ذِكرهما في القرآن).
لنتأمَّل في هذا الفَلَك الدَّوَّار بشمْسِه وقمرِه، ونجومِه وبروجه، وكيف يدور على هذا العالَم هذا الدوران الدائم، على هذا النحو من الترتيب والنظام، وما في ذلك من اختلاف الليل والنهار والفصول، والحرّ والبَرد، وما فيه من مصالِح لكل المخلوقات حيوانات ونباتات! قال الله تعالى: (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).. (الذاريات: 17- 18). وقوله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).. (السجدة: 16)
أما من الفوائد العظيمة التي نجنيها كمسلمين من المواقيت والأزمان، ففي فصل الشتاء ينعم المؤمن بنعم عظيمة تأتيه من بين ساعات ليل ونهار هذا الفصل العجيب الذي يطول ليله ويقصر نهاره، ويجد العبد فيه المساحة الكافية للتعبد بقيام ليله بعد أخذ قسط من الراحة بالنوم المبكر ثم القيام بهمة ونشاط للعبادة، كما يستفيد من قصر النهار وبرودته في الصيام العبادة التي خصصها الله لنفسه لقوله تعالى في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، حيث يأتي الصوم شتاءً ميسراً دون الإحساس بمعاناة أو تعب والصائم فيه لا يحس بالجوع والعطش وجاء في المسند والترمذي، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (الصِّيام في الشتاء الغنيمة الباردة). وعن “أبو هريرة” رضي الله عنه قال الرسول: (ألا أدلكم على الغنيمة الباردة، قالوا: بلى، فيقول: الصيام في الشتاء) صححه “الألباني” رحمه الله.. وروى الإمام “أحمد” من حديث “أبي سعيد” رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (الشتاء ربيعُ المؤمن)، وزاد فيه: (طال ليلُه فقامَه، وقصر نهارُه فصامَه). أخرجه “البيهقي” وغيرُه.. قال “عمر” رضي الله عنه: (الشتاء غنيمة العابدين)، وقال “ابن مسعود”: (مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام).
} وضوح أخير
ومن هنا نتمنى لجميع المؤمنين والمؤمنات أن يغتنموا من نعم الفصل، ولا تفوتهم هذه الفرص العظيمة من التسهيلات في الصيام والقيام شتاءً.