دوسه والجوكية
{ ستذهب تصريحات وزير العدل (محمد بشارة دوسه) عن نشر أسماء (جوكية) المصارف في (خبر كان)، ولن يصمد الوزير في موقفه ولو انتقل نهائياً لمقر نيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه. و(الجوكية) الذين زعم الوزير بأنه سيستدعي مديري المصارف لتوضيح وإعلان أسماء (الجوكية) للرأي العام وهم متهمون بالاستيلاء على المال العام وعجزت المصارف عن الوصول إليهم إما بسبب (الحصانات) التي يتمتع بها هؤلاء كأعضاء في الأجهزة التشريعية أو لنفوذهم السياسي وتغلغلهم في مفاصل الدولة، بل أضحى (بعضهم) هم الدولة (نفسها).
{ لن يجرؤ السيد (محمد بشارة دوسه) على نشر أسماء رنانة وذات بريق اجتماعي ونفوذ سياسي حتى لو نهبت كل أموال المصارف ووظفتها لمصلحتها الخاصة دون (ضمانات)، ومن يستحق المساءلة والمحاسبة والذهاب لغياهب السجون هم مديرو المصارف الذين يغلقون أبوابهم في وجوه الفقراء ويضعون العراقيل والقيود ويطالبون بضمانات مستحيلة لمن يطرقون أبواب المصارف من الفقراء وصغار التجار، ولكن المصارف لا تضع قيداً ولا شرطاً واحداً حينما يطرق بابها (فلان) القيادي في الحزب والقريب من (فلان). ويعترف وزير العدل جهراً بقصر قامة الدولة وعجزها عن بسط العدل، ومن منصة الخطابة في البرلمان يقول دوسه: ( قامتنا أقل من ما يتشوق له الشعب السوداني من عدل) عبارة ذهبية جميلة المظهر، لكنها تمثل اعترافاً خطيراً بين يدي البرلمان، وحينما تتقاصر هامة السلطة عن ما يتوق إليه الشعب ويرنو ببصره وأشواقه لدولة عادلة، فإن السؤال هنا لماذا الاعتراف هنا فقط بقصر هامة الدولة عن أشواق وتطلعات شعبها؟!
{ دولة العدل التي يتوق إليها الشعب السوداني أن تبلغ العدالة ما وراء وأمام (الجوكية) وليس هؤلاء البسطاء المقهورين بالفقر المذل واتخذهم الأثرياء مطية لتحقيق رغباتهم وشهواتهم. و(الجوكية) اصطلاحاً هم صبية صغار السن مهنتهم الركوب على خيول ونوق السباق مقابل مال معلوم، تم تعريفهم بأطفال الهجن، حيث يتم (استرقاق) الأطفال في دول الخليج لا ينال أحدهم حقه في التعليم، هؤلاء هم (جوكية) سباقات الخيول والإبل. أما (جوكية) المصارف، فهم أناس بسطاء يعملون في مهن وضيعة يتم إغراؤهم بالمال (ليتقدموا) بطلبات مرابحات وتمويل لمشروعات السادة الكبار، ويرهنون بيوتاً هم ليسوا مالكيها للمصارف، وإمبراطورية المال وموظفي البنوك (يلعبون) تحت الطاولة لعبتهم، فتذهب أموال الشعب لأسماء مجهولة ظاهرياً وعلى الأوراق ودفاتر البنوك، ولكن الحقيقة ما هؤلاء السذج إلا شبح تجار كبار وأسماء لها بريق، تتعثر العمليات فيذهب البسطاء للسجون ويتنقل الأثرياء بين ماليزيا وقطر ودبي وسنغافورة. ماذا يستفيد الشعب من نشر أسماء (مبنية) للمجهول؟ باعتبارهم جوكية المصارف، وتحت الطاولة الأسماء الحقيقية لمن نهبوا ثروات البلاد. فهل يستطيع (دوسه) مقاومة (جيوب) مراكز القوى والتي تستطيع أن تذهب بدوسه ما بين صلاة المغرب والعشاء حتى لو صام (الاثنين والخميس) وأفطر مع كبار المسؤولين في مساكنهم.