أخبار

عجز القادرين

{ كثيراً ما يردد “السودان” مقولة عجز القادرين عن التمام تعبيراً عن قدرتهم على الفعل وعجزهم عن القيام به.. وقد اتخذ المقولة واحد من النخب السودانية عنواناً لكتاب صدر قبل سنوات.. إنه السفير الدكتور “نور الدين ساتي” أشهر سفير مرت من تحت طاولته أكبر عملية أثارت جدلاً في العالم ما بين رافض لها وداعم.. إنها عملية تسليم “كارلوس” للسلطات الفرنسية وحينها كان السفير “نور الدين ساتي” هو ممثل حكومة بلاده في “فرنسا” ولكن التيار الباطني في الدولة العميقة نجح في التفاوض مع الفرنسيين من دون علم السفير من خلال جولات عديدة انتهت بتسليم “كارلوس” ليبلغ النبأ سفير “السودان” في “فرنسا” عبر وسائط الإعلام مثله وبائع الليمون في سوق “الكاملين”.. وحينما تقاعد كتب عن تجربته بأسى عميق وحزن دفين لعجز النخب السودانية عن مواجهة الواقع والبحث عن حلول لمشكلات وطن تكالبت عليه المحن بفعل أهله وعجز نخبه.. وعجز القادرين عن الفعل تجسده الأزمة المتطاولة التي تشهدها الساحة الرياضية منذ فترة ليست بالقصيرة حتى أخذت الأزمة منحى أمنياً هدد حياة المواطنين واضطرت السلطات الأمنية بولاية “الخرطوم” اتخاذ قرار تدخل سالب بإلغاء قيام مباريات معلنة انسحب بعض أطرافها من الملعب وتركوا أطرافاً أخرى تحصل على النقاط مجانية.. وقد نقلت الأزمة من دهاليز الاتحاد الرياضي والأندية إلى قواعد اللعبة الشعبية.. وزج بالجماهيرية المسكينة في مشاحنات لو لا تدخل الأجهزة الأمنية والشرطية لجعلت “الخرطوم” تغرق في دماء أهلها..
{ وقفت الحكومة منذ اندلاع الأزمة صامتة مراقبة لما يجري وعاجزة عن حل الأزمة وهي قادرة على ذلك!!.. ولكن من (يبادر) في غياب روح المسؤولية التي كان يمكن أن يتحلى بها الوزراء ونواب الرئيس ومساعدوه.. بالتدخل وحل الأزمة بعيداً عن (الانزلاق) في محاذير (الفيفا) التي تحظر على الحكومات (التدخل) في الشأن الفني الرياضي.. ولكن (الفيفا) لا تحظر على الحكومة أداء واجبها في الحفاظ على الأمن وسيادة القانون وروح القانون وإلا لأصبحت (الفيفا) مجلس أمن آخر يقوم بمهمة (حاضن) (لكوتينات) رياضية لا تخضع لسيادة الدول ويحصن قادة الرياضة من المساءلة القانونية.. والدعوة لتدخل الحكومة وحسم الفوضى لا تعني حل الاتحادات الرياضية ولا الأندية ولا ترجيح رأي على آخر.. ولكن الحكومة في (دولابها) عصي بعدد الحصى لم تستخدمها بعد وعاجزة عن استخدامها حتى اليوم في مواجهة الذين يديرون الشأن الرياضي في البلاد وجميعهم من منسوبي الحزب الحاكم وحلفائه وله عليهم أفضال وأيادٍ بيضاء لا ينكرها د. “معتصم جعفر” الذي لو لا المؤتمر الوطني لما أصبح رئيساً لاتحاد الكرة أو دخل البرلمان القومي إلا زائراً مثل سائر المواطنين .. ومن جاء بـ”أسامة عطا المنان” لمنصب عضو البرلمان عن دائرة “نيالا” ممثلاً للحزب الاتحادي الديمقراطي الذي خرج من “دارفور” بعد وفاة “أبو منصور” منذ سنوات.. ولكن المؤتمر (أرغم) عضويته على التصويت لـ”أسامة عطا المنان” ليدخل البرلمان عبر جسر المؤتمر الوطني.. ولو رفع الوطني غطاءه عنه لسقط في “نيالا” مثل سقوط “بلال عثمان” في دائرة “دنقلا” في مواجهة المستقل “برطم”.. ومثله “مجدي شمس الدين” الذي كان عضو شورى في المؤتمر الوطني.. وحينما هبت رياح الاتحادي اغتنمها وتنازل له المؤتمر عن دائرة “العيلفون” التي تمثل ثقلاً للإسلاميين لو خاض منافسة مع “إسحق فضل الله” لما دخل “شمس الدين” البرلمان.. والطرف الثاني من الأزمة هو نادي “الهلال” الذي فاز رئيسه “الكاردينال” بدعم أمانة شباب الوطني و”أحمد عبد القادر” نائب الرئيس حمله الوطني لمنصب الوزير والنائب البرلماني.. أما المريخ فهو قد أصبح منذ سنوات (محضوناً) في كنف المؤتمر الوطني ورئيس نادي الأمل “عطبرة” من قيادات المؤتمر بنهر النيل.. فكيف لا تصدر الجهات العليا في الدولة توجيهات صريحة وملزمة ونهائية لهؤلاء الرموز والقيادات بإنهاء الأزمة في ثلاثة أيام بالقانون أو العرف أو الإذعان مكرهين لسلطة الدولة والحزب حتى (لا تدخل) البلاد في نفق الأزمات الحالية؟.. وحتى حينما تدخلت الدولة جاء التدخل من المجلس الوطني في (شكل) (جودية) من البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” لتضعف مبادرة البرلمان من صورة الدولة وأجهزتها في القطاع الرياضي الذي ظن بعض قادته أن (الفيفا) يمكن أن (تخيف) أحداً.. وإذا كان “معتصم جعفر” و”أسامة عطا المنان” و”مجدي شمس الدين” يهددون الحكومة (بالفيفا) وتذعن لهم.. فلتسلم السلطة أبواب قصرها لـ”محمد سيد أحمد” الذي وقف أمس ينادي على كاتب هذه الزاوية باسمه و”محمد حامد جمعة” ويقول أمام “ياسر عرمان” أنا ذاهب لاجتماع خاص بالحركة الشعبية اكتبوا في صحفكم ما يروق لكم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية