حوارات

المحامي "صالح محمود" عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لـ(المجهر):

لا نطرح الشيوعية الآن..
لا توجد في دستور الحزب إحالة للصالح العام أو للمعاش
حوار- محمد إبراهيم الحاج
“صالح محمود عثمان”، المحامي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني الذي ينحدر من (جبل مرة) في غرب السودان. تخرج في جامعة الخرطوم، رجل لا يطيب له المقام، فهو دائم السفر بين ولايات دارفور، حيث أهله وقضاياهم الوعرة وبين الخرطوم حيث السلطة المركزية ورئاسات منظمات المجتمع المدني والسفارات والمقر الرئيس لمكتب “الأمم المتحدة” والمنظمات الإنسانية العالمية والمحلية المعنية بحقوق وصيانة حقوق الإنسان.
بمكتبه الذي يجاور مكتب حزب (التحرير الإسلامي) تبدو الدهشة واضحة عن كيفية وجوده مع حزب ذي ميول سلفية في عمارة واحدة، ولكن الدهشة تلاشت حينما أبلغتنا سكرتيرته أن العلاقة بين المكتبين يسودها الود والتقدير والزيارات المتبادلة.
جلسنا إلى “صالح محمود” وأدرنا معه حواراً مطولاً عن الأزمة الأخيرة بـ(الحزب الشيوعي)، بالإضافة إلى عدد من القضايا الدارفورية، فإلى مضابط الحوار:
{ بداية هناك اتهام للحزب الشيوعي السوداني بأنه لا يمارس الديمقراطية داخله رغم أنه يدعو لها؟
– كيف؟ الحزب الشيوعي لديه دستور ولائحة وبرنامج.. وأعضاء الحزب الشيوعي متطوعون، بمعنى أن العاملين فيه ليسوا موظفين.. والمنضم للحزب يقرأ اللائحة والبرنامج إذا اقتنع به يقدم طلباً وينظر فيه، ويمكن أن يتحول الشخص إلى مرشح للانضمام له، وتكون هناك فترة زمنية معينة يطلع من خلالها المرشح على أفكار الحزب والوثائق، ويمارس نشاطه داخل قنوات الحزب.. وبعد دراسة وفحص وبعد فترة الترشح للعضو الخيار في أن يستمر أو لا.. إن الدخول للحزب في حد ذاته يحتوي على ديمقراطية.
{ نعم.. ولكن الشاهد في الأحداث أن الحزب الشيوعي يضيق ذرعاً بالأفكار التجديدية بداخله منذ خروج “الخاتم عدلان” وحتى آخر الأحداث التي نتجت عن إيقاف “الشفيع خضر” و”حاتم قطان” وآخرين؟
– ده كلام ليس صحيحاً.. ولكن كالآتي..الحزب الشيوعي ليس حزب مفكرين فقط، ولكنه يضم العمال والمزارعين والطلاب والمرأة والشباب ويجمع بينهم، إنهم مناضلون ثوريون متطوعون من أجل قضية معينة يؤمنون بها.. هذه القضية موجودة في برنامج الحزب وفي الدستور.. وحزب من هذا النوع توجد به ضوابط شأنه شأن أية مؤسسة داخلية.. وأعتقد أن هذا شيء طبيعي…لأن أي مجموعة أكثر من ثلاثة ينبغي أن تكون لها لائحة تحكمها.. والحزب هو الوحيد الذي أدخل الصراع الفكري في السودان وهو صراع مبدئي حول الأفكار.. قبل المؤتمر الخامس نشرت أوراق سميت أوراق المناقشة العامة حول طبيعة الحزب واسم الحزب.. وهذه المناقشة كانت مفتوحة في الداخل وعلى صفحات الصحف… والرأي مفتوح لأي شخص.
{ كم استمرت هذه المناقشة؟
 – استمرت لمدة عشر سنوات.. لا يوجد حزب منح هذه المدة الطويلة للمناقشة.
{ وماذا نجم عن هذه المناقشة الطويلة؟
–    بعدها انعقد المؤتمر الخامس.
{ لم يكن المؤتمر الخامس بقدر تطلعات القاعدة الشيوعية؟
–    لا.. كان أكبر من ذلك بكثير.
{ كيف؟
–    المؤتمر الخامس انعقد بعد أكثر من أربعين عاماً من انعقاد المؤتمر الرابع والمناقشات استمرت لعشر سنوات.. في طبيعة الحزب ليس فيه اختلاف.. نحن في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية.. نمشي خطوة في بناء الاشتراكية.. الآن نحن لا نطرح الشيوعية.. نستند إلى النظرية الماركسية وإلى الأفكار الإنسانية الأخرى التي من شأنها المساعدة على تحليل الظواهر بشكل عام.
{ لا قدسية في الحزب؟
–    نعم ليست لدينا قدسية في النظرية الماركسية.. وبالتالي هذا ما تم إقراره في المؤتمر العام السابق الذي توصل إلى قرارات بالإجماع في شيئين، أولها عدم تغيير اسم الحزب، والثاني اختيار نقد سكرتيراً عاماً.
{ فقط هذا ما خرج به المؤتمر الخامس للحزب بعد انتظار دام أربعين عاماً؟
–    لا.. وتم فيه إقرار التقرير السياسي والدستور وبرنامج الحزب للمدة بين المؤتمرين، وأي استخدام للائحة ودستور الحزب هذا هو عين الديمقراطية.. ليس هناك شخص يتصرف من تلقاء نفسه فيقول أفصل هذا أو أوقف ذاك إلا بموجب الدستور.
{ ما هي ملابسات إيقاف خمسة من الأعضاء وآخرين؟
–    اكتفي بما قاله السكرتير العام وجزء منهم أعضاء في اللجنة المركزية.. وما ورد في الصحف كان كثير منه غير دقيق.. البعض قال إنهم 27.. وغيرهم قالوا إن هناك إحالة للمعاش والتقاعد، ولا يوجد نص في دستور الحزب إحالة أو تعاقد للمعاش.
{ هل عاقبتم “خضر” و”قطان” بالدستور؟
–    الإيقاف ليس عقوبة.. ولأنه وردت معلومات أن البعض منهم اجتمع خارج الأطر التنظيمية ولهذا تم إيقافهما.
{ولكن “د. الشفيع خضر” و”حاتم قطان” نفيا حضورهما للاجتماع؟
–    قلت وردت معلومات.. وعندما يخضعوا للتحقيق سوف نصل للحقيقة.. كيف نصل إلى الحقيقة بدون أن نجري تحقيقاً حول الواقعة.. هناك معلومة.
{ ولكنكم عاقبتهما بالإيقاف قبل مساءلتهما والتحقيق معهما؟
–    الإيقاف ليس عقوبة ولكنه إجراء احترازي.. إذا كان هناك شخص يجتمع ليخرج أسرار، الحزب يجب أن يكون هناك إجراء احترازي، والأمر كله ليس عقوبة إنما إجراء عادي جداً منسجم مع أية ممارسات مع مؤسسة عادية ناهيك عن أن يكون حزباً شيوعياً.. وحتى يتم التحقق من ذلك يتم الإيقاف.
{ ألم تصدر ضدهم أية إجراءات أخرى؟
–    لم تصدرهم حتى الآن أية عقوبات.. حتى ينتهي التحقيق وبعده إذا كان الكلام كذباً هذا شأن آخر.. وإذا كان غير ذلك تأتي مرحلة العقوبات اللائحية.
{ يقال إن هناك تململاً من “د. الشفيع خضر” داخل الحزب.. وإن هناك صراعا قوياً داخله بين ما يسمون بالديناصورات وبين رواد التجديد الفكري؟
–    هذه عبارات غير دقيقة على الإطلاق.. لا يوجد صراع فكري من هذا النوع.. إذا لم يكن هناك صراع داخل الحزب (الشيوعي) سيكون حزباً ميتاً.. يجب أن يكون هناك صراع.. ونظرية الحزب تسمى (الديالكتيك) بمعنى الجدل.. وإذا اختفى الجدل داخل الحزب والحراك الفكري ده ما ببقى حزب.. ولكن العكس يجب أن يكون هناك حراك داخل كل فروع الحزب من أقل فرع إلى الهيئات والمؤتمر العام والمكتب السياسي.. يجب أن تكون هناك أفكار.
{ يعني ذلك أن هناك صراعاً فكرياً دائم داخل الحزب؟
–    نعم ولكن الصراع محله داخل الحزب.. وداخله هناك مجلة الشيوعي والمنظم.
{ أتكلم عما يثار عن أن الديناصورات هم المسيطرون على مفاصل الحزب؟
–    ليس صحيحاً لأنه في المؤتمر الخامس أدخلت عناصر كبيرة من العناصر الشابة وإلى كم وسبعين في التركيبة الجديدة.. هناك وجوه جديدة لم تكن في اللجنة السابقة.. ولا يوجد حزب حصيف وثوري يستهين بالقيادة التاريخية التي تحملت الأهوال بالذات قادة الحزب (الشيوعي السوداني) والظروف الصعبة  التي مر بها الحزب من عهد “عبود” و”نميري” وحتى فترة الأحزاب، وهؤلاء القادة يستحقون كل احترام وتقدير ولكن وجودهم ضروري.
{ نعم ولكن حركة التطور التاريخية تحتم الاستعانة بوجوه جديدة قادرة على استيعاب المتغيرات وهو ما فعلته أحزاب أخرى مثل (المؤتمر الوطني) وحزب (الأمة) و(الاتحادي)؟
–    66% ديل الوجوه الشابة داخل الحزب الشيوعي.. “هنادي فضل” مثلاً شابة في اللجنة المركزية والجلاد. وأنا ذاتي ما شاب؟
–    هناك عدد كبير و”حاتم قطان” و”أسامة” أليس هؤلاء شباب داخل الحزب؟ على كل هؤلاء قيادات ونحن بالعكس نقدر إسهامات الكبار والمناضلين الشرفاء ولا يمتلكون في حطام الدنيا شيئاً وفيهم مهندسون وضحوا كثيرا من أجل الحزب.. ليست لديهم بيوت أو عربات، وأعتقد أنه فيه ظلم كبير جداً إذا قلنا نحاكمهم لأنهم كبروا في السن.
{ هل تخوف الحزب من أن يكون هناك انشقاق جديد داخله بعد اجتماع تلك القيادات خارج الحزب؟
–    لا أبداً..لا أريد أن أخوض في هذه الجزئية لأنها قيد التحقيق، ولكن السكرتير السياسي وضّح أن المعلومة التي وردت بتقول كده.. ولكنها غير مؤكدة حتى الآن لأنه لم يتم التحقق فيها.
{ هل تعتقد أن الحزب (الشيوعي) من الممكن أن يتعرض لانشقاق جديد؟
–    لا.. لا أتوقع ذلك.
{ رغم الصراع العنيف الدائر فيه الآن؟
–    هذا صراع طبيعي جداً.. الناس اللي كانوا يتوقعوا أن يختار “الشفيع” و”حاتم” معارك على صفحات الصحف.. أعتقد بعد صدور تصريحات من جانبهم تغير المشهد تماماً..لم ينفوا أنهم أعضاء.. وبيقولوا إذا فيه أي إجراءات لائحية سيتقبلونها.. وهذا شيء طبيعي لأنهم قادة الحزب.. أعتقد الآن الحزب متماسك وممتاز.. ونحن بشر والتطورات اللاحقة وظروف الحياة السياسية أيضاً من شأنها تنعكس داخل الأحزاب ليس ببعيد، أنا لا أجزم بأي شيء ولكنه الآن في وضع مناسب ومعقول.
{ إذا كانت هذه الإجراءات عادية.. لماذا أثيرت كل هذه الضجة حولها؟
–    الأجهزة الأمنية هي التي ضخمت هذه الضجة وهي التي كتبت هذه المعلومات في الصحف.. مرة 20 ومرة 27.
{ وكلهم لا يتعدى الخمسة؟
المعلومات تقول كده.
{ والحقيقة شنو؟
–    لا توجد حقيقة حتى الآن.. لأن التحقيق لم يتم حتى الآن.
{ لماذا تأخر التحقيق… ومتى يتم؟
–    ما معروف… “الشفيع” غير موجود داخل البلد.. فكيف يتم التحقق منه.
{ ننتقل إلى موضوع آخر داخل الحزب.. متى يقام المؤتمر العام؟
 في شهر 12 المقبل.
{ ألا تتفق معي أنه تأخر كثيراً؟
–    تأخر ولكن بالمقارنة بالظروف المحيطة بكل البلد أعتقد أن الزمن مناسب.. وكون اللجنة المركزية والهيئات القيادية استطاعت انجاز كل الأوراق الخاصة بالمؤتمر في هذه الفترة وتمت مناقشتها ودعوة أصدقاء الحزب والرأي العام في تكملة هذه الوثائق سينعقد المؤتمر في فترة معقولة إذا قارنا الفترة بين المؤتمرين الرابع والخامس.
{ أبرز ما سيناقشه المؤتمر الخامس؟
–    طبعاً برنامج الحزب.. والدستور المعدّل واللائحة والبرنامج.
{ هل سيناقش المؤتمر العام استناد الحزب إلى التحليل الماركسي؟
–    ده موضوع انتهى وتم حسمه بعد مناقشة الوثائق عن طبيعة الحزب على مدى عشر سنوات.
{ الحزب الشيوعي بعيد جداً عن قضية دارفور؟
–    الحزب الشيوعي ظل كحزب لديه موقف واضح المعالم وموقف متطور بالمقارنة مع مواقف أخرى، وباختصار أصدر كتاب اسمه (دارفور والأزمة الوطنية الشاملة) يستند إلى جملة من وثائق الحزب في الماضي، وسوف ينظم يوم للتضامن مع أهل دارفور ويدشن بأنشطة من داخل المركز وتوزع لكل ولايات السودان، وهو يوضح موقف الحزب وجذور الأزمة ومقترحات الحلول والتحديات.
{ ألا تعتقد أن الأزمة منذ أكثر من 12 سنة ولم يصدر الحزب كتاباً إلى الآن؟
–    الكتاب يوضح أن الحزب أصدر بيانات ومواقف واردة في الكتاب، وتنبأ الحزب إذا لم يتم تدارك هذا الوضع، فإنها ستتفاقم وبعدها يصدر الحزب بياناً أو خطاباً داخلياً، والحزب لديه موقف وإسهامات مع القوى السياسية الأخرى.
{ ننتقل إلى محور آخر.. ما هو رأيك في استفتاء دارفور بعد انطلاق أصوات مؤخراً تطالب بإلغائه؟
–    طرح استفتاء دارفور في هذه الظروف في حد ذاته مثير للجدل.. ليس فقط في دوائر أبناء دارفور، ولكن في الرأي العام عموماً.
{ لماذا؟
–    لأنه لا يمكن تبرير أن هذا الاستفتاء وارد في وثيقة الدوحة بأنه استحقاق صحيح، هناك نص في وثيقة الدوحة يتحدث عن ضرورة إجراء استفتاء لأبناء دارفور لتحديد الوضع الإداري، ولكن بالنظر إلى أن (وثيقة الدوحة) هي وثيقة إطارية للسلام وليست اتفاقية بالمعنى، وبالتالي وفقاً للجداول الزمنية وبموجب (وثيقة الدوحة) وبموجب النصوص محكومة بجداول زمنية محددة بعد التوقيع على الاتفاقية مباشرة من بينها، تحقيق الأمن والاستقرار لتمكين النازحين من العودة إلى قراهم بأمان، يصاحبه بالضرورة توفير الخدمات الأساسية مثل الأمن والمدارس وإعادة بناء الشفخانات.
{ ده عن طريق صندوق إعمار دارفور؟
–    طبعاً المسؤوليات مقسمة، ولكن كلها تتم عن طريق صندوق الإعمار، والمشكلة الآن التي تجعل موضوع الاستفتاء مثيراً للجدل هو أن الحكومة لم تهتم بالأولويات والاستفتاء الآن ليس مطلباً من مطالب أهل دارفور، ففي لقاء حاشد بقيادات دارفور في دار خريجي جامعة الخرطوم دار حول فكرة الاستفتاء، أجمع كل المتحدثين ما عدا ممثل السلطة الإقليمية من بين أكثر من 500 شخص على رفض الاستفتاء.
{ وضح لنا معنى استحقاق دستوري؟
–    أرجو أن أتمكن من توضيح فهم استحقاق دستوري بصفتي كنت مستشاراً للوسيط المشترك “جبريل باسولي”.. الفكرة التي تميز (وثيقة الدوحة) أن كل المكاسب فيها لأهل دارفور وليس للحركات.. مثل إعادة الإعمار والعودة الطوعية، والحركات والسلطة مهمتها هي آلية لتنفيذ نصوص الاتفاق على الأرض مع شريكها وهي الحكومة ومع لجنة المتابعة الدولية برئاسة “قطر”.. بمعنى أن الحركات ليس لها حقوق ومكاسب خاصة بما ورد في (وثيقة الدوحة)، لذا أهل دارفور هم من يقررون وجود الاستفتاء من عدمه.. والرأي الغالب في هذه اللحظة قصد به زعزعة الاستقرار في دارفور.
{ هل تحدد له فترة زمنية؟ 
–    لا.. التمديد للسلطة الهدف منه فقط هو إجراء الاستفتاء والسلطة سوف ترتكب خطأً فادحاً إذا أصرت على إجراء الاستفتاء في هذه الظروف الراهنة، لأنه سوف يكون من المستحيل أن يشارك أكثر من أربعة آلاف شخص في هذا الاستفتاء، والنازحون واللاجئون عددهم حوالي 2 مليون غير مسجلين في سجلات الناخبين وما عندهم طريقة للإدلاء بأصواتهم.. هناك مشكلة ثانية تتمثل في وجود نازحين قادمين من خارج البلاد استوطنوا في دارفور وحملوا الجنسية السودانية، ومن المحتمل أن يكونوا هم الوحيدون الذين لديهم الفرصة للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء، وهذا انتهاك للسيادة الوطنية، وبالتالي نتائج الاستفتاء لن تعبر بأي حال من الأحوال عن رغبة أهل دارفور، وسوف تتفجر كارثة أولها أنها شرارة تحت الرمال يتداولها الناس بأن دارفور سوف تنفصل عن السودان.
{ هل من الممكن أن تنفصل؟
إجراء استفتاء من شأنه إثارة النعرات القبلية وإطالة أمد الحرب بين المجموعات الحاملة للسلاح، وكلما طال أمد الحرب سيكون هناك احتمال للتدخل الخارجي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية