إغلاق مستشفى لنقص الكوادر !!
بررت وزارة الصحة بولاية الخرطوم قبل أيام قرار إغلاقها لمستشفى “جرش” بالخرطوم، على لسان المتحدث باسمها د. “معز حسن بخيت”، بما أسمته (نقص الكوادر الطبية) بالمستشفى !!
فإذا كان مستشفى بشارع (الستين) وفي منطقة من أرقى أحياء الخرطوم، يعاني من نقص الأطباء والممرضات واختصاصيي المختبرات، فكيف يكون الحال في مشافي “الجنينة” و”نيالا” و”الضعين” و”الرهد” و”كادوقلي” و”الدلنج” ؟!
وهل نقص الكوادر حالة خاصة بذاك المستشفى الخاص دون غيره، بينما مستشفيات الحكومة الكبرى “أم درمان”، “بحري”، “الخرطوم” و”إبراهيم مالك” تشكو من (فائض عمالة) لكثرة الاختصاصيين والنواب وزحام العموميين والسسترات ؟!
بالتأكيد .. لا . . فكل المستشفيات العامة والخاصة في العاصمة تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية، خاصة الاختصاصيين والاستشاريين .
وفي الوقت الذي تشكو فيه مستشفيات الخرطوم من قلة الكادر الطبي، وتصرخ وزارة الصحة في شمال دارفور (لا يوجد دكاترة أخصائيين في محليات الولايات)، تعلن مكاتب الاستخدام الخارجي والسفر والسياحة عن وصول لجان معاينات من السعودية لاختيار مئات الدكاترة الاختصاصيين والاستشاريين والنواب والعموميين !!
وتسمح وزارة الصحة بسفرهم بشرط دفع (غرامة مالية) بلغت نحو (70) ألف جنيه، للمتعاقدين مع الوزارة !!
يعني الحكاية غرامات وجبايات .. فأصبحت وزارة الصحة مثل الضرائب والجمارك والمحليات وشرطة المرور !!
هل هي إستراتيجية تستحق الاحترام والتقدير تلك التي تقوم عليها الوزارتان الاتحادية والولائية لمراعاة صحة المواطن السوداني وتوفير العناية الطبية اللائقة به، المتناسبة مع العدد الهائل لكليات الطب في السودان ؟!
ما هذا الذي يحدث في بلادنا ؟
كيف تبتعث الحكومة (500) طبيب سوداني للتخصص في “مصر” قبل أكثر من (4) سنوات، وتدفع الخزينة العامة (نصف مليون دولار) شهرياً .. وليس سنوياً، إجمالي تكلفة المنح، ثم يعود الأطباء اختصاصيين، فلا تتوفر لهم وظائف، فيدفعون الغرامة التي كانت بضعة آلاف من الجنيهات، ثم يهاجرون للعمل بالسعودية !!
هل من استغفال للدولة أكثر من هذا، وبأيدي الوزراء والوكلاء ومديري العموم؟!
المثل السوداني القديم يقول: (الزاد كان ما كفى البيت .. يحرم على الجيران)، وزادنا لم يكفِّ بعد بيوتنا .. ومستشفياتنا العامة وبعض الخاصة ما زالت تعاني من ندرة وغالباً انعدام الاختصاصيين والاستشاريين، وإن كانوا موجودين (على الورق) رؤساء وحدات بالمستشفيات، فإنهم غائبون عملياً عن العنابر والغرف، ولا يقتربون من أقسام الطوارئ بتاتاً !!
إذن .. عليكم إغلاق كافة المستشفيات في السودان بسبب نقص الكوادر، على أن يكون الإغلاق على مستويات ومراحل، حسب درجة النقص، (ناقص (5) أخصائيين يقفلوها (5) شهور .. (3) سسترات تقفل (3) أسابيع .. لحين توفيق الأوضاع) .
كفانا الله وإياكم شر النقص بكافة أنواعه ومجالاته .. نقص ملح .. نقص سكر .. نقص كالسيوم .. و .. ونقص معلمين ودكاترة .