النشوف اخرتا
الصحراء أم الغابة؟
سعد الدين ابراهيم
أدروب ولوف.. العرجا لمراحا.. جناً تعرفو ولا جناً ما تعرفو.. كل هذه الأمثال أو الشعارات الشعبية وغيرها تذهب إلى أن لا نتصالح مع المألوف.. وهي بصورة أو بأخرى تثبط الهمم ولا تشجع على الابتكار والتجديد.. لذلك افتقد مجتمعنا في الآونة الأخيرة شعار المبادأة.. واقتحام المشاريع الجديدة وضمور الابتكار وتقليم أظافر الإبداع مع أن عبارات أخرى تدعو إلى العكس الجديد شديد.. لكل جديد لذة..
الحجاز ليو عكاز.. ما تدخل بين البصلة وقشرتا.. أنت مالك ومالو.. عبارات أرى أنها تدعو إلى السلبية.. والوقوف بعيداً دون الإسهام في حل أي مشكله وتتمثل قمة السلبية في عبارة : ابعد عن الشر وغنيلو.. كأنما تدعو هذه العبارات إلى الأنانية والوقوف بعيداً لاتقاء المشاكل التي قد يسببها لك تدخلك بالمساهمة في حل مشكلة أو مشاركتك الآخرين .. وهي لافتات تهدف إلى أن يعيش أفراد المجتمع في جزر متباعدة يتمترسون خلف ذواتهم لاتهمهم سوى الأنا وهذا ملمح لا يتسق مع قيمنا وأعرافنا التي يبشر بها مجتمعنا دائماً.. اندثرت أو كادت أن تندثر لافتات مثل: سوي الحسنة وأرميها البحر.. الحسنة معطت شنب الأسد.. الكلمة الطيبة بخور الباطن.. قلت من قبل إن نبرة الاعتذار والمشاركة الإنسانية قد أصبحت عملة نادرة مثل كلمة معليش.. وأنا آسف.. ولو سمحت..
حتى الأغاني وقف بعضها ضد ثقافة الاعتذار.. تعتذر بعد إيه تحكى لي عن إيه.. الليلة جايي بعتذر من وين أجيب ليك العذر.. اعتذارك ما بفيدك رغم إنه بالمقابل شاعت ثقافة الاعتذار بقوه (سامحني غلطان بعتذر) أو لافتة الكابلي والحسين الحسن (إني اعتذر).
إغاظة الآخر والشماتة عليه أصبحت ثقافة عامة وقد تخللت الغناء، ففي أغنية البنات الشهيرة (كان داير تغيظن أقيف واضرب البوري) تلوح الشماتة في أغنية: ما قلتا ليك الحب طريق قاسي وصعيب من أولو.. ما رضيت كلامنا وجيت براك أهو ده العذاب استحملو.. وأكثر ما يدعوني إلى الوقوف في الضفة الأخرى وأقول غير موافق أو غير متفق بيت ورد في أغنية العطبراوي الخالدة أنا سوداني.. ذلك البيت الذي يقول: دوحة العرب أصلها كرم وإلى العرب تنسب الفطن.. كثيراً ما هتفت الرطانة يمتنعون.. ورغم أن الفطن تنسب إلى العرب ولكنها قد تنسب إلى غيرهم.. يعجبني في المقابل هتاف الكاشف: أنا أفريقي أنا سوداني .. لكن الصورة الأكثر قبولاً هتاف إسماعيل حسن (عرب ممزوجة بي دم الزنوج الحار.. ديل أهلي)..!