العم "مهدي" طبيب المزاج باتحاد المهن الموسيقية
جمعته المواقف مع عمالقة الفن لأكثر من (40) عام
حوار ــ سعدية إلياس
العم “مهدي مضوي” صاحب (قهوة) باتحاد المهن الموسيقية منذ أكثر من (40) عاماً، وهو شاهد على العصر الذهبي للأغنية السودانية، يعدّه الجميع راسم الابتسامة في اتحاد المهن الموسيقية، تجده يتحدث مع هذا وينتقل بكل سلاسة للآخر، يمتلك لغة تواصل مع الجميع، وقد أطلق عليه لقب “الخبير الفني” لأنه عايش عمالقة الفن السوداني بداية بالفنان
“أبو داوود”، ثم “الجابري”، “سيد خليفة” و”محمد وردي”.. “مهدي” عندما قدم من مدينة كوستي في مطلع السبعينيات للعمل في الخرطوم كان عمره لا يتعدى الــ(16) عاماً.
(المجهر) التقته في دردشة خفيفة، واسترجعت معه الذكريات فحكا قصة مجيئه إلى الخرطوم بنية الدراسة في مدرسة الاجتهاد الثانوية بأم درمان، وقال إن الحظ لم يحالفه في إكمال دراسته فتركها، وانتقل للعمل بالمسرح القومي مساعد صوت فني، ثم نائب رئيس قسم فني بالمسرح، وقد كان ذلك في عهد الأستاذ “إمام علي الشيخ”.
وعن كيفية دخوله لاتحاد المهن الموسيقية قال: (جئت الاتحاد عن طريق خالي الذي كانت تربطه علاقة صداقة حميمة مع الأستاذ “حسن العمدة” الأمين العام للاتحاد آنذاك، وبدأت العمل مع “حسن عبد الهادي” عاملاً بالكافيتريا وكان عمري لا يتعدى الـ(16) سنة).. وأضاف: (عاصرت كبار النجوم منهم: عبد العزيز محمد داوود، أحمد المصطفى، سيد خليفة، حسن عطية، محمد وردي، محمد الأمين، ولي الآن أكثر من (40) سنة).
الله يرحم الفن السوداني
العم “مهدي” عرف بسخريته، خاصة عندما لا يعجبه أحد الفنانين الصاعدين، وله مقولة ثابتة عند حضور بروفات للفنانين الشباب، قال إنه ينتابه شعور بالحزن العميق، ثم يقول: (الله يرحم الفن السوداني)، حتى أن للعم “مهدي” نظرة تجاه الفنانات ولا يرى فنانة لها إمكانيات سوى المطربة “سمية حسن”، وقال إنه كان شاهداً على تجارب العديد من المطربين والمطربات، وأضاف إن المطربة “حنان بلوبلو” وجدت مجداً دون سواها من الفنانات. وجاء تعليقه على المطربة “مكارم بشير” قائلاً: (دي قايمة سداري عشان تصل سرعة).
{ مواقف مع عملاقة الفن
عمنا “مهدي” مر بالكثير من الطرائف مع عمالقة الفن وحكا لنا بعضاً منها قائلاً: (يا سلام.. بالتأكيد جمعتني العديد من المواقف مع كبار الفنانين. وقد جاءني ذات مرة الفنان “محمد وردي” في اتحاد الفنانين وهو مريض، قال لي: يا “مهدي”، فجئته، وطلب مني أن اتصل بالفنان “محمد الأمين” أو الفنان “أبو عركي البخيت” للغناء بدلاً عنه بصالة الخليل، لأنه يشعر بالمرض. وعندها سألته: من ماذا تعاني يا أستاذ؟؟ رد عليّ قائلاً: حلقي يؤلمني. فقلت له: وجع حلق أنا بداويك منه).. وقال: (دخلت القهوة وخلطت القليل من الكركديه والزنجبيل مع ماء حار، وجئت به إليه، فنهض فور انتهائه من كأس الشاي إلى صالة الخليل، ونسي أن يمنحني حقي المادي)، وذكر أن “محمد وردي” بعد أن انتهى من حفله عاد مرة أخرى لاتحاد المهن الموسيقية، وطلب منه كأس شاي مرة أخرى فمحنه إياه دون أن يطالبه بثمن كأس الشاي الأولى.. وعندما انتهى “وردي” من الشاي وهو ينوي الذهاب نسي مرة أخرى أن يعطيه حقه، فوقف أمامه مردداً عليه واحدة من أروع مقاطع أغانيه.. قائلاً: يا أستاذ (زي ما بتخاف من الرياح بنخاف نحن من الضياع).. عندها ضحك “محمد وردي” ضحكاً شديداً حتى جلس على الكرسي وطال الأنس بينهما في عدد من الأغاني وتبادل القفشات.
{ “سيف الجامعة” و”محمد خلوة”
ومن طرائفه مع الفنان “محمد الأمين” أنه جاء ذات مرة إلى العم “مهدي” منهكاً، وحينها كان الجو ساخناً وطلب منه فنجان قهوة، وكان الفنان “سيف الجامعة” قبله قد طلب قهوة أيضاً، فرد العم “مهدي” على الفنان “محمد الأمين” بأن الفنان “سيف الجامعة” طلب قهوة قبله، فجاء رده سريعاً: (يا عم أعمل معاك لي “محمد خلوة” ده قهوة كمان)
{ موسم الهجرة إلى الشمال
وعند سؤالنا عن المطرب الذي لم يعطه “حق الشاي”، ضحك ثم قال: (كان واحداً من المطربين الجدد رحمة الله عليه ظل يشرب عندي باستمرار دون أن يدفع لي. وكل ما أقول اسأله من حقي يقول لي بعض الموسيقيين أصبر عليه شوية حتى يأتي موسمه، وظللت في ترقب لموسمه، وفي ذات مرة لم أتحمل فقلت لهم: ده موسمو بجي متين؟ ده موسم الهجرة إلى الشمال عديل كده)!