"نافع" يعود بقوة للأضواء لتعنيف المعارضة
هل هو مؤشر على فشل القيادات الجديدة للوطني؟
تقرير – محمد جمال قندول
بعد غيبة طويلة أعادت (مانشيتات) الصحف يوم أمس، القيادي بالمؤتمر الوطني، ومساعد الرئيس السابق والرجل المثير للجدل “د. نافع علي نافع” إلى واجهة الأحداث ودائرة الضوء، عقب تعنيفه لقوى الإجماع الوطني في إحدى ندوات الحوار الوطني، بمنطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم، حين دمغ المعارضة بالبوار واتهمهم بتنفيذ مخططات وأجندة أمريكية، واعتبر من يحلمون بفترة انتقالية من الحركات المسلحة واليسارية بالواهمين، معيداً أحد أشهر عباراته، حينما أشار إلى جزئية الحكومة الانتقالية، بقوله: (لا مجال لحكومة انتقالية وعلى اليسار لحس كوعو).
اتهام “نافع” للمعارضة بأنها تسعى لتنفيذ مخططات أمريكا أعاد إلى الأذهان، السؤال عما إذا كانت أهداف قوى تحالف الإجماع الوطني وسعيها لإزاحة النظام وشعاراتها والتي تبرز في مقدمتها الديمقراطية والحرية، تستهدف تنفيذ مخططات الغرب الذي ظل يحارب (الإنقاذ) منذ يومها الأول.
(1)
حديث الرجل الذي غادر كرسي السلطة التنفيذية، بعد أن كان مساعداً للرئيس رفقة الحرس القديم بقيادة نائب الرئيس “علي عثمان” وعدد من كبار القادة التنفيذيين، قبل أكثر من عامين جعلته يغيب عن الأضواء، ويبتعد عن التصريحات الصحفية، مثلما أصبح قليل الظهور لدرجة أنه حين يدلف إلى مكان تحاصره عدسات الكاميرات، على أمل أن يدلي بحديث ما، ولكنه كان يفضل الصمت. ولم يعد يظهر في الواجهة السياسية، إلا عبر منصبه كأمين لمجلس الأحزاب الأفريقية، والذي يتخذ من الخرطوم مقراً رئيسياً له، بجانب كونه عضواً قيادياً فاعلاً بالمكتب القيادي للمؤتمر الوطني، ولان الرجل يكون عادة قبلة للأنظار، فإن تصريحاته أمس الأول شكلت الحدث، وجعلت الناس تنقسم في تفسير الأحاديث النارية، التي أطلقها مساعد الرئيس السابق والتي سخنت الأجواء السياسية للبلاد في وقت تمر فيه بمنعطفات مهمة أبرزها الحوار الوطني، فالبعض ذهب إلى أن الرجل أراد من حديثه واتهامه للمعارضة العودة إلى الأضواء، فيما ذهب البعض الآخر إلى أن كل ما قاله “نافع” حقيقة باينة خاصة، فيما يتعلق بضعف المعارضة.
(2)
تصريحات الرجل تزامنت مع الجدل الدائر عن إقامة الملتقى التحضيري لقوى الإجماع الوطني والحكومة بـ”أديس أبابا”، بجانب جولة التفاوض التي ستجري مع متمردي المنطقتين “جنوب كردفان” و”النيل الأزرق” مع الحكومة أيضاً، بجانب انشغال واشتعال الساحة السياسية بالحوار الوطني الدائر حالياً. متابعون للوضع السياسي اعتبروا بأن الوطني استعان بـ”نافع” لينشط ندوات الحوار، خاصة وأنه شخصية ذات احترام وقوة وحسم داخل أروقة الحزب، وله شعبية كبيرة في أوساط الشباب الإسلاميين، وهو ما يعد دليلاً واضحاً في فشل القيادات الجديدة للحزب.
(3)
غير أن قوى تحالف الإجماع الوطني، قللت من أهمية تصريحات الرجل وعلق الناطق الرسمي باسم التحالف “ابوبكر يوسف” في حديثه لــ(المجهر) بأن “د. نافع” عاد ليعيد نفس أحاديثه القديمة والتي زال تأثيرها عن الشارع السوداني.
واستغرب “أبوبكر” من لهجة “نافع” الحادة، وعلق متسائلاً: كنا نعتقد بأنه تعلم من تجربته السابقة، وبات يحترم العقول والناس، ولكن يظل في نفس ديدنه القديم وشخصيته التي جعلت الناس تخرج إلى الشارع في (سبتمبر).
وسخر “يوسف” من حديث “نافع” واتهامه لهم كقوى معارضة بأنهم ينفذون أجندة أمريكية وعلى اتصال بجهات امبريالية كبرى. وقال: مثل هذا الحديث كان يتفوه به بداية الإنقاذ، وليس بعد 26 عاماً هذا حديث غير مجدٍ وغير منطقي، على حد تعبيره.
واستطرد “أبوبكر” في حديثه معلقاً على ما قاله “نافع” عن عدم قدرة تحالف المعارضة على إسقاط النظام، وقال: نتحدى أن يتيحوا الحريات، وأن لا يعتمد الحزب الحاكم على مؤسسات الدولة، حتى يعرفوا قيمتنا.
(4)
الخبير السياسي، البروفيسور “صلاح الدومة” اعتبر بأن المغزى من التصريحات النارية، التي أطلقها “د. نافع” لا تعدو أن تكون محاولة (لفت نظر)، مشيراً في حديثه لــ(المجهر) بأن الرجل بلغ مرحلة من اليأس جعلته يطلق مثل هذه التصريحات العدائية، على أمل أن يعود مجدداً إلى الأضواء والسلطة، ولكن محاولاته باءت بالفشل، على حد قوله.
وعلق “الدومة” على فحوى تصريحات “نافع” واتهاماته للمعارضة، وقال بأن نظام الإنقاذ اعتاد إطلاق مثل هذه الاتهامات في حق كل من يخالفها الرأي.
واستنكر “الدومة” الاتهامات الواردة بحق الرجل وتساءل: من أعطى “نافع” الحق في تصنيف المعارضة في خانة العملاء وتصنيف أنفسهم كوطنيين.
(5)
في وقت أكد فيه القيادي بالمؤتمر الوطني “د. ربيع عبد العاطي”، في حديث لــ(المجهر)، على الأحاديث الذي أطلقها “د. نافع”، وقال، بدوره بأن المعارضة التي تبحث عن دعم خارجي تظل ضعيفة، ولن تستطيع إسقاط النظام.
وسخر “ربيع” من التهكمات التي طالت “نافع” عقب تصريحاته، بأنه يسعى للعودة للواجهة من جديد. وقال: لا أعتقد بأنه باحث عن شهرة أو أضواء، واسترسل بالقول: بأن الحقيقة البائنة هي أن “نافع” تحدث من باب أن يجهض كل العداءات التي تتربص بالمؤتمر الوطني، ومن باب الانطلاق من منصة (القوة).
(6)
من جانبه يرى القيادي بالحزب الاتحادي (الأصل) الدكتور “علي السيد” بأن تصريحات “نافع” الأخيرة أعادت إلى الأذهان لغته العنيفة والمنفرة، بجانب أنه يحاول عبرها العودة مجدداً إلى دائرة الضوء.
وأشار “السيد” إلى أن الوطني استعان بـ”نافع” في ندوات الحوار، بعد أن فرغ حزبه من الكوادر الكبيرة لتنشيط الحوار، ولكن استعانته بـ”نافع” لم تؤت بثمارها، إذ من أول ندوة صب الزيت على النار.
يواصل السيد حديثه لــ(المجهر) ساخراً بأن “نافع” لم يعد لديه أي وزن في ساحة المؤتمر الوطني، غير الحوار وندواته ليتحدث فيه.
(7)
ويبدو أن حديث الرجل أثار (حفيظة) المعارضين بالداخل والخارج، حيث علق “يوسف الكودة” رئيس حزب الوسط الإسلامي، والذي عاد إلى “سويسرا” أمس بعد أن شارك في لجان الحوار الوطني عبر صفحته الرسمية (فيس بوك) على الأمر متسائلاً من حديث نافع، قائلاً: هل ما قاله “نقد” رفض للثورة الشعبية أم للمعارضة؟
وطالب “الكودة” الرجل بأن يفصح أكثر عن مضمون حديثه ليفهم الناس، مرسلاً رسالة إليه: بأن الثورة في كل مكان لا ترتب ولا تحتاج لأحزاب معارضة، فقط تحدث في حالة الاختناقات.