رأي

المشهد السياسي

العقوبات الأمريكية إلى متى..؟
موسى يعقوب
 
وصل هذا الأسبوع إلى البلاد وقد من الكونغرس الأمريكي في زيارة هي الأولى من نوعها، وقد تم الاحتفاء والترحيب به من المجلس الوطني (البرلمان السوداني) الذي سبقت له زيارة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض مسؤوليها في إطار المؤتمر الدولي للبرلمانات العالمية، ومنهم بعض رموز الكونغرس الذين وقفوا على الأحوال في البلاد.. وآثار العقوبات الأمريكية على المواطنين.
وقد سبقت ذلك– كما هو معلوم– زيارة قامت بها رموز مجتمعية وصوفية سودانية، كانت الأولى من نوعها هي الأخرى وأوصلت رسالتها إلى المجتمع الأمريكي عبر الإعلام والحفاوة التي وجدتها من الجهات الرسمية وغيرها.
ذلك زيادة على نشاط وزارة الخارجية السودانية في إطار المناسبات الخاصة بالمنظمة الدولية– الأمم المتحدة– وهيئاتها، وما انبثق عنها من منظمات لها وجودها خارج مقر المنظمة الأم.
والجفاء والمقاطعة والعقوبات بأشكالها المختلفة على جمهورية السودان من قبل القطب الأمريكي منفرداً ومسنوداً ببعض حلفائه، مر عليها اليوم ثمانية عشر عاماً تقريباً، أي بدأت في عام 1997م– قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر– أيلول 2001م، التي انبثقت عنها ومنها حملة (الحرب على الإرهاب..!) وما تلاها وتبعها من كوارث ما تزال علاماتها بارزة ومشهودة.
وفد الكونغرس الأمريكي الزائر وهو يشهد ويحضر جلسة المجلس الوطني، (الاثنين) الماضي، كان قد استمع للكثيرين من الأعضاء وهم يدلون بآرائهم وظلومات مواطنيهم من سوء العلاقة والمقاطعة والضغوط الأمريكية على السودان، وهي كثيرة منها الاقتصادي والدبلوماسي والسياسي وغير ذلك مما مارسته الدولة الأمريكية عبر إمكاناتها وصلاحياتها الخاصة والمتصلة بالنظام الدولي، التي وصلت مرحلة الادعاء والاتهام للرئيس السوداني المشير “البشير”  أمام ما يدعى المحكمة الجنائية الدولية وهي في جملتها كيان سياسي يشكل العصا التي يلوح بها الكبار على الصغار في المجتمع الدولي..!
لقد تأثر الشعب السوداني كثيراً بتلك العقوبات الأمريكية المنفردة والشعب الأمريكي أيضاً وبعض فصائله كذلك، ومنها رجال الأعمال والمؤسسات الاستثمارية الخاصة.
أما الشعب السوداني فقد تعطلت مصالحه وحقوقه إلى حد كبير، ومن أشهرها ممكنات ومعينات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من منح وديون مستحقة. ذلك أن للقطب الأمريكي عبر إمكاناته ضغوطه على تلك المؤسسات الدولية.
ذلك كله يحدث رغم أن النظام الحاكم في جمهورية السودان عمل ما في وسعه للأمن والاستقرار في البلاد.. وممارسة الحقوق الديمقراطية والحوار مع الآخر حسماً للنزاعات التي كان بعضها طويل الأجل، والمقصود الحرب في جنوب السودان قبل اتفاق السلام في 2005م مع الحركة الشعبية وجيشها الشعبي
  SPLM وSPLA.. وقد شهد له بذلك كما شهد ببعض المشروعات التنموية والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية التي حفظت العلاقة بينه وبين دول الجوار الأفريقي والعربي، وصولاً إلى الهند والصين ودول شرق آسيا.. التي كانت بديلاً لغيرها في صناعة النفط والمعادن.
هذا كله في الذاكرة والبال والخاطر.. ووفد الكونغرس الأمريكي يزور البلاد هذه الأيام، نسأل كما قد يسأل غيرنا: العقوبات والمقاطعة الأمريكية إلى متى..؟
والإجابة عن هذا السؤال الأجدر بها القطب الأمريكي ومتخذو القرار فيه قبل غيرهم.. فهل أوفت المقاطعة والضغوطات الأمريكية بما قدر لها وهو: تعطيل مصالح النظام بالكامل وإسقاطه من سدة الحكم؟
إنها لم تف بما انتظر منها بقدر ما أعانت النظام الحاكم على البحث عن البدائل في كل شيء تقريباً بما في ذلك الخبرة والصناعة وتبادل المصالح والمنافع، والدخول في منظمات إقليمية ودولية من مطلوباتها تحقيق التوازن في النظام الدولي ومؤسساته.
وسودانياً كان المرجو أمريكيا من انفصال دولة جنوب السودان التأثير أمنياً واقتصادياً على جمهورية السودان، غير أن ذلك لم يحدث بالكامل وإنما صار البحث عن الاستقرار في جمهورية جنوب السودان عبر جمهورية السودان والعلاقة المنتجة والمتوازنة بين الجمهوريتين..!
وهنا نتصور أن وفد الكونغرس الأمريكي الزائر عندما يعود وبين يديه حقائق ووقائع ومعلومات حقيقية وليست مزعومة أو (مختلقة)، سيكون عامل دفع لإعادة النظر في سياسة (عدائية) مر عليها ربع قرن من الزمان وزيادة– أي منذ ولد نظام الإنقاذ.
فالعاقل من أعاد القراءة والتأمل وخلص إلى ما هو مطلوب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية