تقارير

مدينة "نيالا" مهددة بالعطش في الصيف المقبل

تقرير- عبد المنعم مادبو
تعاني مدينة “نيالا” حاضرة جنوب دارفور منذ سنوات أزمة حادة في مياه الشرب، في ظل عدم وضوح الرؤية وضبابية موقف الحكومة من تنفيذ مشروع مياه “نيالا” من حوض البقارة الجوفي، الذي يقول المسؤولون هنا إنه المنقذ الوحيد للمدينة. وعلى الرغم من المعاناة التي يكابدها إنسان الولاية من أجل الحصول على مياه الشرب خاصة في فترات الصيف من كل عام، إلا أن هذا العام- الذي شهد شحاً في الأمطار- يتوقع خلاله مواطنو المدينة معاناة أكبر في خدمة المياه، لجهة أن في مثل هذا التوقيت في الأعوام السابقة،  تنعم المدينة بمنسوب مياه أفضل مقارنة بالوضع الراهن، الذي كشف عنه تقرير وزارة التخطيط العمراني أمام تشريعي الولاية، والذي أشار إلى عجز في إنتاج المياه بلغ (80%)، حيث تنتج هيئة مياه المدينة (20000) متر مكعب في حين تبلغ  حاجة المدينة (100000) متر مكعب. وأشار وزير التخطيط العمراني في بيانه إلى مقترحات وزارته لرفع منسوب المياه في العام (2016) بالاعتماد على نسبة الـ(20%) الحالية التي توفرها الآبار حول وادي برلي، بالإضافة لنسبة (20%) يوفرها سد بليل الأرضي جنوب شرق المدينة،  والذي نفذ بنسبة (75%) وسد رمالية شمال غرب المدينة،  والذي سيبدأ العمل فيه، بحسب وزير التخطيط العمراني، عقب خريف هذا العام.  وأوضح الوزير أن هذين السدين يسهمان في رفع منسوب مياه آبار الوادي بنسبة (40%)، بينما يوفر مشروع مياه حوض البقارة قريضة حسب توقعات الوزارة نسبة (40%) من حاجة المدينة لمياه الشرب، بينما يرى مختصون في شأن المياه أن الأمطار التي هطلت بالولاية هذا العام قد لا تمكن هذين السدين من توفير نسبة الـ(40%) التي تخطط لها الوزارة، لذلك فإن إنسان مدينة “نيالا” بحسب تجربته مع وعود الحكومة الولائية والاتحادية في هذا الملف، فإنه يتأهب لكارثة يتوقع أن تحل عليه في الصيف القادم بسبب قلة أمطار خريف هذا العام وعدم جريان وادي برلي- الذي تعتمد عليه المدينة- إلا مرات تعد في أصابع اليد الواحدة. وعلى الرغم من أن بيان الوزارة حمل إخفاقاً وتقصيراً في أهم خدمة تقوم عليها الحياة بالمدينة، إلا أنه أظهر أيضاً  أن هيئة مياه الوﻻية اضطرت إلى قطع خطوط الشبكة من أكثر من (14) ألف منزل سكني، لعدم سداد فاتورة المياه خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر من العام الحالي، وأغلب هؤلاء لم يسددوا فواتير المياه لجهة أنهم لم يحصلوا على الخدمة بحسب عدد ممن  قطعت عنهم الخدمة. وفوق هذا وذاك يجد المواطن أن مجلسه التشريعي قد أجاز البيان بالإجماع. فمن أقرب الوعود الحكومية التي تنشط ذاكرة إنسان المدينة وتجدد خيبة أمله في معالجة قضية مياه المدينة عبر هذا المشروع، ما ذكره وزير التخطيط العمراني في  أواخر أغسطس الماضي، حيث خرج على وسائل الإعلام بتصريح مفاده أن الشركة المنفذة لمشروع مياه “نيالا” من حوض قريضة الجوفي، ستبدأ تنفيذ المشروع في الأسبوع الأول من سبتمبر الماضي. جاء سبتمبر ومضى كبقية الوعود التي قطعت في شأن هذا المشروع منذ حوالي عشر سنوات، وإنسان المدينة ينتظر ويرى بعينيه كارثة العطش التي تهدده وهو مقبل عليها لا محال. الأمر الذي دعا عدداً من قيادات الولاية لتوجيه  استفسارات مباشرة لوالي الولاية في لقاء تنويري عن تدابير حكومته لأزمة المياه المتوقعة، وأبدوا تخوفهم مما سيؤول إليه الوضع في الصيف المقبل. وفي رده قال الوالي إن الحكومة الاتحادية دعمته بمبلغ (10) ملايين جنيه لحفر مصادر مياه بأرجاء المدينة تحسباً لشح المياه المتوقع بالمدينة.
وفي منتصف الأسبوع الماضي عاد لمدينة “نيالا” وفد شركة أبو شورى الهندسية الاستشارية، وقال مدير هيئة  مياه المدن بالولاية “إدريس دبكة”، إن وفد  الشركة وصل “نيالا” هذه المرة بعد أن تم تجاوز العقبة التي واجهتهم عندما جاءوا في أغسطس الماضي، والمتمثلة في ترجمة الخرائط الهندسية للمشروع من اللغة الصينية إلى العربية. وقال “دبكة”، إن الترتيبات الفنية والإدارية، قد اكتملت لانطلاقة العمل في المشروع، بينما أكد وزير التخطيط العمراني أنه ليست هناك مشكلة تقف أمام البدء في تنفيذ المشروع، لكنه قال بالحرف في تصريحات صحفية عقب استقباله وفد الشركة، إن معركتهم القادمة  ستكون مع المركز للحصول على الدعم لتنفيذ مرحلة حفر مصادر مياه المشروع، الأمر الذي يثير علامات   استفهام كثيرة ويضع تنفيذ المشروع في المحك، بحسب تجربة الولاية مع المركز في شأن تنفيذ المشروعات القومية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية