شهادتي لله

الحكاية ما ( طق حنك ) بالإنجليزي !

كما هو متوقع ، جدد الرئيس الأمريكي ” باراك أوباما ” أمس الأول العقوبات المفروضة من جانب حكومته على السودان ، لعام آخر .
و فرضت أمريكا هذه العقوبات الظالمة على بلادنا في الثالث من نوفمبر عام 1997 ، تحت مسمى أمر ( حالة الطوارئ القومية حول السودان ) باعتباره مهدداً للأمن القومي الأمريكي !!
السودان الذي بنت على أرضه الولايات المتحدة الأمريكية أكبر سفارة لها في أفريقيا يهدد الأمن القومي الأمريكي !!
السودان الذي تعاون مع ” واشنطن ” و تجاوز حد المعقول ، فأثار دهشة الإدارة الأمريكية باعتراف وزيرة الخارجية الأسبق ، في ما يسمى بالحرب على الإرهاب في العام 2001 ، وما تلاه من أعوام ، يستحق التجديد لحالة الطوارئ قبل الثالث من نوفمبر من كل عام ميلادي !
ألم أقل لكم قبل أيام في هذه المساحة إن أمريكا لن ترفع العقوبات في ما تبقى من دورة ” أوباما ” وهي ( عقاب دورة ) كما يقول أهلنا في السودان ؟
ولكن إذا كنا وبدون تقارير أجهزة و سفارات ، نستطيع أن نقرر مسبقاً أن أمريكا لن ترفع العقوبات ، فلماذا يستجيب وزراء خارجيتنا المتعاقبون لأكاذيب و خداع وزراء الخارجية من دولة الإرهاب العظمى .. دولة (رعاة البقر) ؟!
ألا يعقلون ثم لا يفهمون بعد كل هذه السنوات الطويلة في الحكم أن أمريكا ليست في حاجة ماسة لرفع العقوبات إذا كانت كل أمورها ( ماشة تمام ) مع حكومة السودان ، و تطلب ما تريد فتستجيب ” الخرطوم ” حتى لو بعد حين ، تطلب عقد الملتقى التحضيري في ” أديس ” وتحريك مفاوضات المنطقتين ، فيكون لها ما أرادت بانتظار (الجزرة) الأمريكية !
العقوبات وسيلة ( ابتزاز ) لذيذة و سهلة ، فلن ترفعها (أمريكا الديمقراطيين ) أو (أمريكا الجمهوريين ) ، ما لم تشعر بأن حكومة السودان قد أبحرت بعيداً و عقدت تحالفات حقيقية وإستراتيجية مع دول أو دولة كبرى ، بطريقة مختلفة عن علاقات ( البزنس ) التي تربطنا بدولة ” الصين ” ، دون أدنى التزامات من جانبها في الوقوف مع السودان دبلوماسياً في مجلس الأمن ، و عسكرياً إن دعا الأمر كما تفعل الآن ” روسيا ” في سوريا .
إما أن المسؤولون عن ملف العلاقات مع أمريكا في الحزب والخارجية و جهات أخرى ، لا يفهمون و من السهولة بمكان استغفالهم للمرة ( 18 ) ، أو أن بعضهم يعلمون ، و يتغابون ، بل يلعبون دور المبرراتية بالقصة القديمة البايخة : ( أمريكا دولة تتجاذب القرار فيها مؤسسات ولوبيات متنازعة .. الإدارة معانا .. و الكونغرس ومجموعات الضغط ضدنا .. لكن نحنا شغالين معاهم كويس ) !!  
ياتو إدارة المعاكم ؟! الإدارة الرجعت علاقاتها مع ” كوبا ” بعد قطيعة امتدت لعشرات السنين ؟! دي إدارة بغلبها تلغي قرار الطوارئ المكذوب ، وهي تعلم أن السودان لا يشكل أي خطر ولا ضرر على أمريكا ؟ إدارة تبقت لها عدة أشهر ، و لا تخشى أي ضغط أو تهديد بعدم التجديد للرئيس فهي ولايته الأخيرة ؟
إدارة لن تأتي مثلها في المرونة و اللين .. والظرافة واللطافة ، فإذا لم ترفع هي عن بلادنا العقوبات ، فلن ترفعها غيرها، خاصة إذا جثم على البيت الأبيض رئيس ( جمهوري ) يميني متطرف تديره الصهيونية ، و تؤازره بعض الكنائس المتهيجة المعادية للعروبة والإسلام .
متى يعي متخذو القرار في ما يتعلق بعلاقاتنا الخارجية إنهم لا يعلمون و لا يعلمون إنهم لا يعلمون ، و أن الحكاية ما ( طق حنك ) بالإنجليزي .. الحكاية رؤية وبصيرة و وطنية لا تحتمل القسمة على اتنين .
جمعة مباركة .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية