تقارير

"باسندة" ما زالت تصمد في وجه هجمات عصابات "الشفتة" المتكررة

يتمدد فيها الإثيوبيون على مساحة (30) ألف فدان
 القضارف / باسندة-  سليمان مختار
ما زالت أحداث الاعتداءات المتكررة على محلية “باسندة” بولاية القضارف من قبل عصابات “الشفتة” التي حدثت مؤخراً حاضرة بكل تفاصيلها على المشهد السياسي والزراعي لولاية القضارف. قد يبدو الأمر برمته منذ الوهلة الأولى مثيراً للاستغراب، إذ إن تكرر هجمات “الشفتة” على عدد من قرى محلية “باسندة” يدفع للتساؤل عن ماهية ومغزى تلك الهجمات، إلا أن الصراع برمته انحصر حول الموارد الزراعية وحصاد السمسم والسيطرة على الأرض.. (المجهر) قامت بجولة في المنطقة ووقفت على مجمل الأوضاع هنالك، من خلال إفادات عدد من المسؤولين والمزارعين بالمنطقة.
{ بداية المشكلة
في صباح 13 أكتوبر الجاري هاجمت مجموعة من “الشفتة” مكونة من (120) فرداً أكثر من (38) مزارعاً داخل أراضيهم الزراعية بمنطقة “شنغال”، وأسفر الهجوم عن مقتل مزارع وإصابة (7) آخرين. وطبقاً لحديث معتمد محلية “باسندة” “محمد حسن أحمد” الذي تحدث إلى (المجهر) عقب الزيارة التي قام للمنطقة فإن مجموعة من “الشفتة” قامت بمهاجمة قرية “شنغال” الحدودية وأدى الهجوم إلى استشهاد أحد المواطنين، وأضاف إن المجموعة حاولت نهب محاصيل المزارعين ومنعهم من حصاد السمسم. وكشف المعتمد عن أن إدارته قامت بعدد من الإجراءات التأمينية لمنع تكرار الهجمات على المنطقة، ولفت إلى أنه طلب عقد اجتماع عاجل مع السلطات بمحافظة شمال “قندر” الإثيوبية للتباحث حول تكرار الهجمات على قرى الشريط الحدودي لمحليته وتهديد الأمن الزراعي بالمنطقة، وقال إنه أصبح يشكل هاجساً للمحلية.
{ استمرار الهجمات
لم تمض أكثر من أربعة أيام على تلك الهجمات التي شنتها عصابات “الشفتة” على قرية “شنغال” حتى فوجئت السلطات في محلية “باسندة” بهجوم على قرية “خور سعد”، حيث كشف عضو المحلية بالمجلس التشريعي للولاية “صالح آدم يحيى” في حديث لـ(المجهر) عن وقوع هجوم آخر قامت به مجموعة من “الشفتة” مكونة من (400) فرد مدججين بالسلاح على قرية “خور سعد”، وقال إن الهجوم أدى إلى مقتل مزارعين بالمنطقة أثناء قيامهما بعمليات حصاد محاصيلهما، وأعرب عن قلقه إزاء تكرر هجمات عصابات “الشفتة” علي المنطقة، مشيراً إلى أن عدد الشهداء بالمحلية بلغ (30) شهيداً نتيجة لتلك الهجمات، إلى جانب تهجير سكان قريتي “خور سعد” و”شنغال” البالغ عددهم أكثر من ألف نسمة. ومضى قائلاً إن ممارسات “الشفتة” تطورت إلى أكثر من ذلك باختطاف مواطنين ووضعهم كرهائن وطلب فدية، مشيراً إلى أن تلك العمليات أسفرت عن اختطاف (15) مواطناً خلال هذا الموسم وتم إطلاق سراحهم بعد دفع فدية من ذويهم، وطالب حكومة الولاية بسرعة التدخل لإنقاذ المنطقة من الاعتداءات السافرة من قبل عصابات “الشفتة”، إلى جانب تأمين الموسم الزراعي للمنطقة وإحداث التنمية بمد القرى بالخدمات التنموية في المجالات كافة لتشجيع النشاط الاستيطاني بالمنطقة لحمايتها من التمدد من قبل عصابات “الشفتة”. وكشف “صالح” عن أن المساحات الزراعية التي تمدد فيها الإثيوبيون بلغت (30) ألف فدان. 
وذهب رئيس المجلس التشريعي للولاية “محمد عبد الله علي المرضي” في حديثه لـ(المجهر) إلى ذات الاتجاه، ودعا المركز بالتدخل حتى لا تصبح منطقة “باسندة” مثل “حلايب”، وطالب الحكومة الاتحادية بالتدخل السريع لوضع حد لتلك الاعتداءات المتكررة من قبل فلول “الشفتة” على الأراضي الزراعية بمنطقة “باسندة” عبر تضمين كلفة ترسيم الحدود في الموازنة العامة للدولة للعام 2016م لضمان حسن الجوار بين الجانبين. واستنكر رئيس المجلس التشريعي بالقضارف الهجمات المتكررة من عصابات “الشفتة” على محلية “باسندة” التي قال إنها تعدّ انتهاكاً لسيادة الأراضي السودانية، وتابع بأنهم يتفهمون حلول المركز الدبلوماسية فيما يتعلق بشأن النزاعات الحدودية مع الجارة إثيوبيا إلا أن تكرار الهجمات أثار موجة من السخط وسط مواطني المناطق الحدودية، الأمر الذي يستلزم استعجال المركز لحسم تلك التفلتات.
{ تهديد للموسم الزراعي
يرى المزارع “محمد آدم” من منطقة “خور سعد” في حديثه لـ(المجهر) أن استمرار الهجمات من قبل عصابات “الشفتة” على المزارعين بالمنطقة أصبح يشكل هاجساً على مسار حياتهم الزراعية، مشيراً إلى مغادرة عدد كبير من المواطنين للقرية بفعل تلك الهجمات التي قال إنها بدأت مع بداية التحضير للموسم الزراعي، وتابع بأن المزارعين الذين تمكنوا من زراعة محاصيلهم بالمنطقة لا يستطيعون حصادها بسبب الهجمات المتكررة على، خاصة عند عمليات حصاد محصول السمسم، وأرجع تكرار تلك الهجمات إلى أطماع هذه عصابات في محصول السمسم بالمنطقة، وقال إنهم يهدفون إلى إبعاد المزارعين من تلك الأراضي، وطالب حكومة الولاية بتوفير الحماية للمزارعين لإكمال عمليات حصاد السمسم بالمنطقة، الذي وصفه بأنه مصدر العيش للمواطنين هناك.
{ استجابة ضعيفة من المركز
خلال الجولة التي قامت بها في منطقة “باسندة” عقب الأحداث التقت (المجهر) المواطن “يوسف دفع الله” (مزارع)، وأوضح أنه على رغم تكرار تلك الهجمات في كل عام وفي كل موسم زراعي إلا أن استجابة السلطات بالمركز والولاية لإيقافها وتأمين الموسم الزراعي تبدو ضعيفة، الأمر الذي أدى إلى هجرة المواطنين لا سيما أن تلك المناطق لا تتوفر فيها الخدمات، وأشار إلى أنه رغم ذلك ظل المواطنون يحافظون على الأراضي السودانية بوجودهم بتلك القرى، ووصفهم بالقابضين على الجمر للحفاظ على هوية الأراضي السوداني ومنع التمدد فيها من قبل المزارعين الإثيوبيين، خاصة الأراضي التي تقع في مناطق النزاع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية