رأي

مجرد سؤال؟؟؟؟

“الأمين أحمد الفكي” الذي عرفته
رقية أبو شوك
 
عندما يكون الإنسان وطنياً يحب ويعشق وطنه … ترابه أرضه وناسه ويسعى دوماً إلى بحث ما يؤدي إلى الارتقاء بالوطن في جميع الاتجاهات والقطاعات، فإن ذلك يعتبر رصيداً وطنياً كبيراً يجعل هذا الوطن حديث الناس، وكلما جاءت سيرة شيء مثلاً كانت له بصمات فيه تذكرته المجالس بجليل أعماله.
فالاقتصاد السوداني المبني على الزراعة وليس على النفط، هنالك رجال وضعوا بصمات تاريخية فيه سيظل يذكرهم تاريخ السودان الزراعي بل وسيذكرهم كتاب التاريخ السوداني الحديث.
هذا هو السودان الذي عرفناه لا ينسى تاريخه الرجال الأفذاذ ويسطرهم في صفحاته بأحرف من نور.
بالأمس غيب الموت شيخ المزارعين “الأمين أحمد الفكي” المعروف تاريخه الأبيض الناصع في أكبر مشروع زراعي في العالم، ألا وهو مشروع الجزيرة والمناقل العملاق الذي أدهش الانجليز حتى أسموه (المشروع العملاق).
عرفت شيخ المزارعين منذ بداية عملي الصحفي وأنا اختار الاقتصاد كقسم والزراعة تحديداً كتخصص صحفي.
زرت مشروع الجزيرة كثيراً جداً وفي أول زيارة لي للمشروع كان في استقبالنا بكل ترحاب وحفاوة، كان يحدثنا عن الزراعة والجزيرة حديث العارف المحب لأرضه …سألت عنه لأنني لم أتعرف عليه وقلت: من هو المتحدث الآن ؟؟؟ فقد كانت الإجابة هو شيخ المزارعين الأمين أحمد الفكي قلت في نفسي : بالله لأنني كنت أسمع عنه الكثير ولكني لم أره. بعد ذلك تابعت بكل شقف ما يقوله في رحلة امتدت يوماً كاملاً … كان حديثه ينصب في توعية المزارعين وضرورة الارتباط بالأرض لأن الارتباط بالأرض يعني مزيداً من الإنتاج ويعني في نظر محبي الزراعة بالاستيطان … أعجبت جداً بحديثه وجلست معه ساعات طوال وقد حكى لي بأن ثورة الإنقاذ عندما جاءت كانت الزراعة قاب قوسين أو أدنى من الانهيار أو قل ما شئت من التدهور. وأضاف كنا نحن في اتحاد المزارعين نحطط لثورة ضد النظام لأنها أهملت الزراعة ولكن جاءت الإنقاذ فأنقذت الزراعة وحينها أثنينا عن مخططنا وأقنعنا المزارعين بأن ثورة الإنقاذ أكدت في بيانها الأول بأنها مع زيادة الإنتاج والإنتاجية …. فالإنتاج والإنتاجية لا يتم إلا عبر الزراعة والتوسع الزراعي. وقال في حديثه لي بأننا وجدنا في الإنقاذ الجدية التامة للانحياز للعمل الزراعي خاصة وأن البرنامج الثلاثي الذي وضع فور مجيء الإنقاذ قد أكد تحريك جمود الاقتصاد السوداني عن طريق الزراعة وقد كان.
ولأننا نحب الزراعة أحببنا الإنقاذ وأحببنا البرنامج الاقتصادي وأحببنا وزيري المالية والزراعة (عبد الرحيم حمدي وأحمد علي قنيف)، هذا هو شيخ المزارعين “الأمين أحمد الفكي” الذي عرفته.
أتمنى أن يتم تنفيذ جميع أفكاره من قبل مشروع الجزيرة والتي من بينها ضرورة الاهتمام بمحصول القطن، وكان كثيراً ما يقول (القطن شيال التقيلة) وكان يعنى هذا عنده بأنه بإيراد القطن يستطيع المزارع أن يوفر التمويل لبقية المحاصيل الأخرى، كان يفرح جداً عندما تتم إضافة فدان من القطن للمساحات المعلنة والمقترحة في إشارة منه بأن الفدان هذا ربما ينتج (12) قنطاراً مثلاً. ويضيف المزارعون يعرفون تماماً قيمة الـ(12) قنطاراً وماذا تعني مالياً بالنسبة لهم، لأن الـ(12) قنطاراً هذه والتي كانت عبارة عن إنتاج فدان واحد يمكن أن تساهم عائدها في زراعة كمية من الأفدنة.
فالزراعة بحاجة إلى مثل هذه الأفكار … فالقراءة وتطبيق العملية الأكاديمية في الزراعة لا تجدي كثيراً وإنما الخبرة التراكمية خاصة في العمل الزراعي هي التي تجدي وتكون لها مدلولات كبيرة في الإنتاج … فالذي له خبرة تراكمية زراعية يشبه تماماً ذلك الذي يعرف الخريف الجيد من البداية ليخطط للزراعة ويقول لك بكل ثقة (العينة من بداها) فالعينة من بداها تعني أن الخريف معروف إذا كان وابلاً أو طلاً من أول قطرة.
الرحمة والمغفرة للأمين أحمد الفكي الذي سنظل نذكره بجلائل أعماله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية