المشهد السياسي
المعارضون والممانعون للحوار في أزمة..!
موسى يعقوب
أحزاب المعارضة سياسية ومسلحة لم تعرف كيف تحسب مصالحها عبر سنوات وسنوات قبل ذلك، إذ كانت معارضتها وممانعتها للانتخابات العامة والرئاسية التي قامت وكانت لها منجزاتها.. والآن- فيما يبدو– الحوار الوطني والمجتمعي الذي بدأ ممارسة برنامجه ونشاطه المحدد قبل أيام قليلة، كان لها حضورها السوداني الكبير الذي بدأ في العاشرة من صباح “السبت” العاشر من أكتوبر الحالي بقاعة الصداقة بالخرطوم.
الحوار برافديه (الوطني والمجتمعي) التقى فيه أكثر من (90) حزباً وحركة مسلحة قبلت بمبدأ الحوار. واشتمل على ست لجان تجتمع كل لجنة منها لثلاثة أيام في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر تبحث فيها وتدقق في جملة نقاط حيوية منها:
{ الهوية – الاقتصاد والمعاش.
{ الحريات والحقوق الأساسية.
{ بتر الحرب والخلافات التي عانت منها البلاد.
{ العلاقات الخارجية.
وغير ذلك مما تشكل مخرجاته في نهاية المطاف الدستور العام وخريطة الطريق التي تسير عليها البلاد بعد أن افتقدتها منذ الاستقلال في الأول من يناير 1956.
لكن– من أسف- ورغم أن هذا البرنامج القومي للحوار الوطني والمجتمعي قد عكف على الترتيب والتحضير له أهل خبرة وعناية عرفوا بمجموعة (7+7)، فضلاً عن أنهم من أهل الخبرة والوزن إلا أن أحزاب المعارضة السياسية والمسلحة آثرت شأنها في ظروف ومناسبات أخرى لم تفلح أن تعارض ذلك الحوار وتمانعه.
ومن ناحية أخرى، ولهذا جدواه ومعناه، فإن السيد رئيس الجمهورية في خطابه أمام الجلسة الافتتاحية للحوار وفي قرارات سابقة كان قد أطلق ما يهيئ المناخ للحوار ويجعل مخرجاته نافذة، ويضمن ويكفل حرية المشاركة والسلامة للجميع بمن فيهم حملة السلاح والمعتقلون والسجناء.
المعارضون والممانعون للحوار وأشهرهم:
{ الحزب الشيوعي السوداني.
{ حزب البعث.
{ حزب الأمة القومي.
{ الحركة الشعبية – قطاع الشمال.
{ وجماعة السيد “جبريل”.
فالحزب الشيوعي يقول صراحة (لا شأن لنا بمخرجات الحوار)، وذلك عبر الناطق باسم الحزب كما نشرته هذه الصحيفة (المجهر)..!
والمتحدث باسم حزب البعث يعلق على بعض ما جاء في خطاب السيد الرئيس بقوله (الحوار مع النظام لن يقود إلا إلى مزيد من تأزيم الواقع السياسي..!).
إنهما (الحزب الشيوعي وحزب البعث) لا يجدان في الحوار خيراً أو بركة غير أنه يؤزم الواقع السياسي.. ومن ثم لا شأن لهما بمخرجاته.
الشيوعي والبعث شأن حلفائهما لا يرون في غير زوال النظام الحاكم وتفكيك ما يعول عليه أو يرجى منه.. وذلك ما لن يتم بتقديرنا بغير (مخرجات الحوار الوطني والمجتمعي) التي تعهد النظام بالالتزام بها وبوضعها قيد التنفيذ عبر آلية الحوار وما تعمل به وله.
الفرصة متاحة الآن ومواتية لهؤلاء، لأن ينخرطوا ويندرجوا في الحوار الذي يجري شأن الدعوة للاستقلال التي جمعت بين الاتحاديين والاستقلاليين وغيرهم في إجماع رأي وقرار من أجل الاستقلال عن الحكم الأجنبي المستعمر.
إن البلاد في حاجة اليوم إلى إجماع الرأي والقرار وضم اللحمة كما كان الحال بالأمس، ذلك أن المستجدات والمتغيرات التي تهدد الوحدة والموارد ومعينات الأمن والسلام كثيرة. فليلتق هؤلاء بغيرهم اليوم قبل الغد، فلا معنى لأن يقول البعض لا شأن لنا بمخرجات الحوار.. أو يقول البعض الآخر- لا نرى في الحوار أكثر من أنه يؤزم الواقع السياسي..!
إنها نبوءات وقراءات لا تستند إلى واقع أو حسن إدراك.. والكثرة الغالبة اليوم تقلب هموم الوطن وتعمل من أجل أن تخرج منها بالجديد المفيد.
إلا أننا على كلا حال، ومهما يكن من أمر، لا نحجر على أحد أن يقول رأياً أو يتخذ موقفاً.. بيد أننا نرى أن الحكمة وحسن القرار في استنطاق الوقائع والتجارب وقراءة المستقبل.. فلكل من هؤلاء تجاربه وخبرته التي امتدت لسنوات طويلة.. ونخشى عليهم من تراكم الأزمات.
فما ندلي به عنواناً لهذا “المشهد السياسي” من أن (المعارضين والممانعين للحوار في أزمة) ليس بعيداً عن الحقيقة التي جعلت إجماع الاتحاديين والاستقلاليين حول الاستقلال التام في تلك الجلسة البرلمانية من ذلك العام قراراً لا بديل له.
والعاقل من أفاد من الدروس والعبر.. وبالله التوفيق.