حوارات

الدكتور (الصادق الهادي المهدي) مستشار رئيس الجمهورية في إفادات صريحة قبل الإعفاء

إن القضية الاقتصادية المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات وتخفيض الدستوريين، كانت من القضايا الأبرز على الساحة السياسية الأيام الماضية، ولمعرفة المزيد عنها التقت (المجهر السياسي) بالدكتور (الصادق الهادي المهدي) مستشار رئيس الجمهورية الذي أعلن تخليه عن منصب المستشار من أجل الأهداف السامية للوطن. تناول الحوار تلك القضايا وكيفية معالجة الأزمة الاقتصادية، وما هي وجهة نظر حزب الأمة القيادة الجماعية في البديل لرفع الدعم عن المحروقات؟ وأين يقف حزبه منها؟ ولماذا طالب بإعفائه عن منصب المستشار؟ وما هي الأسباب التي دفعت حركة العدل والمساواة لزعزعة أمن واستقرار جنوب كردفان؟ ولماذا هربت قيادات العدل والمساواة من الجنوب بعد بدء التفاوض بين الشمال ودولة الجنوب؟ وما هو الموقف داخلياً من الربيع العربي؟ وأين نضع المواطن السوداني من هذا؟ وما هو مستقبل التفاوض الجاري الآن بين الشمال والجنوب بأديس أبابا؟ وهل يتوقع أن يصل المفاوضون إلى سلام؟ وما سبب الصراع داخل حزب الأمة القيادة الجماعية؟ ومتى يلتئم جرح حزب الأمة؟ نترك القارئ مع إجابات الدكتور (الصادق الهادي) حول ما طرحنا عليه من أسئلة.
{ ما هي قراءتك للوضع السياسي الراهن في ظل التحديات التي تواجه الوطن؟
– إذا أردنا أن نتحدث عن الوضع السياسي الراهن بالبلاد فلا بد أن نصطحب كل الجوانب الأمنية والاقتصادية، ونستطيع القول إن السودان بعد انفصال الجنوب يمر بوضع سياسي متأزم.
{ ما هو السبب؟
– السبب أن انفصال الجنوب جاء بعد حرب طويلة واتفاقية كان من المفترض أن تفضي إلى سلام عادل، ولكن للأسف انفصل الجنوب واستمرت الحرب. والحرب لم تكن على مستوى السودان الشمالي ولا دولة جنوب السودان، تلك الدولة الوليدة، لكن الحرب تعدتهم إلى مناطق تعدّ في قلب الأمة السودانية وفي حدودها، مثل منطقة جنوب كردفان والنيل الأزرق وجنوب دارفور. وهذا يعكس أن اتفاقية سلام نيفاشا قد انتهت إلى مآلات لم ترض المواطن البسيط ولا النخب، لذا ما نشهده الآن من احتقان في الحدود بين السودان ودولة الجنوب، وتفلتات أمنية بمناطق مختلفة يؤكد أن الوضع الأمني غير مطمئن رغم المجهودات الكبيرة التي تقوم بها القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى في رد العدوان عن أي شبر من أرض الوطن.
ثانياً، لقد أثر انفصال الجنوب على الوضع الاقتصادي بالبلاد، والسبب أن كل ريع عائدات البترول ذهب إلى دولة الجنوب.
كان من المفترض الاستفادة من عائدات البترول في إعادة البنية التحتية للزراعة والثروة السمكية حتى لا يتم الاعتماد على البترول اعتماداً كلياً، لأن البترول سينضب، وانفصال الجنوب أيضاً كان له مردود سلبي على السودان، لأن الحرب ما زالت مستمرة والصرف الأمني على الحرب مكلف.
ثالثاً، إذا نظرنا إلى الوضع العالمي والإقليمي وثورات الربيع العربي فستلقي بظلالها على السودان، خاصة بعد التغيير الذي جرى في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن، فإرهاصات التغيير لها مردود على الوضع السياسي الراهن، لأن المعارضة تخطط لإزالة النظام وما جرى من تغيير بالمنطقة يعطيها بريق أمل في التغيير القادم.
أما فيما يتعلق بالوضع العالمي فما زالت الدسائس والمؤامرات ضد السودان مستمرة، وكلما لاحت سانحة أو بريق تجدها برزت بصورة أكثر شراسة، وقد لاحظنا ذلك في القرار (2046). لذا أقول إن الوضع السياسي الراهن متأزم ومحتاج إلى حنكة وحكمة ودبلوماسية.
{ ألا تعتقد أن الوضع الاقتصادي ومحاولة رفع الدعم عن المحروقات يزيد الوضع تأزماً.. وما هي رؤيتكم كحزب للحل؟
– نحن كحزب سياسي وضعنا معالجات للوضع الاقتصادي، وحددناها في أمرين: معالجات اقتصادية فنية، ومعالجات سياسية.
{ ما هي المعالجات السياسية؟
– في إطار المعالجات السياسية لا بد من الوصول لاتفاق مع الأخوة في دولة جنوب السودان عبر المفاوضات الجارية حالياً بأديس أبابا. وحتى لا يوصف الاتفاق بالثنائية، كما جرى في مفاوضات نيفاشا، نريد أن يكون هناك مجلس للحكماء أو يطلق عليه اسم آخر، يتشكل من القوى السياسية إن كانت حكومة أو معارضة، وهذا المجلس يكون مرجعية للمفاوضين في كثير من القرارات المصيرية، وليس بالضرورة أن يكون مجلس الحكماء مرافقاً للوفد المفاوض في أديس أبابا، لكن يمكن أن يكون حاضراً من خلال أجهزة الاتصال الحديثة، وفي حال الوصول لاتفاق بين المفاوضين يكون عليه إجماع من الأمة السودانية.. وهناك جانب اقتصادي آخر متعلق بالقرار السياسي مثل إعادة هيكلة الدولة، فنحن في حزب الأمة القيادة الجماعية نرى أن حكومة القاعدة العريضة مترهلة، ويجب أنت يتم التخفيض على مستوى الوزارات الاتحادية والمستشارين ويكون إلى النصف. ونحن في حزب الأمة القيادة الجماعية مستعدون، وعلى المستوى الشخصي، للتنازل عن منصب مستشار رئيس الجمهورية، وسبق أن قلت ذلك للمؤتمر الوطني، فأنا مستعد للتخلي تماماً عن الموقع في سبيل تحقيق الأهداف الكبرى.
{ وبقية الحزب؟
– حزب الأمة القيادة الجماعية ليست له مناصب تذكر، حصتنا أضعف حصة في الأحزاب المشاركة، لذا إذا كانت هناك مشاركة ينبغي أن تبقى على الحصة الضعيفة وليذهب موقعي.
{ ماذا عن المعالجات الاقتصادية الفنية؟
– الجانب الثاني المتعلق بالمعالجات الاقتصادية الفنية، نجد أن الميزانية الحالية جرى تعديلها ثلاث مرات خلال فترة وجيزة، وهناك أسباب موضوعية بأن دولة جنوب السودان لم تلتزم بالسلام واعتدت على “هجليج”، وهناك أسباب أخرى جعلت وزارة المالية تعدل الموازنة أكثر من مرة. لذا، فالقرار الاقتصادي نجد أن المواطن فقد الثقة فيه.
{ ما هي رؤيتكم للحل كحزب؟
– حزب الأمة القيادة الجماعية يدعو إلى قيام مؤتمر اقتصادي قومي يشارك فيه أهل الخبرة والتكنوقراط وأساتذة الجامعات وأصحاب العمل. هذا المؤتمر تدعو له والدولة وتلتزم بتوصياته عندما تصدر، وهذا سيجدد ثقة المواطن. لذا، نرى، وإلى حين قيام هذا المؤتمر، يجب أن تُعلق كل الإجراءات المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات.
{ أنتم كحزب.. مع رفع الدعم أم ضده؟
– نحن كحزب ضد رفع الدعم، وقلنا ذلك داخل أجهزة الدولة؛ لأن رفع الدعم له أثر مباشر على حياة المواطنين.
{ هل تعتقد أن تخفيض الدستوريين الذي تنادي به الدولة سيحل المشكلة؟
– إذا نظرنا إلى الدستوريين على مستوى الدولة بالمركز والولايات مقارنة بالاقتصاد الكلي، نجد أن النسبة ضعيفة وليست ذات تأثير.
{ ما هو المردود الإيجابي والسلبي لتلك التخفيضات؟
– المردود الإيجابي لذلك أن يكون هناك تنوع في بلد متعدد الأعراق والثقافات، وهناك عامل نفسي وسيكولوجي لدى المواطن، فإذا سعت الحكومة لتخفيض الدستوريين، المواطن نفسياً يحس أن الدولة لم تكن بعيدة عنه، بل هي جزء منه، وبالتالي قامت بتخفيض وزرائها من أجل راحة المواطن، وتقليص وتخفيض مرتباتهم على قلته سيذهب إلى الصحة وإلى التعليم وغيرهما من الخدمات التي يستفيد منها المواطن.
ثانياً، أن تلك الإجراءات ستجدد الثقة لدى المواطن.
{ إذا ظل الموقف متأزماً.. هل هناك معالجات أخرى؟
– إذا تأزم الموقف يمكن الدعوة لقيام انتخابات مبكرة، أو أن تشكل حكومة ذات قاعدة عريضة (ليس حجماً)، وأن تقام الانتخابات خلال فترة زمنية محددة لا تتجاوز العام، وهذا ربما يعيد الثقة في نفس المواطن ويشعر بجدية الحكومة ومعالجتها لقضاياه ومشاكله اليومية. وهناك جانب آخر مهم جداً، هو المواطن نفسه، فهو مدرك  للمخاطر الأمنية التي تحيط بالوطن، وبالتالي هو في حالة موازنة بين مطالبه الشخصية وما تحققه الحكومة من أمن، فالسودان الآن ليس مصر ولا كبقية الدول الأخرى، السودان به حركات تحمل السلاح، بجانب الاستهداف الدولي، وكلها تشكل خطورة على الوطن والمواطن على مستوى الريف والعواصم. لذلك أرى أن المواطن ذكي وحصيف ويوازن بين ضنك الحياة التي يعيشها وما تحققه الحكومة من أمن، فنحن لا نريد أن نأسف على ذهاب هذه الحكومة، والأمن لن يتحقق إلا عبر الحوار والمفاوضات التي تفضي في النهاية إلى السلام.
{ والربيع العربي؟.. فإذا نظرنا إلى الدول التي جرى فيها كانت القبضة الحديدية هي سبب هذا الربيع والسودان الآن يواجه مشكلة اقتصادية وزيادة في الأسعار.. فهل هو بعيد عن ذلك؟
– ما قلته في الإجابة السابقة رد على سؤالك. المواطن السوداني ذكي وحصيف، يوازن بين ضنك حياته ومتطلبات الأمن، فالاعتداءات التي تقع على بعض المناطق من قبل الحركات المسلحة تجعل المواطن يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على إحداث أية فوضى.
{ هل يعني هذا أن السودان محصن من الربيع العربي؟
– السودان ليس محصناً من الربيع العربي، وسبق أن مرّ بتجارب مماثلة للذي جرى في بعض الدول العربية الآن، في ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985، لكن المواطن وقتها لم يحس بمردود إيجابي للثورات التي حدثت، ولم يشعر أنها أرضت طموحه، ولم تحقق له الأمن والاستقرار، لذلك عندما ينظر المواطن لتلك التجارب السابقة سيفكر بعقل مفتوح قبل أن يقدم على أية خطوة لا يدرك أنها ستصب في مصلحته.
{ جرت أحداث واعتداءات متكررة بمنطقة جنوب كردفان رغم أنها لم تكن ضمن مناطق الصراع.. فما الذي دفع المتمردين لتأجيج الصراع فيها؟
– تأجيج الصراع أعزوه للتمرد الذي وقع على المدن الكبرى لجنوب كردفان من متمردي دارفور الموجودين بالمنطقة الحدودية ما بين الشمال ودولة جنوب السودان، وإذا نظرنا إلى حركة العدل والمساواة بعد خروجها من ليبيا نجد دولة جنوب السودان قد احتضنتها، لذلك الاعتداءات التي وقعت على منطقة جنوب كردفان كانت من قبل حركة العدل والمساواة.
ثانياً، بعد أن بدأت المفاوضات بين دولتي الشمال والجنوب بدأت تلك الحركات تحس بعدم الطمأنينة داخل جنوب السودان، لذلك بدأت التحرك شمالاً بدون تخطيط أو تأمين، واعتمدوا في حياتهم على عمليات السلب والنهب، فاضطربت المنطقة على كل الشريط الحدودي، ونتوقع أن يظل الاضطراب الأمني بها إلى أن يتحقق السلام العادل، والسبب أن المنطقة غنية بالموارد الزراعية والحيوانية والمعادن والبترول، واضطراب المنطقة الحدودية بسبب الرعاة والمزارعين يحتاج إلى الحكمة والمعالجات السياسية السريعة.
{ بدأت جولة من المفاوضات ما بين الشمال ودولة الجنوب بأديس أبابا.. ما هي توقعاتك لها وهل يُتوقع أن تحقق السلام في ظل عمليات الشد والجذب بين الطرفين؟
– التفاوض أصبح فناً يدرس، فالوفد الجنوبي يمتاز بالمراوغة وإبراز ما يريده من تلك المفاوضات، لذلك نراه يقوم بتقديم خريطة لدولة الجنوب مستقطعة لأراضٍ من دولة الشمال، وهذه الخريطة لم تكن أصلاً ضمن أجندة المفاوضات، كان يفترض أن يتقدم الوفد الشمالي بخريطة أخرى مستقطعة لأراضٍ بالجنوب طالما هناك فن في العملية، وعليه أن يقدم نفس الحجج التي يقدمها الوفد الجنوبي.. المشكلة في هذا التفاوض أنه محكوم بثلاثة شهور من صدور القرار (2046)، لذلك لا يمكن تجزئته. وإحساسي أن الوفد الجنوبي بدأ يماطل ويحدث نوعاً من (الجرجرة) في الزمن حتى يتحول الملف من ملف تفاوض إلى ملف تحكيم دولي، والتحكيم الدولي نحن نخشاه لأنه ليس عادلاً، لذلك ما زلت أنادي بمجلس حكماء لمساعدة الوفد الحكومي في اتخاذ القرار. لذا، لا بد من الإسراع لتكوين المجلس لتقديم الدعم السياسي وإصدار القرار الذي يقدم بإرسال رسائل للمجتمع الدولي ولدولة جنوب السودان.
{ قبل انطلاق جولة المفاوضات بين دولتي الشمال والجنوب البعض كان يرى أنه لا بد من ضخ دماء جديدة في الوفد الشمالي المفاوض؟
– هذا حديث صائب، لأن جل الوفد الشمالي المفاوض من المؤتمر الوطني ونحن لا نريد أن يكون القرار الصادر يمثل حزباً واحداً، لأن القضايا التي يشارك في نقاشها الوفد الشمالي قرارات مصيرية وتتطلب أن يتحملها الجميع. لذلك، أرى أن مجلس الحكماء ضروري، ولا نريد أن نكرر ما حدث في نيفاشا، نريد أن يدعم الوفد بقوة سياسية.
{ تقدم الأستاذ (علي عثمان محمد طه) النائب الأول لرئيس الجمهورية بكشف حساب لمرتبه أمام البرلمان.. ما هي الرسالة التي أراد أن يوجهها السيد النائب من ذلك؟
– في ظني أن السيد النائب الأول أراد أن يؤكد للشعب السوداني أن مخصصات الدستوريين ليست بالحجم الذي يتحدث عنه الناس بهذه الصورة المهولة، لذلك أبرز البيشيت لمرتبه الذي يتقاضاه شهرياً.
{ هل تستطيع أن تكشف لنا عن مرتبك؟
– إذا كان مرتب النائب الأول، وحسب ما أعلنه، لم يتعد العشرة آلاف جنيه شهرياً فكم تتوقع أن يكون مرتب المستشار، بالتأكيد سيكون أقل من ذلك بكثير.
{ إذا انتقلنا بك إلى حزب الأمة القيادة الجماعية.. ما الذي يحدث الآن داخل الحزب وما سبب الصراعات داخله؟
– ما حدث داخل حزب الأمة القيادة الجماعية سببه التعيينات الأخيرة، فهناك طموح لدى بعض الأشخاص فأرادوا أن يكونوا ضمن الحصة التي أعطتها حكومة القاعدة العريضة للحزب، ولكن هؤلاء تجاوزوا المؤسسية والعرف، وما يحدث ما هو إلا تفلتات من البعض وغضب لعدم استيعابهم في العمل الدستوري. نحن في حزب الأمة القيادة الجماعية نعمل داخل منظومة حزب مؤسس وليس وكالة توظيف، ولم نأت لتوظيف زيد أو عبيد، نحن حزب له برنامج وله طرح ورؤية في المشاركة في كافة القضايا ولن نستطيع أن نرضي كل الناس بالتعيينات، فمن جاء للحزب بقناعته مرحباً به ومن أراد أن يكون الحزب سلماً ليصعد به إلى المواقع الدستورية فليذهب غير مأسوف عليه..
{ ولكن يقال إن الدكتور (الصادق الهادي) الذي هرب من حزب الأمة القومي لبعض الممارسات فيه حاول أن يمارسها هو الآن؟
– حزب الأمة القيادة الجماعية، أؤكد لك أنه اسم على مسمى فكل القرارات فيه تتخذ بجماعية وفق منهج ديمقراطي شفاف، وكل الذين يعملون معنا في الجهاز التنفيذي يعلمون هذا الأمر تماماً. أما الأصوات التي تعلو الآن كانت أسبابها عدم التعيين في الجهاز الدستوري.
{ هل من سبيل لوحدة أحزاب الأمة؟
– نحن مع وحدة أحزاب الأمة، وهي هدفنا الأساسي والإستراتيجي، وظللنا في كل اجتماعاتنا نتحدث عنها ونسأل رئيس لجنة الوحدة في كل اجتماع ماذا فعلت في ذلك، فنوايانا موجودة نحو الوحدة، لكن لا نريد أن تكون الوحدة كالتي حدثت قبل فترة بين الأمة القومي والإصلاح والتجديد.. نريد للوحدة استمراراً وديمومة، نريد أن تكون هناك وحدة ترضي جميع أهلنا الأنصار، وأؤكد عبر صحيفتكم أننا مع الوحدة الموضوعية الحقيقية التي نضمن استمرارها قلباً وقالباً.
{ وماذا عن مؤتمركم العام؟
– نحن بصدد قيام مؤتمرنا العام، والآن بدأنا المؤتمرات القطاعية، بدأنا بقطاع الشرق الذي يضم ثلاث ولايات: البحر الأحمر، كسلا والقضارف، وسيعقد الأسبوع القادم مؤتمر القطاع الأوسط الذي يضم ولايات: النيل الأبيض، الجزيرة، سنار والنيل الأزرق، ومن ثم مؤتمر كردفان الكبرى، فانعقاد المؤتمر العام بعد انعقاد مؤتمرات القطاعات ستكون مخرجاته هي مرجعية الحزب، وأي قرارات يصدرها سنكون ملتزمين بها وسيتم تنفيذها.
{ البعض يعتقد أن المؤتمر الوطني سعى لتقسيم الأحزاب الكبيرة والانقسام جاء بأحزاب ضعيفة؟
– حقيقة أن نشأة أحزاب الأمة كانت لها أسباب موضوعية، وهي ناتجة عن الأمة الإصلاح والتجديد، فكل أحزاب الأمة التي تشارك في حكومة القاعدة العريضة كانت حزباً واحداً، ونتيجة لبعض الأخطاء السياسية التي وقعت فيها قيادة الإصلاح والتجديد حدثت (الفركشة) بهذا الشكل أو بهذه الصورة، وحاولنا توحيدها في حزب واحد لكن طموحات الأشخاص لم تحقق هذه الوحدة. حقيقة أن هذه الأحزاب ومنذ نشأتها كانت لها ظروف وأسباب، لكن تجربة الإصلاح والتجديد لها إيجابيات وسلبيات.
{ ما هي إيجابياتها؟
– من إيجابياتها أنها تشارك في هذه الحكومة برؤى، ومن إيجابياتها أنها جعلت الحكومة متعددة، بمعنى أنها تحولت من حكومة الحزب الواحد إلى حكومة يشارك فيها أكثر من عشرة أحزاب سياسية، والخطوة التي أقدم عليها الشريف الهندي وحزب الأمة الإصلاح والتجديد كانت خطوة قوية وأدت إلى مزيد من الانفتاح السياسي الذي ننعم به الآن، ونريد مزيداً من الانفتاح والتحول الديمقراطي، فمشاركتنا كانت بهدف التحول الديمقراطي والتنمية والاستقرار.
{ وما هي السلبيات؟
– أي عمل سياسي كبير يأتي إليه من هو صادق للإصلاح ومن له أهداف شخصية ذاتية، لذلك فإن أصحاب المصالح الشخصية تجدهم هم الذين يقودون الانقسامات، ويسعون لتحقيق مآربهم من خلال هذه الانقسامات.
{ أنتم كحزب هل تمارسون عملكم بحرية دون تدخلات أو ضغوط؟
– هذا الأمر نصنفه إلى نوعين: القرار التنفيذي الدستوري والقرار السياسي، فالقرار التنفيذي الدستوري يحق لأي وزير في وزارته أن يفعل ما يشاء وقد يصطدم ببعض العقبات، فالمؤتمر الوطني حزب حاكم ظل لفترة طويلة ممسكاً بزمام الأمر، لذلك لا بد من وجود مراكز قوى في الوزارات، فالوزير القادم من حزب آخر سيصطدم بهذه المراكز ولكن في النهاية القرار قرار..
أما فيما يتعلق بالقرار السياسي، فهناك بعض القضايا يحدث فيها نوع من التفاكر مثل الدستور، والقرارات الأخيرة المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات تحدث فيها المشورة، لكن هناك قضايا لا تحدث فيها مشورة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية