الديوان

من قلب النهود .. مهن جديرة بالاحترام

من (صرة) كردفان الغرة
النهود ـ الخرطوم ـ نهلة مجذوب
في كل بقاع الأرض هناك مدائن معتقة إنسانها يمنح المكان عبقريته وتفرده،  ومن بينها النهود الساحرة تلك البقعة الطاهرة وهي مدينة لا يمكن تجاوز عراقتها، فعندما بدأت المدن السودانية تتشكل وتنمو وتزدهر كانت النهود تتفتح كزهرة في سهول كردفان الغرة.. ومع مرور الأيام اكتمل نموها إلى أن صارت مدينة لها طعمها ورائحتها ونكهتها الخاصة.
ومن النهود هناك حيث العراقة يوجد أناس يصنعون الحياة ويضيفون للمدينة بعداً ثالثاً أحبوها وبرعوا فيها، فصاروا جزءاً من المزاج العام وألوان وظلال وزوايا مدينة “النهود” العريقة (صرة) كردفان الغرة.. (المجهر) وقفت أمام موقعين الأول محل لتقديم وجبة الأقاشي بطعمها ونكهتها اللذيذة والثاني صالون لحلاق فنان
(جنة) خريج جامعة الجزيرة صانع الأقاشي
وعن الأقاشي الوجبة التي تشتهر بها كردفان وفي النهود أطعم وألذ عند “حامد أحمد محمد عمر” الشهير بـ(جنة) يحدثنا أن  (أقاشي) كلمة أفريقية تعني لحماً متبلاً ويطهى بطريقة (المناصيص) وهي وضع اللحم في شكل دائرة حول النار.
أما لقبه اللطيف (جنة) فيقول إنه اسم طفولة استمر وطغى على اسمه الحقيقي، كما يبين أن علاقته بالمهنة بدأت منذ الصبا في أولى (متوسطة) بمكان صديق والده (الخال) “سعيد رحمة” وهو من أشهر صانعي (الأقاشي) بـ”النهود” حي (الزبال).
وعن خلطة الأقاشي يقول إنها تسمى (الدقة) ومكوناتها الفول السوداني المحمص ودقيق الدخن والبهارات الناشفة من قرفة وجنزبيل وقرنجال وفلفل وكمبا، إضافة إلى الملح بنسبة معينة، وكشف أن عملية الخلطة لكل معلم سر من أسرار المهنة لا يبوح به البتة، ويوضح أن بإمكانه معرفة أي (أقاشي) ومن صنعه عند تذوقه. ويضيف أن مراحل صناعة (الأقاشي) بدأت برص اللحم على أعواد نباتية والآن أصبحت الأسلاك المعدنية. كما يبين بحسب السؤال أن أي من اللحوم ممكن أن يكون (أقاشي) لكن الجودة تأتي من انتقاء الجيد منها. وعن كيفية صنعه يوضح أنه يقوم بتقطيع اللحوم إلى قطع صغيرة ويضعها متراصة في السلك المعدني ثم يتبلها بالخلطة المعروفة ويرصها في شكل دائرة حول النار، مضيفاً أن هنالك طرقاً مختلفة للنضج.
يحكي “جنة” أن تعليقات الزبائن تبدو طريفة في كثير من الأحيان على (الأقاشي) مثل (حوش اللحم) و(التقابة) نسبة لوجود النار في الوسط، بجانب موقفه عندما ذهب رحلة مع طلاب كلية الطب، فكثرت تعليقاتهم حول هذا الشاب الذي يمتهن صنع (الأقاشي)، وعندما عرفوا أنه خريج جامعة الجزيرة – كلية الزراعة – قسم الإرشاد الزراعي أحسوا بالحرج ولم يأتوا إلى مكان التجهيز حتى انتهاء الرحلة.
عن أشهر أنواعه يقول الآن صارت هناك أصناف من (الأقاشي) هي سمك، فراخ، إبل، لكن الأصل العجالي، أما الماعز والضان فهي للرحلات والطلبات الخاصة.
الحلاق “أبو كرنك” .. موعد مع تغني بالميعاد
أما “إبراهيم يحيى محمد عبد الله” الشهير بـ(بكرنك) فهو يمتهن مهنه الخلاقة، فضلاً عن اهتمامه بالغناء والموسيقى فاشتهر أيضاً كعازف إيقاع وكان لاعباً بفريق الأهلي، كما يعد من ظرفاء مدينة النهود، وبجوار (مصرف المزارع التجاري) وتحت ظلال شجرة (النيمة) التي تعرف بـ(البرلمان) توجد (تربيزة) الحلاقة الخاصة فهو يمتهن الحلاقة منذ العام 1965م.
“أبو كرنك” تمنى أن يكون عازفاً للإيقاع بفرقة “بادي محمد الطيب” عندما زار “النهود” ولم تتحقق، لكنه يرى أن عزفه مع فنان المنطقة “لون” أضاف إليه بعداً خاصاً فقد تطورت مقدراته معه.
“أبو كرنك” الفنان اعتزل الفن نهائياً في 1984م وكان يجد نفسه في عزف أغنيات (الميعاد، حبيبنا الما منظور نسانا، وأنا صابر في حبك).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية