رأي

المشهد السياسي

“أبو الناس” الذي رحل..!!

موسى يعقوب

(السبت) 5 سبتمبر– أيلول 2015 – 21 ذو القعدة 1436هـ رحل وفارقنا الصحافي العريق “الشيخ إدريس بركات” المعروف بـ(أبو الناس)، ووري الثري مساء نفس اليوم في (مقابر أحمد شرفي) بأم درمان، حيث يسكن وحيث (حوش الأسرة) المعروف.. وقد هرع إلى تشييعه رموز من أبناء جيله، وعارفي فضله في المهنة، التي وهبها عمره، وهو الذي ولد في عام 1934 ورحل بعد أن تجاوز سن الثمانين– رحمه الله.
الراحل أمدرماني عريق، وكسب من تلك العراقة والاتصال بالأجيال الكثير، وبخاصة أهل السياسة والصحافة والمجتمع شأن ابن خالته الراحل الصحافي “توفيق صالح جاويش”، الذي شاركه وقاسمه العمل الصحافي المبكر.
وأشهر مراحل الراحل “الشيخ إدريس بركات” في العمل الصحافي، كان قد بدأها في أول ستينيات القرن الماضي– أي عندما أسس الراحل “عبد الرحمن مختار” (ملك التابلويد) صحيفته (الصحافة)، شأن كثيرين من زملائه الذين رحلوا، كالأستاذ “محمود إدريس” والأستاذ “شريف طمبل” وغيرهما، عليهم الرحمة.
وإن كان لكل من هؤلاء دوره منذئذٍ في الإدارة والتصحيح وغير ذلك، إلا أن “الشيخ إدريس بركات” اشتهر وعرف أكثر- وهو ابن الجيل الثالث من الصحافيين السودانيين الذي التحق بالمهنة بعد الاستقلال- بأنه أمير وملك الصحافة الدبلوماسية، حيث كان مهتماً بأخبار وزارة الخارجية السودانية، والدبلوماسية على وجه الجملة.
لقد عُرفت علاقته بالأستاذ “أحمد خير” المحامي وزير الخارجية في عهد الرئيس “عبود”، وبرئيس الوزراء السوداني “محمد أحمد محجوب”، ووزير الخارجية فيما بعد الدكتور “منصور خالد”، وهو من أبناء أم درمان. وهكذا ظلت علاقاته واتصالاته بنوافذ ورموز العمل الدبلوماسي مستمرة، إلى أن قعد به المرض في السنوات الأخيرة.
ورغم أني لم أكن صحافياً متفرغاً للعمل الصحافي، يومئذٍ، عندما كان الراحل “الشيخ إدريس” ممسكاً بعدد من الملفات في صحيفة (الصحافة)، وأشهرها الملف الدبلوماسي ، عرفت في الراحل (أبو الناس) حسن الخلق وسعة الأفق وإتاحة خبرته في العمل الصحافي وغيره للشباب والذين هم في بداية الطريق.
غير هذا، لابد أن نسجل في هذه الإطلالة على سيرة وعمل الرجل في غيابه، أنه ورغم تقلب الأزمنة والأنظمة، منذ عهد الفريق “عبود” إلى عهد (الإنقاذ).. وتقلب صحيفة (الصحافة) إدارة وتوجهاً– تقريباً– فإن الرجل ظل ممسكاً بالعمل في صحيفة الصحافة، برئاسة الأستاذ “فضل الله محمد”– حفظه الله – والأساتذة الراحلين “محمد الحسن أحمد”، “موسى المبارك”، “محمد سعيد معروف” و”الحسين الحسن”.. بل حتى كان حجب اسم (الصحافة) في عهد الإنقاذ الوطني، وظهر اسم (السودان الحديث) تحت رئاسة تحرير “النجيب قمر الدين” و”فتح الرحمن النحاس”، حفظهما الله.
 “الشيخ إدريس بركات” الذي عرفته مائدة (إفطار الجمعة) في منزل مولانا “دفع الله الحاج يوسف”– حفظه الله – عرفته أيضاً كل محافل أم درمان، وهو الأمدرماني والصحافي الأصيل– رحمه الله وغفر له.. والنعي موصول لأسرته ولزملائه وعارفي فضله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية