تقارير

ارتفاع رسوم الجامعات الحكومية .. وأرقام فلكية لقبول الطلاب !!

من المسؤول عن المغالاة وأين موقع الصندوق القومي لرعاية الطلاب
تقرير- عماد الحلاوي
تفاجأ نحو (150) ألف طالب وطالبة في الجامعات الحكومية بفرض عمادات الطلاب بالجامعات الحكومية المختلفة، زيادة كبيرة في رسوم التسجيل للطلاب المقبولين لهذا العام (2015-2016)، الأمر الذي جعل  أولياء الأمور في حيرة من أمرهم لهذا التصاعد المستمر في الرسوم.
وأغلقت عمادة الطلاب بجامعة الخرطوم الباب أمام أولياء الأمور المستنجدين بها من أجل مستقبل أبنائهم بوضع ملصق يؤكد لهم أنه (لا إعفاء- لا تقسيط- لا تأجيل).
وقال مسؤول بعمادة الطلاب بجامعة السودان إن الرسوم الجامعية تحدد وفق الوثائق التي يقدمها الطلاب من شهادات دخل ولاة الأمور والحالة الاقتصادية ونوعية الوظيفة، وهناك تصنيفات تنقسم إلى (6) من ذوي الدخل، ولكل واحد رسوم معينة، الأدنى حداً لها (2-6) ألف جنيه، وغالبية الطلاب يندرجون في حدود الحد الأدنى.
وأكدت عمادة الطلاب بجامعة السودان على أن الرسوم الدراسية لا تبنى على التكلفة الحقيقية فالطالب يكلف (30) ألف جنيه، في الكليات العلمية التي تختلف من كلية إلى أخرى وتزيد في كليات الطب لتصل إلى (80) ألف جنيه.
رسوم باهظة
أبي مزارع بمشروع الجزيرة، كيف يمكنني أن أدفع الرسوم؟… هكذا أجابت علينا الطالبة “تغريد” من جامعة الخرطوم،  لتقول إن ارتفاع الرسوم وتكاليف الدراسة والمواصلات سترهق والدها بشكل كبير. وتضيف قائلةً: “(أبي متوسط الحال، باع كل شيء من أجل أن يدفع لي الرسوم).
فيما أشار “عمر يعقوب” إلى أن أمل حياته في إكمال أخيه  “أسامة” دراسته الجامعية بأي شكل، ويضيف بنبرة حزينة: (وفاة والدي الذي كان يُعيلنا، وفقرنا وارتفاع تكاليف الدراسة الجامعية، حال دون أن التحق بالجامعة العام الماضي، فجمدتها من أجل إخوتي فأنا أكبرهم).
الطالب “منتصر علي” (جامعة الزعيم الأزهري)، يعتبر أنه والعشرات من زملائه الجامعيين يعانون من ارتفاع الرسوم.
العمل لإكمال الدراسة
ونظراً لمعاناة الطلاب من توفير تكاليف ورسوم الدراسة الجامعية، ينتشر في ولاية الخرطوم طلاب جامعات قد تركوا مقاعدهم الجامعية مؤقتاً واتجهوا إلى العمل في تقاطعات الشوارع والمطاعم والمحال التجارية. “أحمد الشبلي”، بائع متجول في سوق بحري، في السنة الثالثة في جامعة أم درمان الإسلامية، وجدناه  مفترشاً الأرض وينادي على بضاعته (أي حاجه بي خمسة)، مؤكداً أنه يعمل لتوفير الرسوم الجامعية.
موقف آخر اتخذه الطالب الجامعي “أحمد عمر الشيخ”، فأحمد يعمل بائعاً في محل تجاري وأجل دراسته عامين لعدم تمكنه من توفير الرسوم الجامعية قائلاً لنا: (لا أعرف كيف يمكنني أن أكمل دراستي الجامعية، الأمر يتعلق بتوفيري للرسوم والمصاريف الجامعية).
 لكن “منصور” الذي تمكن من الالتحاق بشرطة المرور، وفر رسوم دراسته الجامعية. ويقول: (اضطررت للعمل كشرطي مرور لتوفير مصاريف إخوتي والجامعة).
المُطالبة بتخفيض الرسوم
وليست الطالبة “هند” من جامعة القضارف أفضل حالاً من غيرها، فالعبء والهم على والدها المعاشي كبير لاسيما وأنها تدرس في الجامعة مع شقيقين آخرين. وتتساءل “هند” قائلاً: “لماذا لا يتم تخفيض الرسوم أو حتى جعل التعليم مجانياً، حتى لا يُحرم شبابنا من التعليم الجامعي؟).
 أما الطالبة “مريم” من جامعة الخرطوم  فلم تستطع توفير قيمة الرسوم كاملة، مشيرة إلى أنها طرقت أبواباً خيرية كثيرة لتساعدها في تسديد الرسوم، فلم تجد أي مُساعد. مكابدة دموعها أضافت “ميساء” في حديثها: (المفترض بالجامعات أن تقوم بتقييم الحالة الاجتماعية للطلبة، وتعفي غير المقتدرين منهم من دفع هذه الرسوم).
مسؤول الكفالة والرعاية الاجتماعية بالصندوق القومي لرعاية الطلاب قال:(الصندوق غير معني بموضوع الرسوم، لأن الرسوم في الأساس هي للجامعات، والجامعات هي مؤسسات وأجسام من الدولة).. وأضاف لـ(المجهر): (فإذا كان هناك مراعاة للرسوم لتخفيضها أو تقسيطها فهذا يتم من قبل الجامعات، لأنها الجهة الوحيدة التي تحدد رسومها وكيفية تحصيلها).
اتحاد الطلاب حاضر
وعن معالجات القضية من قبل اتحاد الطلاب، أكد المعنيون هناك أنهم على مستوى اتحاد الطلاب لاحظنا الزيادة الكبيرة في الرسوم، من خلال طلب كثير من الطلاب المعسرين مساعدتهم في الرسوم الدراسية، وبناءً على هذه الزيادة قام الاتحاد بخطوات عملية وهي تشكيل لجان عبر اتحادات الجامعات المختلفة التي تمثل الاتحاد، وكان لهذه اللجان دور كبير في تخفيض وتقسيط الرسوم الجامعية للكثير من الطلاب.
وأشاروا إلى أن جامعة الخرطوم التي كانت الأكثر في زيادة الرسوم، وعبر اللجان التي كونت ساهم اتحاد طلاب الجامعة في تخفيض وتقسيط وإعفاء كثير من طلابها، ومازالت هذه اللجان مستمرة.
ليست من أهدافنا
وداخل أروقة صندوق رعاية الطلاب أكد المسؤولون هناك أن الصندوق هو جهة داعمة ومساندة للجامعات وللتعليم العالي، من خلال القيام بأعباء الخدمات للطلاب والتي تشمل (الإسكان، الترحيل، الكفالة، العلاج، الزي بالنسبة للطالبات الفقيرات، دعم حالات خاصة، رعاية اجتماعية)… لكن الرسوم شيء خاص، فالصندوق القومي لرعاية الطلاب في بحثه عن موارده وجلبه لتلك الموارد يحاول بقدر الإمكان أن يعطيها للطالب، للاستعانة بها في حياته الأخرى التي يتقوى بها على الدراسة وتحصيله الأكاديمي، لكن الصندوق ليس في قانونه ما يتيح له أن يتدخل في الرسوم، لأنه بهذا الشكل سوف يفقد هدفه. ومن ناحية أخرى لا نريد أن يكون الصندوق جهة جابية للجامعات في رسومها.
الأمين العام لوزارة التعليم العالي الدكتور “عمر المقلي” عندما سألناه عن من المسؤول عن تحديد الرسوم الجامعية، قال: (الرسوم الجامعية متروكة لإدارة الجامعات والتعليم العالي لا علاقة له بها، لكنه نبه إلى أنه في حالة استفحال مشكلة الرسوم في أي جامعة للدرجة التي تصبح مهدداً لاستقرار الجامعة فبالتأكيد، فإن وزير التعليم العالي يقوم بالتدخل وله الحق الكامل في ذلك).
هكذا يعاني طلاب الجامعات الحكومية من مشكلة متجددة باتت تشكل كابوساً يرهقهم وأُسرهم بداية كل عام جامعي … فقد أصبحت مشكلة الرسوم الجامعية عقبة رئيسية تحول دون إكمال الكثير من الطلاب لدراستهم… وآخرون يكدحون في أعمال، تُمكّنهم من مواصلة المسيرة الجامعية… وأبناء فقراء أنهوا المرحلة الثانوية ولم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعات، فتحطمت أحلامهم على صخرة الرسوم الدراسة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية